قتل 50 شخصًا وأصابة اكثر من 30 آخرون بجروح بالغة في هجوم ارهابي على مسجدين في (كرايست تشيرش) بنيوزيلندا اثناء صلاة الجمعه ١٤٤٠/٧/٨ الموافق ٢٠١٩/٣/١٥ ، لم يكن وليد الصدفه وإنما نتيجة تغذية فكرية على الكراهية والتطرف وعنصرية من الأسرة المدرسة والمؤسسات الإعلامية الغربية ضد المسلمين .
الجريمة الإرهابية التي وقعت في نيوزيلندا تعد منعطف خطير على الأمن والاستقرار العالمي. أسلوب وطريقة ارتكاب هذه الجريمة البشعة والمقززة والمخيفة يكشف لنا خطورة اليمين المتطرف العنصري والدموي في الغرب ، والذي تغذى تربويا واعلاميا على الكراهية والتطرف وإقصاء الآخر ، تربى على مفهوم البحث عن عدو بعد انهيار الاشتراكية وظهور صدام الحضارات مع (صامويل هنتنقتون ) .
التطرف والكراهية والتوحش ضد اللاجئين وبخاصة المسلمين في الغرب يُنذر بتطورات عالمية خطيرة، تشبه إلى حد ما التطورات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، ونتجت عنها وصول اليمين المتطرف المتمثل في الحركة النازية إلى الحكم في ألمانيا، واشتعلت بسببها الحرب العالمية الثانية.
العالم باكمله اجمع على ان المجزرة الشنيعة في استهداف المصلين الآمنين بمسجدين في نيوزيلندا، عمل إرهابي كامل الأركان فكرا وتنفيذا ، وهنا تقع مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة خطابات الكراهية والإرهاب، التي لا تقرها الأديان ولا قيم التعايش بين الشعوب.
استوحى الإرهابي فعلته من جريمة الإرهابي سفاح النرويج الذي قتل 77 شخصاً عام 2011 ، و ينتمي إلى اليمين المتطرف ومعروف عنه عداؤه للإسلام.
هذا الأعمال الإرهابية تدل على احتواء المناهج الغربية على التطرف وخطاب الكراهية ضدالمسلمين و المهاجرين ، فالبيئة في الغرب تنحو نحو توليد الري المتطرف ضد المسلمين .
الساسة في الغرب يقومون بطريقة ممنهجة نحو إثارة الفتن واشعال الاثنية بين المهاجرين المسلمين ، وكلنا يتذكر أو قراء عن منع (جون هورد )اللاجئين من دخول استراليا ، وكذا تصريح احد النواب في استراليا عن جريمة مسجدين نيوزيلندا وضربه للصبي الذي حاول ان يعبر عن رفضه لما يقول ، هذا البلد الذي تضاعفت فيه نسبه التميز العنصري عام 2018 .
تصاعد موجات الكراهية في المناهج و الخطاب الإعلامي الغربي والدعوة إلى معاملة المسلمين كالغرباء في أوروبا وإقامة الجمعيات السرية والمعلنة التي لا هدف لها إلا القضاء على الإسلام والمسلمين ، لم يكن لينتج هذا إلا من خلال مناهج دراسية شديدة العنصرية ، وخطاب إعلامي ينمي البغض والحقد ضد كل مسلم و مهاجر .
نحن نعرف ان الثقافات تختلف في أسسها الفلسفية والعقدية والفكرية، وفي نظرتها للإنسان والكون والحياة، ويتجلى أثر هذا الاختلاف في المناهج التي ترتضيها في تصريف شؤون حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي علاقتها بغيرها من الأمم والشعوب .
أظهرت نتايج العديد من الدراسات البحثية إن النزعة الاستعلائية متأصلة في الفكر الغربي ومتغلغلة في المناهج والإعلام ، التي تنزع إلى رفض الآخر، ورفض أية حضارة منافسة لحضارته، وان منابع تلك النزعة في الفكر الغربي لم تجف بعد، وهناك أسباب عدة تؤجج وهج النزعة كلما خبت ، بل أفرزت عدة تحديات للحضارة العربية الإسلامية منها:
١- تحديات سياسية تسعى إلى تفكيك النظام الإقليمي العربي والإسلامي والذهاب به عن الساحة العالمية.
٢- تحديات قومية رامية إلى تمزيق الهوية العربية والإسلامية .
٣- تحديات اجتماعية ترمي إلى تفتيت المجتمعات العربية والإسلامية .
والغرب يتلون في معاملته مع الآخر وفق مقتضيات تفرضها طبيعة المرحلة.
بين معهد جورج ايكيرت الألماني لأبحاث الكتب المدرسية بعد تحليل 27 كتابا تستخدم في مدارس خمس دول اوربية ( بريطانيا وفرنسا والنمسا وأسبانيا وألمانيا ) وكان من نتائجها أن هذه الكتب تقدم عن الإسلام أفكارا مشوهة تعكس ما أسمته الدراسة بـ "العنصرية الثقافية".
وفي الختام ..... لنعلم جميعا ان خطاب الكراهية في الغرب لم يظهر فجة، وإنما هناك تحضيرات في موسسات تربوية وإعلامية ومنها تحويل الأزمات الاقتصادية التي يواجها الغرب إلى برامج ضد المهاجرين نتعجب من:-
١- وجود قانون لمنع للمآذن أو لحظر للحجاب والنقاب .
٢- وجود متطرفا يقتل من المسلمين العشرات .
٣- نجد زعيما يحاول الوصول لأعلى شعبية له بمهاجمة الإسلام .
٤- من يتهكم على نبينا صلى الله عليه وسلم بالرسوم المتحركة ,
كل هؤلاء وغيرهم نتاج مناهج دراسية متعصبة ومغرضة وظالمة للإسلام والمسلمين وإعلام يعمل ليل نهار على تكريس ما تلقنوه في تلك المناهج.
• يجب ان يتم مصارحة الغرب بضرورة تغيير المناهج والخطاب الإعلامي واولهم فرنسا بعيدا عن الارتباطات الاقتصادية .فالإرهاب لا دين ولا منطق له وهذا ما نادت به المملكة العربية السعودية في كل المحافل الدولية ، فالإرهاب للأسف متغلغل بشكل شرس في بنية العقل لإنسان مجتمعنا المعاصر، الذي تهيمن عليه المادية والخواء الفكري والروحي والثقافي .
• غداة «مجزرة المسجدين» في نيوزيلندا لا نحتاج فقط الإدانات والإجراءات العقابية بحق المنفذين . لا بد من معركة يومية واسعة لإنقاذ قيم التعايش والتسامح. لا مخرج للعالم من مستنقعات العنصرية والتعصب إلا بمعركة يومية داخل المدارس والجامعات والمنابر الدينية والاجتماعية والسياسية لمنع المتعصبين من الاستيلاء عليها وإطلاق أمواج التعصب والكراهية. ولا بدَّ لوسائل الإعلام من سلوك طريق المسؤولية ومنع تحول منصاتها منابع للكراهية والسباق إلى استقطاب المتابعين ،و الوقوف ضد ينابيع الكراهية في المنزل والعمل والكتب و«تويتر» و«فيسبوك» وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي وفي كل مكان.
• نحتاج إلى تكتل جاد ضد تغيير المناهج في الدول الغربية وكذا الخطاب الإعلامي ، حيث لا ينفع تجفيف منابع الإرهاب دون هذا التغيير ، وتفعيل دور الحوار بين المسلمين والغرب من خلال مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
• نحتاج إلى إعلام يسلط الضوء على ما تتضمنه المناهج في الغرب من كراهية وتطرف يتربى النشي عليها والذي افرز اليمين المتطرف الذي يشارك في اغلب البرلمانات وترويج الخطاب الإعلامي لسياساته ،،،،،، والسلام ........
بقلم .د . فيصل بن معيض السميري ( الطموح)