قد يقول البعض أنني متشائم الى حد كبير أو قد مسني شيء من الجنون، وإن كان الأمر كذلك فالجنون يكون أحيانا أجمل ما فينا فهو يجعلنا كمن هو في حالة سكر نقول ما بداخلنا مما كنا نخفيه دون خوف او خجل مما يجعل الكلمات تخرج صادقة تبوح بما في داخلنا من فرح او حزن بعيدا عن التصنع والنفاق الاجتماعي.
هناك بعض الحقائق أغلبنا يعرفها لكن لا يدرك المعنى الحقيقي لها الا من تجاوز نقطة اللاعودة لأنه حينها يكون عرف بالتجربة بحكم كبر سنه مالم يعرفه بالتعليم، لذلك تجده يرهق نفسه في محاولة اصلاح ما يمكن اصلاحه مبتدئا بالأقربين اليه خصوصا أولاده وأهل بيته، هذا ان كان ممن أراد الله بهم خيرا وإن كان غير ذلك فسيسطر عليه شيطانه ويغريه بالاستمرار في غيه وغروره الى أن يأتيه اليقين.
نكاد جميعنا نسلك نفس الطريق، نبتدئ حياتنا بالكد في محاولة منا لجمع ما نستطيع من الدنيا، يدفعنا الى ذلك اعتقادنا بأننا سنخترق الأرض أو نبلغ السماء طولا وأننا سنعيش عمر نوح عليه السلام، وتمر الأيام والسنون ونحن نكـدح نكابد هموم ومشاكل الدنيا مصداقا لكلام ربنا حيث قال خلق الانسان في كبد.
ومع مرور الزمن يتحول الخيال الواسع الى نطاق ضيق وتتحول الآمال والطموحات الكبيرة الى سراب ونبدأ في التنازل تدريجيا عن طموحاتنا وآمالنا الى أن يصبح همنا توفير لقمة العيش لأولادنا.
وهذا ليس نهاية المطاف فقد يحقق بعضنا بعض ما كان يطمح اليه، لكن ذلك سيكون على حساب صحته وبعد ما يصل مرحلة من العمر لا يجيد فيها الاستمتاع بدنياه، فلا فائدة يجنيها لنفسه مما جمع فقد نخر الزمن جسمه وقضت الأمراض على حواسه وأصبح لا يستسيغ شيئا ولا يجد في الدنيا ما يستهويه فقد تساوى عنده حلوها بالمر.
عندها فقط سيدرك من لم يدرك بعد أن لا خير في هذه الدنيا وأنها كما قال عنها ربنا لا تسوى عند الله جناح بعوضة وأن كل ما جمعه لم يكن له بل كان يجمعه لغيره.
وسيدرك ما ضيع من عمره وأنه كان يعمر دارا غير داره الحقيقية وسيضرب كفوف الندم على ما فرط في جنب الله، وسيعيش لحظاته الأخيرة ينتظر هادم اللذات يقوم بزيارته لينقله الى مرحلة أخرى يبدأ فيها حياة أخرى مختلفة لا خيار له فيها الا ما مضى ويكون فيها بصره حديد ليرى ما قدم لنفسه من عمل، وهنا سيخرص اللسان وينطق الميزان نسأل الله العفو والعافية.
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك).
سعود العتيبي
التعليقات 15
15 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائر
10/17/2017 في 10:43 م[3] رابط التعليق
مقال في الصميم تشكر عليه ولكن هل من متلقي يستفيد او متحدث يقتنع بما عنده
زائر
10/18/2017 في 11:56 ص[3] رابط التعليق
ماشاءالله تبارك الله كلمات رائعه وجميله أحسنت فيماقلت ووصفت بارك الله فيك وزادك فهماً وعلماً وبياناً
امواج
10/18/2017 في 9:16 ص[3] رابط التعليق
التعليق
امواج
10/18/2017 في 9:17 ص[3] رابط التعليق
مبدع كما عودتنا دائماً
زائر
10/18/2017 في 10:14 ص[3] رابط التعليق
التعليق
زائر
10/18/2017 في 10:15 ص[3] رابط التعليق
لا
زائرلافض فوك يابو طلال شخصت الداء بكل وضوح
10/18/2017 في 10:17 ص[3] رابط التعليق
التعليق
زائرلافض فوك يابو طلال شخصت الداءء بكل وضوح
10/18/2017 في 10:18 ص[3] رابط التعليق
التعليق
غرم الله
10/18/2017 في 1:17 م[3] رابط التعليق
بارك الله فيك اباطلال .
هذه سنة الله في خلقه الحياه والممات لكن من عمل صالحا فله الجزاء الاوفى ومن أساء كذلك له حساب عند ربه والسعيد من اتعض بغيره ..
كم من أشخاص كانوا يملكون قناطير من الذهب والقصور الفاخرة .لم تنفع ولم تشفع لهم من هادم اللذات . نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة
زائر
10/18/2017 في 2:10 م[3] رابط التعليق
كالعادة ابداع رائع
وطرح يستحق المتابعة
شكراً لك
بانتظار الجديد القادم دمت بكل خير
زائر
10/18/2017 في 4:48 م[3] رابط التعليق
جمء
زائرابوعبدالعزيز /مسفر
10/18/2017 في 4:50 م[3] رابط التعليق
جميل ماتطرقت له اعمل لدنياك كانك تعيش ابداً واعمل لاخرتك كأنك تموت غداً
استمتع بحياتك
ابو زايد
10/19/2017 في 7:45 ص[3] رابط التعليق
هذا ان كان ممن أراد الله بهم(الاشخاص) خيرا وإن كان غير ذلك فسيسطر عليه شيطانه ويغريه بالاستمرار في غيه وغروره الى أن يأتيه اليقين.
كلام جميل ورائع وعسى الله يهدي الجميع لما فيه الخير والبركه .
زائر
10/20/2017 في 1:15 م[3] رابط التعليق
كلام سليم ابو طلال
ولكن في محطات الحياة يكون لك كلمه وفعل طيب ابتسامه نصيحة لاحد ما تشجيع وتحفيز لاحد ما
المعنى انك اذا كنت ايجابي مهما كانت الظروف سوف تثمر الاعمال والاقوال والاشارات التي فعلتها حتى لو لم تكن موجودا في هذه الحياه اذا كانت نيتك لله وصادقا
تحياتي لك ابو طلال وماعند الله لا يضيع ان الله لايضيع اجر من احسن عملا
خالد العتيبي
10/23/2017 في 8:25 م[3] رابط التعليق
ماشاء الله عليك يابو طلال ابداع كانك تصف مايدور في خلدي نعم تمضي الدنيا ونحن نفكر في هموم ومستقبل اولادنا الي ان ياتي الوقت نكون ضعفاء نعجز عن تحقيق ماكنا نفكر فيه من احلام