الحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله
تكلمت في مقال سابق عن صفة مهمة من صفات الناجحين وهي الطموح .
وهي تعد بحق أبرز ما يميّز الناجحين والمبدعين .
وفي هذا المقال سأواصل الكلام في الموضوع ذاته من خلال إستعراض قصة ( كافور ) .
كان كافور الإخشيدي يسير مع صاحبه في السوق بمصر ، وكان كلاهما في ذلك الوقت ( عبدا مملوكا ) ، وقد دخلا على أحد المطاعم التي في السوق ، فقال صاحبه " أتمنى من كل قلبي أن يشتريني صاحب هذا المطعم حتى أشبع من اللحم " .
فقال كافور " أما أنا فأتمنى أن أكون حاكما لمصر " !!!.
تأملوا أيها الإخوة سقف الطموح لديه ، فعلا شئ عجيب ومذهل ، رجل فقير بل إنه من الرقيق ، يعني مولى يباع ويشترى ولا يملك أي شئ ، ومع ذلك يتمنى أمرا بعيد المنال ويعد تحقيقه من الخيال ، ولا يمكن حتى لبعض الوجهاء والأمراء أن يفكروا فيه .
لا حظوا أنه كان جائعا ، يعني كما يعبّر بعضنا ( ماله خلق ) ، أو ( مزاجه متعكّر ).
وحتما سيقول المثبّطون أن هذا أشبه ما يكون بالجنون ! وعلى الإنسان أن يفكر بواقعية ويطلب تحقيق المستطاع .
ربما يكون هذا الكلام صحيحا ومناسبا للبعض ، ولذلك فإن صاحبه لم يكن مخطئا على أية حال إذ كان جائعا جدا ، لكن كل شخص يعرف حدود إمكانياته ولذلك فإن كافورا نجح في تحقيق أمنيته التي يعتبرها معظم الناس مستحيلة ولا يمكن تصور تحققها .
نعم أصبح المولى الفقير الذي كان لايجد قوت يومه حاكما لمصر ! .
كيف نجح وهو لا يملك أي من مقومات النجاح ؟ .
إنه الطموح ومعرفة الإمكانيات والقدرات، قال الجنيد رحمه الله ( من طلب شيئا بإخلاص وصدق نال كله أو بعضه ) .
ولذلك كثير من العلماء طلبوا العلم وهم كبار، بعضهم بلغ الخمسين وبعضهم تجاوز الستين، كذلك معظم الاثرياء أسسوا شركاتهم العملاقه بعد ما تجاوز بعضهم الستين من أعمارهم، وقد واجهوا الكثير من الصعوبات والعوائق
إن من نافلة القول أن النجاح في الحياة يتمثل بالقدرة على تصور ماتريد في هذه الحياة ، ماذا تريد أن تحقق ؟ .
وماذا تريد أن تكون ؟ .
ثم بعد المعرفة بذلك ، يكون الإستمتاع بتحقيق الهدف المنشود ، ولايمكن أن يتأتى الإستمتاع إلا بحب العمل والإنجاز المراد تحقيقه .
فمن يسعى لنيل شهادة عليا ، أو إنجاز مشروع تجاري ، أو تأليف كتاب ، أو كتابة مقالات هادفة تسهم في زيادة نسبة الوعي بالمجتمع ، أو العمل بمجال يتطلب تجاوز إختبارات وتدريب مكثف كالطب أو الهندسة أو المحاماة ، فلابد له من محبة ذلك والإستمتاع به .
وقد ذكر الكاتب الكبير فهد عامر الأحمدي في أحد كتبه أنه يحب وظيفته كثيرا ( الكتابة ) ، ويعتبرها أفضل وظيفة ، لأنه يكتب وهو جالس ببيته وتدرّ عليه دخلا لابأس به .
كذلك أحد المستشارين القانونيين قال " إن وظيفتي هي أفضل وظيفة على الإطلاق ، لأنني من خلالها ساعدت أناسا كثيرين على حل مشاكلهم ، وفكّ كربهم ، وتفريج همومهم ، فأدخلت السرور على قلوبهم ، وهذا أفضل الأعمال عند الله كما بيّن ذلك النبي عليهالصلاة والسلام ، والكل يبحث عن المستشار القانوني ويحتاجه كالموظف الحكومي والمعلم والتاجر والطبيب ، وكل من وقع بمشكلة" .
وبطبيعة الحال يجدر بنا أن لاننسى الدكتور فهو يعتبر وظيفته من أنبل وأرقى الوظائف وهو محق في ذلك دون أدنى شك .
ولا جرم أن وظيفة العلماء والدعاة هي أفضل الوظائف والمهن ، قال عز وجل ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) فصلت 33 عنوان المقال القادم المطالبة بإلغاء إختراع الطائرة والهاتف واعتبارالإشتغال بهما عبث !!! أسأل الله جلت قدرته أن يرزقنا علما نافعا وعملا صالحا وقلبا خاشعا .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سطام قادم الشمري
مستشار شرعي وقانوني
التعليقات 3
3 pings
زائر
11/05/2017 في 8:29 م[3] رابط التعليق
كلام جميل من اخ اجمل
زائر
11/06/2017 في 9:26 ص[3] رابط التعليق
أدخلت الطموح في قلوبنا شكراً من القلب
Aaaa
11/16/2017 في 6:49 ص[3] رابط التعليق
الاقناع الذاتي للفرد بالرؤيه الايجابيه لخوض مجالات الحياه هي درع لحمايه الفرد من الصعوبات والعقبات المتعبه لعقل الفرد وبالفعل شعور الفرد بالسعاده والراحه اثناء العمل المنجز هو سببا للاتقان المتقن .. جزيت خيرا على مااعطيت وننتظر جديدك بكل ود