العالم يمر حاليا بثورة كبيرة في مجال الصناعة والتقنيات المبتكرة لم يسبق لها مثيل ، واساسها التعليم والتدريب القائم على الابتكار والابداع فالتعليم يعد المحرك الرئيسي في تقدم وتطور الأمم ، ولذلك أساس الثورة الصناعية التعليم المرتبط بالأبداع والذي اكسب الموارد البشرية مهارات في مرحلها المتعددة ، واصبح لكل مرحلة برامج تعلمية وتدريبية تتفق مع كل ما تحتاجه وذلك على النحو التالي :
1. الالة البخارية تعد بداية الثورة الصناعية في القرن السابع عشر ، وقد اقتصر مفهومها ومحتوها على أوروبا لا اكثر من مائة عام لعدم وجود وسائل اتصال تنقلها الى بقية انحاء العالم ، الا انهى غيرت كثير من المهارات لدى الموارد البشرية والتي كان يغلب عليها المهارات الزراعية الى مهارات صناعية واستطاعت مواجهة أزمات تلك المرحلة بالتدريب العملي وفي نفس الوقت مواجهة مخاطر تنقل العنصر البشري بين الدول .
2. الكهرباء والتي ارتبطت ب( اديسون) في نهاية القرن التاسع عشر ، وانفصال علم الإدارة عن علم السياسة (وودرو ويلسون Woodrow Wilson) زاد عدد المصانع وزاد الإنتاج وتكدس المعروض وشكل ازمه ، ، هناء بداءات النظريات الادرية أولها المدرسة العلمية ( تايلور) وركزت على دور القيادة باعتبارها الركيزة الأساسية في العمل الادري واكد ذلك النموذج المثالي في البيروقراطية ( ماكس فيبر) .
3. ثورة المعلومات وارتبطت بوجود تقنية (الانترنت ) في سبعينيات القرن الماضي ، و ظهور الحكومة الالكترونية والإدارة الالكترونية والتجارة الالكترونية ، وأصبحت هذه المرحلة تهدد المنظمات التقليدية التي لا تومن بالتغيير ،وظهرت أزمات جديدة في مقدمتها (دكتاتورية المستفيد) وتحقيق طموحاته في ما يقدمه القطاع العام وفي مقدمتها المؤسسات التعلمية ( فالمستفيد .. اصبح واسع الاطلاع . ثقافته عالية . من الصعب السيطرة علية ) ، هذه المرحلة ظهر خلالها العولمة والتي ساعدت في زيادة حركة ثلاثة أشياء ( الناس ، الأشياء، الأفكار) باستخدام التقنية وحركة الاقتصاد ، و من أزمات هذه المرحلة انها قسمت العالم الى قسمين ( منتج ومستهلك) وظهر الفساد في هذه المرحلة بثوب مختلف متقمص الاجرام المستحدث .
4. ثورة الروبوتات ، والانسان الالي ، والذكاء الاصطناعي ، وانترنت الأشياء ، والتي حلت محل الانسان وتنبأت بعض الدراسات بأن هذه التقنيات المبتكرة ستؤدي إلى إلغاء الوظائف بمعدل هائل، وبالتالي زيادة البطالة حين يتم الاعتماد على التقنيات وليس الانسان ، كما برزت ازمة جديدة تتمثل في التهديدات عن بعد وعبر الفضاء الرقمي خاصة وان التقنيات المبتكرة جميعها رقمية، ودعت الحاجة امام هذه المخاطر الى وجود (الامن السيبراني ) والذي يهدف الى ضمان توافر واستمرارية عمل نظم المعلومات، وتعزيز حماية وسرية وخصوصية البيانات الشخصية مع اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المواطنين والمستهلكين على حدٍ سواء من المخاطر المحتملة في مجالات استخدام الإنترنت المختلفة .
وفي الختام .. التعليم والتدريب المواكب للتغيير وما يحتاجه العنصر البشري من مهارات يستطيع ان يتعامل مع هذه التطورات المتلاحقة ، فالتقنيات المبتكرة يمكنها مساعدة المجتمعات على أن تصبح أكثر قدرة على مجابهة الأزمات وبناء محركات جديدة للنمو الاقتصادي. فهناك 80 في المائة من السكان في بلدان العالم النامية يمتلكون هواتف محمولة، أي أكثر مما يتاح لهم الحصول على التعليم المدرسي، هذا التعليم الذي نحتاجه وليس تعليم وتدريب يزيد من اعداد البطالة ، هناك بعض الدراسات تشير في نتائجها أنه بحلول عام 2025، قد يتمكن ثمانية مليارات شخص حول العالم من الوصول إلى الإنترنت عريض النطاق، وبالتالي ليس هناك أدنى شك في استمرار ارتفاع سقف التطلعات من التعليم نحو استخدام الابداع سوف يقلص الفجوة بيننا والدول المتقدمة ويحقق اهداف روية 2030 نحو تنويع المصادر .
إن ضمان قدرة طلاب اليوم على المنافسة في اقتصاد الغد يتطلب وضع رؤية مبنية على معارف وخبرات القطاعين الخاص والعام معا. ويمكن تحقيق ثورة إنمائية تضاهي وتكمل الثورة الصناعية الرابعة.، لذا يجب أن تكون برامج التدريب والتعليم مواكبة لتطلعات الناس. فإذا لم تكن كذلك وقوبلت التطلعات بالإحباط ، فقد اثبتت الدراسات ان لبلدان قد تنزلق ا إلى مستنقع الهشاشة والصراع والعنف والتطرف والهجرة .
وهناء لابد من تكاتف المخططين في وزارة التعليم والجامعات وأعضاء هيئة التدريس والمعلمين في مختلف المراحل التعليمية والمدربين للتقليص أخطاء الماضي والاستفادة منها نحو صناعة المستقبل والتكييف مع متغيراته ، خاصة ونحن على اعتاب نهاية عام دراسي ونخطط لعام دراسي قادم نطمح ان يخاطب المستقبل ويتفق مع ما يحمله الجيل الصاعد من ثقافه ومهاره وما يتوقع ان تضيف له السنه القادمة من ابداع وأفكار جديدة في ضل ثوابتنا الراسخة .
بقلم./ د.فيصل معيض ( الطموح )