أول ما يتبادر إلى الذهن أنني أقصد بالإزعاج صوت السيارات أو ضرب بالمطارق أو ضجيج المصانع والمضخات أو ارتفاع أصوات رجال مختلفين في قضية كبرى وهذا كله من صخب الحياة وروتين التمدن الذي اعتادت عليه نفوسنا وأصبح دليل على طبيعة الحياة.
لكنني هنا أرمي إلى إزعاج من نوع آخر أقصد تلك الأصوات التي تتعالى وأنت في الصلاة ، أتيت للمسجد لتعيش مع الله لحظات ترمي هموم الدنيا خلفك تبحر في معاني آيات كتاب ربك ، تتذكر إليم عقابه فتخافه وتستشعر رحمته فترجوه ، وما أن تستكن نفسك وتعرج روحك في سماء القرآن وبحبوحة الإيمان حتى تسمع صراخ أشبه بصراخِ ملدوغ ونحيب يذكرك بنحيب الثكالى فتلتفت قليلا وإذا بأبٍ يخرج ريالا فيعطيه لصغيره ويسكته وإذا بالطفل يجول المسجد كله فرحا بما وهبه أباه ، ووالده يحاول تدارك الموقف يعظ على شفتيه أعلن الويل لطفله إن لم يسكت.
نعم هذه صورة اعتادت عليها كثير من مساجدنا
والإزعاج في المساجد على ثلاثة صنوف
أولها: إزعاج الصغار
وكلنا يعرف هدي المصطفى ﷺ في إحضار الأطفال إلى المساجد وما في ذلك من تربيتهم على تعظيم الصلاة وإجلال لبيوت الله
وقد قال أحد الفضلاء قديما: ( لو أن الأمر بيدي لأقمت بالمساجد ألعاب للأطفال حتى تكون المساجد محببة لقلوبهم فينشئوا على حبها وحب الصلاة وحب الإسلام )
لكن مقارنة بالواقع من يأتي مع أبوه يفارقه عند باب المسجد فيأخذ المسجد طولاً وعرضا يلعب مع أقرانه ويلهو حتى أصبح دخوله للمسجد والملعب لا فرق .
أما ثاني المزعجين هم أولئك الذين ميزو الخطأ من الصواب وغالباً لا يحدث منهم شيء إلا إذا اجتمعوا مع أقرانهم فتسمع الضحكات والضربات طيلة الصلاة حتى يسلم الإمام وبعدها تجد وكأن على رؤوسهم الطير وذلك لأننا غرسنا فيهم الخوف من الناس قبل الخوف من رب الناس.
وحتما إذا حدث إزعاج من أحد الصنفين السابقين وبعد التسليمتين تسمع إزعاج آخر ينسيك الأذكار بل من المحتمل أن تأخذ نفسك وتخرج مسرعاً خوفاً من نشوب اصطدامات لا يحمد عقباها وهذا النوع ينبري له أحد الكبار يوبخ ويزجر ويهدد ويصيح على آباء المزعجين وإن كان الطفل بجواره فبنسبة كبيرة تتولد لديه كراهية للمسجد ولأهل المسجد.
والواجب علينا أن نعرف حق المسجد معرفة حقيقة ، يجب أن نزرع في نفوس أطفالنا تعظيم بيوت الله.
فاللهم أجعلنا لبيوتك عامرين ولحقوقك مؤدين
{ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء } [ إبراهيم40 ].
عبدالرحمن الحميري
التعليقات 18
18 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
نايف المهابي
12/09/2013 في 1:15 م[3] رابط التعليق
كلام في غاية الاهميه. ومقال رائع وجميع الاصناف نستطيع ان نعالج ما بها من اخطأ
واظن ان هذه المشاكل في اغلب الاحيان تكون في مساجد الحي الذي يتعارف اهله اغلبهم علي بعض
ناصر العضيلة
12/09/2013 في 1:19 م[3] رابط التعليق
رائع كما اعتدناك دوما..
عوفيت ووقيت كفيت ..
ابو ميلاف
12/09/2013 في 1:29 م[3] رابط التعليق
مقال جيد اخ ابو لمار … ولكن اختلف معك فيه .. فزجر الاطفال ومعاقبتهم عندما يزعجون المصلين لابد منه لغرس عظمة بيت الله في قلوبهم ..نعم نشجعهم لادٱء الصلاة بالمسجد ولكن عندما يتهاون الاب في توضيح اهمية احترام المسجد ويسارع كل اب في تبرئة ابنائة ورمي اللوم على غيرهم .. فلا غرابه بانتشار ذلك على الجميع … دمتم بود
أحمد الحاتمي
12/18/2013 في 9:26 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع كروعتك أخي وحبيب قلبي
عبدالرحمن ( أبو لمار))
عبدالمجيد الشمري
12/09/2013 في 1:37 م[3] رابط التعليق
مقال رائع يا أبو لمار الله يجزاك خير
عبدالله الصعب (أبو يوسف)
12/09/2013 في 2:09 م[3] رابط التعليق
في قمة الروعة ياأبا لمار وقعت على الجرح وأتمنى من كل مسلم أن لايكون
سبب في إشغال أخيه عن عبادته أيا كانت الطريقة.
محمد العمري
12/09/2013 في 2:10 م[3] رابط التعليق
مقال رائع يصدر من شخص أروع
تقريباً لا يخلو مسجد من مساجدنا من هذه الظاهرة
الغير محمودة وما يتبعها من علاجات هي في ذاتها معظلات
تعالج الخطأ بالخطأ، نحتاج الى منهج سليم نربي النشء عليه
على اسس إسلامية تربوية مستمد من منهج سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام. … موفق ابا لمار
عمر عوض
12/09/2013 في 2:15 م[3] رابط التعليق
مقال رائع استاذ عبدالرحمن لامس هموم المصلين الله يكتب اجرك ولابد تفعيل دور المدرسه والبيت واشعار اطفالنا بعظمه المساجد وعدم اللعب فيها والله يحفظهم
رائد العيافي
12/09/2013 في 3:19 م[3] رابط التعليق
كثيراً مانعاني ،. لمثلهم ..
ولكن .. ثقافة التربية والتشجيع .. لدى الأباء .. وجع أبنائهم ..
أكثر تقيدً وحباً .. للمسجد .. باتت معدومه ..
لذا .. التربية والتشجيع .. هيا عنصران .. مادمنا متهاونون به ..
سيبقى إزعاج ..
دمت بود .. ياحبيبنا ..
فواز الثعلبي
12/09/2013 في 6:02 م[3] رابط التعليق
مقال جميل جداً وموضوع يستحق النشر
سلمت اناملك ياابو لمار
ممدوح عبد الرحمن الشمري
12/09/2013 في 8:21 م[3] رابط التعليق
شكرا استاذي الفاضل على تلك الدرر التي تفوهت بها لامست بها همومنا فمقال رائع والاروع من ذلك انت
استاذي الفاضل
فكل الحب والتقدير لك
ابو ابوالوليد العيافي
12/09/2013 في 9:42 م[3] رابط التعليق
كلام جميل جداً وبارك الله فيك وسلمت يداك اخ عبدالرحمن
الجوراسي
12/10/2013 في 2:22 ص[3] رابط التعليق
أحسنننننننت
متابع رياضي
12/10/2013 في 2:07 م[3] رابط التعليق
مقال جميل وفعلاً يلامس الواقع وكثيراً مايحصل في المساجد والمشكلة الأكبر عندما يرى الاب تصرفات أطفاله ولايحرك ساكناً
بوركت يداك وسلمت اناملك أخي العزيز ابو لمار دائماً مبدع حتى في عملك ،، جزاك الله خيراً
محمد المري
12/10/2013 في 5:26 م[3] رابط التعليق
مقال رائع اتحفتنا فيه ياصديقي
محب الخفجي
12/10/2013 في 7:58 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خيرا يابو لمار على الطرح الرائع الذي نحتاجة لتوعية الأباء ,, فهي مشكلة نعاني منها.
محسن العيافي
12/10/2013 في 8:14 م[3] رابط التعليق
ماذا أقول فيمن جرحت فيك شهادته .. دمت ألِقاً جميلاً
عبدالرحمن اليزيدي
12/24/2013 في 12:05 ص[3] رابط التعليق
أحييك على هذا المقال الرائع يالسمي أستمر فأنا من المعجبين بما تكتبه يمناك سلمت أناملك