بلبل - وهو إسم الشهره كما هو متعارف عليه عند محبيه - شاب معاق ذهنياً عمره ٢٧ سنة، سمين، قصير، كدش، يسكن الرياض، واسمه الحقيقي ( حسن ).
بلبل ينتمي الى عائلة عدد أفرادها كبير جداً وفقيره جداً جداً
بلبل يتواجد دائماً أمام المسجد أو في شوارع الحي يعلم خفاياها وعيناه تراقب الداخل والخارج منها.
من ينظر الى بلبل وحاله ويتأمل ملامحه جيداً يرى مدى قسوة الألم والوجع الذي عاشه هذا الشاب المعاق، كما سيلاحظ أثر قسوة الحياة من خلال وجهه المليء بالتجاعيد رغم صغر سنه.
بلبل.. لم يستطع تلقي الرعاية في مراكز علاج المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة كأي انسان معاق، كما أن والديه لم يستطيعا تحمل نفقة علاجه على حسابهم الخاص، كون هذا النوع من العلاج مكلف للغاية، لذا كان أثر الكي - والذي أستعمل كنوع من أنواع العلاج ( الشعبي ) - مشوهاً رأسه ويديه وأطراف رقبته وباقي جسده الذي هدته كثرة الأمراض بشكل واضح.
بلبل سعودي المولد، سعودي المنشأ، وسعودي الهوى، بلبل لم تمنعه الإعاقه من حفظ النشيد الوطني السعودي كأي مواطن محب، والذي كان يصر على أن يختمه بعد عاش الملك للعلم والوطن بــ (طن ططن).
بلبل هذا، قاموس المفردات البذيئة يحفظه عن ظهر قلب
يجيد الشتم بأكثر من لغة فهو يشتم بالإنجليزية والهندية والفلبينية وأحياناً يكتفي بعمل بعض الحركات بيديه أو رفع إصبعه الوسطى كردة فعل سريع ومختصر
هذا الفقير والمختل عقلياً، صاحب مبادئ
بعكس الكثير من العقلاء، الأثرياء، المثقفين، ورواد المجالس الأدبية والرياضية
بلبل لا يشتم إلا من يستحق الشتم ( من وجهة نظره )
بلبل لا يحكم على الأشياء قبل أن يراها أو يقوم بتجربتها
بلبل يحسن الظن بالناس جميعاً، وكلهم عنده سواسية حتى يثبت له العكس (ومن منظوره الخاص أيضاً )
بلبل وبرغم الإعاقة فهو ( إنسان) صادق وصريح في زمن قل فيه الصادقون وأصبحت الصراحة فيه وقاحة..
بلبل ( إنسان ) ضحوك، فضحكته وإبتسامته لا تفارقانه حتى في أقسى اللحظات التي يمر بها، فترى ابتسامته عند خجله، عند ألمه، عند حزنه، عند خوفه، حتى بكائه يحاول جاهداً أن يخفيه، فيبتسم
بلبل، (طفل كبير) فالأطفال يحبونه كحبه لهم
عرفت بلبل عن طريق أحد الاصدقاء والذي يعتبره أكثر من صديق،
بل هو أقرب إلى قلبه من بعض أولاده
يزوره بلبل، وتعلم هذا من خلال الجلبة التي تأتي مع صياح وضحك الأطفال الذين يفرحون بلقائه واللعب معه
يدخل بلبل صاحب الصوت الجهوري، والضحكات الغريبة ليجلس بجانب هذا الصديق ويبدأ بقص قضايا وأحداث تخصه غالباً ما تكون مكررة مثل :-
- أن حمزه البقال رفع عليه سعر الباونتي وعلبة الشاني لما علم أن أم ناصر ( والدته ) زادت مصروفه اليومي.
- وأن عبود العرج يحاول التحرش به كل ما رأه .
- لا زال مندوح ( ممدوح) يلحقه بسيارته وصوتها المزعج ليرميه بعلبة الحمضيات كلما مر بقربه.
وغيرها من القصص والأحداث في يوميات بلبل ..
في يوم دخل بلبل ليجد صديقه مريضاً مستلقياً على ظهره وبجانبه كيس مليء بالأدوية
فسأله بلبل هل أنت مريض..؟؟
وقبل أن يسمع الرد جلس بلبل بجواره وتقمص دور الراقي وبدأ يمسح بيديه على رأسه وصدره وهو مغمضٌ عينيه وبدأ يتمتم بترانيم غير مفهومه ومن حوله يضحكون، بدا لي أنها شتائم موجهة لعبود وحمزه وبعض مزعجيه.. وبعد أن أنهى علاجه الروحاني سأله بلبل وش تحس فيه..؟
فأجابه: ( بعد - آآآآه - طويلة ) أحس قلبي بيذبحني يا بلبل
صمت بلبل قليلاً ثم قال : خذ قلبي.. أنا قلبي ما يذبح.
ابتسم له صديقنا وقال : بعدين تموت يا بلبل..! كيف تعيش بدون قلب..؟ وكيف أعيش ( أنا ) بدون بلبل..؟
بلبل أصر، وأخذ ( ورقة وقلمًا ) ليرسم قلبًا وضعه على صدره وقال: هذا قلبي الجديد.
( أوجعني بلبل، لقد قالها بصدق، قالها بدفء، وبكل عفوية، قالها وهو حقاً يعنيها )
هذا العيد كان مختلف.. فالحي معتم وكئيب.. وشوارعه موحشة، افتقدت بلبلاً لم أجده في المسجد، ولم أره في الشارع، ولا في بقالة الحي، كما أن زيارته لصديقي انقطعت سألت عنه قالوا هناك وهم يشيرون إلى أحد جدران المجلس، وأخبروني أنه مرض وأهله كالعادة لقلة الحيلة ذهبوا به إلى معالج شعبي، فعادوا جميعاً إلا بلبلًا لم يعد
مات بلبل، أو ربما قتل، لم يعد السبب مهماً لي بعد أن رحل
بلبل رحل.. ولم يبقَ منه سوى ذلك البرواز المعلق على الجدار يحمل رسمة ( قلبه الصغير ) في مجلس صديقي الذي دائماً يتسائل أين أجد صديقاً مثل بلبل..؟
التعليقات 40
40 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائر
10/03/2016 في 11:29 م[3] رابط التعليق
التعليق
سلطان
10/03/2016 في 11:30 م[3] رابط التعليق
مقال جميل وحزين بنفس الوقت استمتعت به جداً
العنزي
10/03/2016 في 11:34 م[3] رابط التعليق
مقال جميل ورحمة الله عليك ي بلبل .. وقصه واقعيه ونعيشها في زمن اصبح فيه المعاقين افضل منا بكل شي واصبح الكثير منا يسيئون التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصه ، وجزاك الله خيراً على ما كتبت ونسأل الله ان يهدي كل من يسيء لهم .
الدانه
10/03/2016 في 11:43 م[3] رابط التعليق
مقال جميل جداً
دمت مبدعاً
الدانه
10/03/2016 في 11:44 م[3] رابط التعليق
التعليق
انور العنزي
10/03/2016 في 11:46 م[3] رابط التعليق
مقال واقعي ومحزن ورحمة الله عليك يا بلبل .
نعم هذا ما يعيشه ذوي الاحتياجات الخاصه في العالم الثالث ( معاناه و اهانه و استغلال و الكثير من الاشياء التي لا ترضي ديننا الحنيف .
جزاك الله خيراً على ما كتبت .
ونسأل الله ان يهدي كل من يسيء لهم .
مشعل
10/03/2016 في 11:48 م[3] رابط التعليق
كم هو جميل هذا البلبل الآدمي
و كأن كلماتهُ تغاريدٌ على مسامعنا
قصه لا أعلم إن كانت واقعيه أم من الخيال
لكنها لامست مشاعري كثيراً و لازال قلب
بلبل الصغير ينبض بهذه القصه
شكراً من القلب على ماكتبت …
زائر
10/03/2016 في 11:55 م[3] رابط التعليق
ارفع لك القبعه أستاذ بسام على المقال الرائع
غير معروف
10/03/2016 في 11:57 م[3] رابط التعليق
التعليق
زائر
10/03/2016 في 11:59 م[3] رابط التعليق
أرفع لك القبعه استاذ بسام على المقال الرائع
زاير
10/04/2016 في 12:12 ص[3] رابط التعليق
جد قصه ماثره ولاكن لاتحزن فانه ذهب عنده ارحم الراحمين الهمه اغفر لنا ورحمنا
الجميله
10/04/2016 في 12:15 ص[3] رابط التعليق
قصه جميله وابدعت
راعي البل
10/04/2016 في 12:23 ص[3] رابط التعليق
مقالك ابكاني ولاكن اقول لك الله يوفقك ويرحم بلبل
الحياه حلوه
10/04/2016 في 12:33 ص[3] رابط التعليق
ماشاء الله .. مقاله جميله
تتحدث عن واقع نعيشه ..وعن الم فئه تجهل الناس وتتجاهل احاسيسهم ..
Omar.
10/04/2016 في 1:00 ص[3] رابط التعليق
قصه جميله جداً وهادفه ، كم من بلبل يعيش في مجتمعنا ويتجول في شوارعنا ولم يجدو الاهتمام والرعايه ، شكراً لتذكيرنا لرعايتهم والحفاظ عليهم ، اشكر الكاتب على الابداع الجميل والملهم ، تحياتي ..
متعب العنزي
10/04/2016 في 3:47 ص[3] رابط التعليق
مبدع ومتألق اخي بسام وتسلسل جميل للأحداث رغم قسوتها الا انك استطعت وبكل بساطة أن تجعلنا نعيش هذه القصة بكل ما تحمله من احزان ونتخيلها أمامنا ونستشعر تفاصيلها الدقيقه لتخبرنا عن معاناة الآخرين وخصوصا ذوي الاحتياجات الخاصة وما يعانونه من نقص في التعامل الإنساني من قبل المجتمع اولا ونقص الاهتمام من قبل المراكز المختصة وعدم توفير متطلباتهم، وكأنهم من عالم اخر لا يمت لمجتمعنا بصلة،، وهذا الوصف والتنقل السلس لأحداث القصة لا يحدث الا من كاتب كبير يمتلك موهبة عظيمة ..
ابدعت والى الامام وننتظر منك المزيد ..
دخيل الشمري
10/04/2016 في 4:28 ص[3] رابط التعليق
قصة هادفة ذات ابعاد ، فك رموز القصة امر ممتع .تحياتي اخوي بسام اشتقنالك
تركي الشامان
10/04/2016 في 5:59 ص[3] رابط التعليق
ماذا لو كان اهل بلبل من الاثرياء . يجب على الحكومات الاهتمام بالمعاقين و انشاء المراكز الصحيه لهم بل و المدارس ايضا في كل المدن و لايقتصر ذلك على المدن الكبيرة بالاضافه تسهيل لهم الموصلات فهم من يحتاج الي الموصلات العامه. قصه لها معاني كثيره اتمني من الآخرين تربية ابنائهم على احترام الناس و مساعدته المحتاجين وليس الضحك عليهم. قصه جميله لها معاني كثيره
زائر
10/04/2016 في 7:38 ص[3] رابط التعليق
مقال أكثر من رائع ويدل على حسك العاطفي كونك سلطت الضؤ على هذه الفئه المهمشه للاسف في مجتمع يدعو الى الاحسان والرحمه إلي مزيد من التقدم في مواضيع غاب الضؤ عنها
زائر
10/04/2016 في 7:41 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل و رائع شكرا من القلب
ابوفارس
10/04/2016 في 7:49 ص[3] رابط التعليق
جمييييل.مبدع كعادتك أستاذ بسام.
ابودانه
10/04/2016 في 8:02 ص[3] رابط التعليق
استمتعت بقراءة أطروحتك وجمال أسلوبك وانسياب نسج الفكره
جميل ماكتبت ننتظر المزيد وانا اول المتابعين لك واصل بإبداعك
سامي
10/04/2016 في 8:06 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل أستاذ بسام وكثير أمثال بلبل ومشكور على تسليط الضوء على حالة بلبل ورحمه الله عليه
زائر
10/04/2016 في 9:00 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل من شخص جميل
كذا كويس ياتركي
زائر
10/04/2016 في 9:01 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل
عشان ابو فيصل قريته ولكنه اعجبني
صديق أخوه تركي
10/04/2016 في 1:00 م[3] رابط التعليق
قصة رائعة وهادفة
سلمت أناملك
وش رايك تركي
ابوالجازي
10/04/2016 في 1:18 م[3] رابط التعليق
مقال رائع ونتطلع لجديدك بنهم وشوق
أ.ف
10/04/2016 في 1:20 م[3] رابط التعليق
مقاله جداً رائعه
أبوخالد
10/04/2016 في 1:21 م[3] رابط التعليق
اعجبني
حمد
10/04/2016 في 1:23 م[3] رابط التعليق
قصه مؤثرة..من واقع اليم
زائر
10/04/2016 في 1:31 م[3] رابط التعليق
رحمة الله عليك يا بلبل..و الرحمة على امثاله ممن لا حول لهم و لا قوة …..
شكرا للكاتب بسام على تسليط الضوء على هذة الفئة الضعيفة
والشكر موصول لكل من اثرت فيه هذه القصة لعلنا نسعى الى تغيير ثقافة مجتمعاتنا الى الافضل.
Njood
10/04/2016 في 1:44 م[3] رابط التعليق
ما اجمل تلك المشاعر التي خطها لنا قلمك الجميل ، كم كانت تلك الكلمات ملامسه للمشاعر والاحاسيس
وكم من فئه من مجتمعنا يتعايش مع هذه الحالات بلا اهتمام ولا رعايه
واشكر الكاتب على الاحساس الجميل
.
10/04/2016 في 3:07 م[3] رابط التعليق
مقال اكثر من رائع صدق اوجع قلبي بلبل اصفق لك الصراحه على هالمقال لان الاغلب كان غافل عنه،إلي الامام استاذ بسام وبتوفيق.
زائر
10/04/2016 في 7:37 م[3] رابط التعليق
قصه جميله ومن جد ياليت كل الناس مثل بلبل
الكاتب / أحمد العتيبي
10/04/2016 في 9:57 م[3] رابط التعليق
المعاق ليس معاق جسدياً وذهنياً ولكن المعاق معاق فكر اعتاد على على الأسائه لنفسه .. وياليت عندي بلبل
أبو كادي
10/04/2016 في 11:53 م[3] رابط التعليق
أخي الكريمالأستاذ بسامبالمختصر المفيدمقال مفيد وطرح جميلأجدت وأفدتلا تحرمنا جديدكمع التحية الكيبة لشخصك الكريم
ناصر الزعبي ابو بدر
10/04/2016 في 11:55 م[3] رابط التعليق
قلم جميل وتسلسل رائع بسرد القصهياترى كم بلبل يوجد بالسعودية ؟استاذي بسام عشنا معك تفاصيل هذه القصة الحزينهالتي وصلتها ذروتها حينما رسم بلبل القلببالفعل تأثرنا كثيرا نسأل الله ان يسكنه فسيح جناته
المواطن هو رجل الامن الاول
10/06/2016 في 3:36 م[3] رابط التعليق
مشكور اخ بسام على هذا المقال الرائع و الذي يترك للقارئ فهم مابين السطور وحيث ان قصة بلبل لاتقف عند سن معين سواء كان شابآ او كهلآ والذي يجب علينا كافراد مجتمع الانتباه لمثل هذه الحالات ورعايتها كي لا تستغل سلبيا من قبل ضعفاء النفوس . والذي لديه شابأ كبلبل يبحث له عن بنت الحلال المناسبه كي يرزقه الله الذريه الصالحة التي تسنده عند كبر سنه . لقد قرأنا بالامس عن كاتب وشاعر غنائي سعودي مخضرم غنا له كبار الفنانين مثل محمد عبده وطلال مداح . انه نسى نفسه ولم يتزوج وأصبح الان في ال٧٥ من العمر وأصبح بحاجة لمن يسنده في هذا العمر .فذهب لدار المسنين ومادخلها الا بواسطة من جمعية الثقافة والفنون .
مو حزن لكن حزين
10/06/2016 في 5:00 م[3] رابط التعليق
يااااااه من اين اتيتنا بكل هذا الحزن يا رجل
لايوجد مثل بلبل واخبر صديقك ان لا يبحث
امثال بلبل لا يعمرون
إحسان
10/10/2016 في 3:02 ص[3] رابط التعليق
إن أمثال بلبل نعمة من الله على المحسنين
ونقمة على المتكبرين والمتعالين.