[caption id="attachment_14804" align="aligncenter" width="100"] متعب عوض[/caption]
يعتقد كثيرٌ ممن حولي انني انسان مكافح وعصامي شققت طريقي وتجاوزت الكثير من المصاعب والعقبات التي واجهتني في مسيرتي منذ أن تخرجت من المدرسة الثانوية مرورا بالمرحلة الجامعية فدراسة الماجستير ورغم اني لا أنكر هذه الصفة الجميلة التي كونت الكثير من معالم شخصيتي وبسببها تغيرت الكثير من المفاهيم لدي الا انني اختلف معهم بالمبالغة في هذا الامر.
قبل عدة اسابيع وكما هي عادتي بزيارة زملاء الدراسة عند تواجدي في مدينتي المفضلة، "الرياض" رغم عشوائيتها وزحامها وطرقها التي عثى بها المقاولين فساداً ورغم اني ادخل هذه المدينة واخرج منها بكم هائل من الفواتير موزعة بين ساهر العزيز وبعض القطع التي يطلبها مني اصحاب الورش لاصلاح ما أفسدته شوارع مدينتي الفاضلة، على الاقل في نظري، وقع الاختيار على احد الزملاء الذين شاركوني السكن الجامعي بكل احواله البسيطة والمعقدة وكان له السبق في ذلك لاقدميته في السلك الاكاديمي. تم الاتصال والترتيب لموعد الزيارة وكان هذا الانسان البسيط الجميل الذي أكن له كل الود والاحترام شخص يحمل بطياته الكثير من الصفات الحميدة كالمحبة والاحترام والتقدير والكرم اضافة الى الطموح والكفاح وحب الخير للناس. وكأي بشر في هذا الكون فأن مقابل الايجابيات يجب ان تكون هناك سلبيات ومن سلبيات هذا الرجل أنه لا يستطيع اتخاذ القرارات تحت الضغط ويتشتت كثيراً اذا ما تم وضعه امام خيارين لا ثالث لهما.
ومن اهم المصاعب التي واجهها صاحبنا وجوب الدراسة والعمل في نفس الوقت وبما انه لا يستطيع الاكتفاء بالدوام الجزئي فقد قرر العمل بدوام كلي ظناً منه أنه قادر على الجمع بين العمل والدراسة في آن واحد، وهذا سوء تقدير منه، حيث اثبتت الايام انه لا يستطيع الجمع بين الاثنين.
قابلت هذا الرجل الذي دخل غياهب جامعة الملك سعود عام ١٤٢٣هـ وكان من المفترض أن يتخرج بعد أربعة أعوام او خمسة على أقصى تقدير الا أن الظروف لم تخدمة كثير واخذ يُخرج الدفعات تلو الدفعات ويحتفل معهم بالتخرج ويكتم في داخلة الشيء الكثير حيث لم يبقى احد من دفعته او حتى من الدفعات التي تلته فالأغلبية تخرجوا او انسحبوا من المعترك والسباق الاكاديمي. ولمعرفتي العميقة به فقد كنت أتجاهل سؤاله عن احوال الدراسة لما يسببه هذا السؤال من معاناة وألم كبيرين. مرت أعوام ولم استطع أن أتجرأ على سؤاله رغم اني أود الاطمئنان على حاله الدراسي وهل لازال يكافح ام فضل الانسحاب والاستسلام.
تفاجئت عند جلوسي بتلك الابتسامة غير المستغربة ولكن هذه المرة احسست انها نابعة من أقصى القلب وهو يقول لقد تخرجت اخيراً!! ظننت للوهلة الاولى بأنه يمازحني ولكني بادرته بالمباركة واردفت اني لن أصدقه الا حال رؤيتي للوثيقة الجامعية وبالفعل رأيتها بأم عيني وكان هذا التخرج مفتاح لكثير من الألغاز التي حدثت اثناءالدراسة الجامعة ولم نجد لها اجوبة. فلقد فتح قلبة واخرج كل ما بجعبته وتحدث مطولاً عن تلك الايام الصعبة والتي أظن انها ستكون حبيسة الصدور لو لم يحصل على تلك الوثيقة الزرقاء التي تحمل في داخلها العديد من القصص والذكريات الجميلة وغير الجميلة.
لقد أمضى هذا الرجل أربعة عشر عاماً يصارع وحيداً كل الظروف للحصول على بكالوريوس الأدب الانجليزي ولم يهنئ له بال الا بالوصول الى نقطة النهاية. يظن البعض للوهلة الاولى انه فشل ذريع ولكني أرى هذه الصورة من زاوية مختلفة تعكس لي مدى اصرار وكفاح هذا الصاحب الذي اصر وقاوم كل العقبات وتجاوزها لكي يحقق هدفه بالحصول على هذه الشهادة، وفي نظري لم ارى كفاحا اشد من هذا الكفاح ولم أقابل رجل بمثل كفاحة واصراره. والعجيب أنه لم يكتفي بهذه المرحلة واخذ يحدثني عن مغامرته القادمة وهي مواصلة دراسة الماجستير وبعد ذلك الدكتوراة وكنت امازحة بقولي انك تحتاج لضعف الوقت الذي انجزت به البكالوريوس للوصول لحلمك!
في الحقيقة ابهرني كثير حديثه عن المستقبل وخططه القادمة لذلك وانا لا استبعد وصوله اليها شريطة التفرغ لذلك وعدم الدمج بين العمل والدراسة. كما انني لا اخفي اعجابي بإصراره وكفاحه وانتصاره على الضغوط النفسية اولا والبدنية ثانيا، فالعيش في مجتمعنا المحبط والذي يساعد على افشال الناجح، يتطلب الكثير من العمل والاصرار فيه لكي تشق طريقك نحو القمة.
تحية كبيرة اقدمها للأخ والصديق ماجد سعود الحربي الذي أعطاني درساً عظيما وعميقاً في تحقيق الاهداف ولو بعد حين ،،،
متعب العنزي
التعليقات 5
5 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
طلال علي العنزي
08/02/2015 في 11:23 م[3] رابط التعليق
نموذج رائع للكفاح والاصرار والوصول ، نحيي معك الاخ ماجد سعود الحربي
ابو مالك
08/03/2015 في 5:14 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم
اذا كنت في أمر مروم *** فلا تقنع بما دون النجوم
الهمة العالية … للرجال …. شكرا مقال رائع جدا .. يحي في نفوس الخاملين يقظة للحياة
غير معروف
08/04/2015 في 12:39 ص[3] رابط التعليق
الله يقويك يابوعبدالله على الكلام الرائع ضي القمر
غير معروف
08/04/2015 في 12:40 ص[3] رابط التعليق
الله يعطيك العافيةعلى الكلام الرائع ضي القمر
أبو يوسف
09/01/2015 في 10:34 م[3] رابط التعليق
نبارك لك حصولك على درجة الماجستير ونبارك لماجد تخرجة ونهنئة على عزيمته وإصراره ونتعلم منكما دروس الجد والإجتهاد فإلى الأمام