لطالما تغنى الشعراء بحب الأوطان ولطالما ترنم الناس بعشق الأرض ومراتع الصبا ولطالما حفظنا قصص وبطولات من سلف في ذودهم عن حماهم ومرابعهم التي ما كانت إلا فضاء تلعب به الرياح واحجارًا من وحشتها نسجت حولها الأساطير واختلقت بين جنباتها حكايات الخيال الممزوج بالرعب والخوف ، إلا أن ذلك كله لم يمنع أهلها من حبها والهيام بعشقها والشوق لترابها فنجد شاعرهم يصف من أحب مقرونا بذكر أطلال مضارب قومه قائلاً :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ..... بسقط اللوى بين الدخول فحومل .
والآخر قرن عشقه بمحبته لإرضه فقال :
لخولة إطلالة ببرقة ثهمد ..... تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد .
ومنهم من استذكر مراتع الشباب والصبابة بقوله :
أمن ام أوفى دمنة لم تكلمي ..... بحومانة الدراج فالمتلثم .
وغيرهم الكثير والكثير ممن مزج حبه بحب أرضه ، فلما جاء الإسلام أكد هذا المعنى وعزز الولاء في نفوس أتباعه وفق شرع مطهر فالنبي عليه الصلاة والسلام أحب مكة وقال مخاطبا إياها : ( والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني اُخرجت منك ما خرجت ) وقال عليه أفضل الصلاة والتسليم : ( تربة أرضنا بريق بعضنا تشفي سقيمنا بإذن ربنا ) ، وهذا تأكيد على أن حب الأرض والوطن أمر شرعي لم يبتدع بل حضت عليه الشريعة الغراء وفق ضوابط شرعية بلا غلو ولا تفريط فتوارثها المسلمون كابرًا عن كابر .
والحديث في هذا الشأن ذو شجون فعبد الرحمن الداخل لما حكم الأندلس واستتب له الأمر فيها لم ينكر الشام ولم ينس أرضها وهوائها وأشجارها بل جلب من نخيل الشام وأشجارها واستزرعها في الأندلس شوقًا وحنينًا لها ونظم ذلك شعرًا بقوله:
تبدت لنا في وسط الرصافة نخلة ،،،، تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
وفي قصيدة أخرى لم يقتلع فيها جذوره من الشام رغم ملكه للأندلس رسم لوحة الوجد شعرًا وقال :
أيها الراكب الميمم أرضي ،،،، اقرء مني بعض السلام لبعضي إن جسمي كما علمت بأرض ،،،، وفؤادي ومالكيه بأرض .
و أحمد شوقي لما ضاقت عليه حياة المنفى وصف حاله بقصيدته التي منها :
وللأوطان في دم كل حر ،،،، يد سلفت ودين مستحق .
من ذلك نتيقن أن حب الأوطان غريزة فطرية في نفس الإنسان بل وجميع المخلوقات ويتباين التعبير عن هذا الحب بحسب التوجهات والموروثات الثقافية والاجتماعية المختلفة فكلٌ يعبر عنه بنزعة خاصة ، إلا أن بعض هذه النزعات قد تسبب الكثير من المتاعب وبالأخص عند محاولة تفريغ محتواها من الشرع أو فرضها رغما على الشرع . نتيجة لذلك ظهر فكران أحدهما يبدع المخالف ويقابله من يصفه بالجهل والتخلف والرجعية ويتجدد هذا السجال ويُزاد عليه ويضاف إليه مخالفات ومغالطات هدفها تصفية الحسابات ليس إلا ، ويبدو ذلك جلياً لمن يتعمق في خبايا الأمور ، ويبقى الخاسر جراء ذلك هو من ينقاد بلا تفكير لإحد هذين الفكرين .
بين هذين الفكرين هناك فجوة عميقة لابد من ملئها بفكر شرعي واجتماعي وسطي واعٍ دعواه حب الوطن بمقتضى الشرع والابتهاج فيه وفق خصوصية المجتمع دون تكسب وتقليد واستيراد .
نحن أمام حقيقة هي أن اليوم الوطني هو مناسبة وطنية وليس مناسبة بدعية واليوم الوطني احتفالية اجتماعية وليس كرنفالا تغريبيا ، فاليوم الوطني مهرجان تتجدد فيه اللحمة ويتجدد فيه الولاء . بقلم/ خالد بن مناحي المطيري
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ..... بسقط اللوى بين الدخول فحومل .
والآخر قرن عشقه بمحبته لإرضه فقال :
لخولة إطلالة ببرقة ثهمد ..... تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد .
ومنهم من استذكر مراتع الشباب والصبابة بقوله :
أمن ام أوفى دمنة لم تكلمي ..... بحومانة الدراج فالمتلثم .
وغيرهم الكثير والكثير ممن مزج حبه بحب أرضه ، فلما جاء الإسلام أكد هذا المعنى وعزز الولاء في نفوس أتباعه وفق شرع مطهر فالنبي عليه الصلاة والسلام أحب مكة وقال مخاطبا إياها : ( والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني اُخرجت منك ما خرجت ) وقال عليه أفضل الصلاة والتسليم : ( تربة أرضنا بريق بعضنا تشفي سقيمنا بإذن ربنا ) ، وهذا تأكيد على أن حب الأرض والوطن أمر شرعي لم يبتدع بل حضت عليه الشريعة الغراء وفق ضوابط شرعية بلا غلو ولا تفريط فتوارثها المسلمون كابرًا عن كابر .
والحديث في هذا الشأن ذو شجون فعبد الرحمن الداخل لما حكم الأندلس واستتب له الأمر فيها لم ينكر الشام ولم ينس أرضها وهوائها وأشجارها بل جلب من نخيل الشام وأشجارها واستزرعها في الأندلس شوقًا وحنينًا لها ونظم ذلك شعرًا بقوله:
تبدت لنا في وسط الرصافة نخلة ،،،، تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
وفي قصيدة أخرى لم يقتلع فيها جذوره من الشام رغم ملكه للأندلس رسم لوحة الوجد شعرًا وقال :
أيها الراكب الميمم أرضي ،،،، اقرء مني بعض السلام لبعضي إن جسمي كما علمت بأرض ،،،، وفؤادي ومالكيه بأرض .
و أحمد شوقي لما ضاقت عليه حياة المنفى وصف حاله بقصيدته التي منها :
وللأوطان في دم كل حر ،،،، يد سلفت ودين مستحق .
من ذلك نتيقن أن حب الأوطان غريزة فطرية في نفس الإنسان بل وجميع المخلوقات ويتباين التعبير عن هذا الحب بحسب التوجهات والموروثات الثقافية والاجتماعية المختلفة فكلٌ يعبر عنه بنزعة خاصة ، إلا أن بعض هذه النزعات قد تسبب الكثير من المتاعب وبالأخص عند محاولة تفريغ محتواها من الشرع أو فرضها رغما على الشرع . نتيجة لذلك ظهر فكران أحدهما يبدع المخالف ويقابله من يصفه بالجهل والتخلف والرجعية ويتجدد هذا السجال ويُزاد عليه ويضاف إليه مخالفات ومغالطات هدفها تصفية الحسابات ليس إلا ، ويبدو ذلك جلياً لمن يتعمق في خبايا الأمور ، ويبقى الخاسر جراء ذلك هو من ينقاد بلا تفكير لإحد هذين الفكرين .
بين هذين الفكرين هناك فجوة عميقة لابد من ملئها بفكر شرعي واجتماعي وسطي واعٍ دعواه حب الوطن بمقتضى الشرع والابتهاج فيه وفق خصوصية المجتمع دون تكسب وتقليد واستيراد .
نحن أمام حقيقة هي أن اليوم الوطني هو مناسبة وطنية وليس مناسبة بدعية واليوم الوطني احتفالية اجتماعية وليس كرنفالا تغريبيا ، فاليوم الوطني مهرجان تتجدد فيه اللحمة ويتجدد فيه الولاء . بقلم/ خالد بن مناحي المطيري
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
ابو العز
09/21/2018 في 12:26 م[3] رابط التعليق
سلمت يدك يابومناحي البعض من الشعر أعاد الذكره إلى اربعة عقود سابقه
زائر
09/21/2018 في 5:04 م[3] رابط التعليق
مقال رائع
زائر
09/21/2018 في 5:06 م[3] رابط التعليق
خالد مناحي دايم متميز باختياراته .
زائر
09/21/2018 في 5:37 م[3] رابط التعليق
مبدع كعادتك ا.خالد نفع الله بك
زائر
09/21/2018 في 6:24 م[3] رابط التعليق
جميل ابا الوليد هذا المقال ويستحق النشر بجميع المواقع
زائر
09/21/2018 في 6:44 م[3] رابط التعليق
التعليق
زائر
09/21/2018 في 6:44 م[3] رابط التعليق
ممتاز
ابوبدر
09/22/2018 في 2:54 ص[3] رابط التعليق
رائع ابا الوليد
alsuper
09/23/2018 في 11:00 ص[3] رابط التعليق
كلام جميل جداا عن حب الوطن
فكيف وطن الحرمين الشريفين