سلسلة رحلوا فما ماتوا...
اذا كنت في قوم فاصحب خيارهم
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
لا تسل عن المرء وسل عن قرينه
فأن القرين بالمقارن يقتدي .
المتأملُ والمشاهدُ لرحلة الحياة يرى الكثير من النجاحات ، ويصادف سيل من الاخفاقات والعثرات وبلا شك يبقى من اعظم الانجازات في حياة اي انسان معرفة الصالحين والمصلحين ومخالطتهم لإنها إكساب خبرات وتعلم سلوك ونقل فضائل ، وقد يكون الفراق من أصعب التجارب والعثرات التي يمر بها الإنسان في حياته وخصوصا فراق العظماء ، وتتعدد أشكال الفراق بعداً وقرباً وامداً فقد يكون وقتياً وقد يكون ابدياً ، واذا كان الفراق بسبب الموت فهذا بحد ذاته من اقسى الفواجع وانكى المواجع ، ويعظم الخطب برحيل العظماء ، هنا يكون الألمُ المين والمصيبةُ اثنتين .
الا قاتل الله المنايا ورميها
من القوم حبات القلوب على عمد
ولكن ربي شاء غير مشيئتي
وللرب إمضاءُ المشيئة لا العبد .
صحبت الرجل الذي سأتحدث عنه في هذه السطور وانا في مقتبل العمر ، ورحل وانا أب لإبناء على مشارف الزواج إلا أني مازلت اتعلم منه اخلاق الكبار وأدب الحوار واقتناص الفضائل ، انه عبدالله الطيار اباعبدالعزيز .
ذلك الرجل الصامت الذي يغرس الفضيلة بطيب المعاملة وحسن التصرف ، صاحب الخلق الرفيع والتواضع الجم من جالسه يتعلم آداب الكلام ويحس بمتعة الحديث ، حضوره في المجالس يزيدها تألقاً واُنساً ، اذا تحدث تتمنى ان يطيل لتستمع منه مالا يمل ، واذا استمع إلى متحدث اشعره بالاهمية وانصت له كأنما يسمعه لأول مرة ولو تكرر السياق حرصاً على المشاعر و جبراً للخواطر .
في مكتبه تشعر ببركة عجيبة في الوقت فلم يكن مقصوراً على إنجاز المعاملات إنما تعدى ذلك لحل المشكلات وقضاء الحاجات في داخل الادارة وخارجها . اجتمعت فيه البساطة والمهابة فالذين عملوا معه قدروا العمل والتزموا فيه احتراماً له وحياء منه ، امتلك مقدرة عجيبة على وأد المشاكل واطفاء نار الخلافات .
منذ أن عرفت اباعبدالعزيز عن قرب إلى أن افتقدته قبل وفاته بأيام وانا لازلت اتعلم منه وارى فيه اخلاق وسجايا الكبار في كل شي ، في الفاظه وتصرفاته وصبره وإعراضه عن الصغائر وتحمله لما يعجز عنه غيره ، هذا غيض من فيض وقليل من كثير لم يُذكر من مآثر وصفات اباعبدالعزيز . كُثُر هم من حباهم الله الأخلاق الرفيعة والصفات الحميدة والذكر الطيب إلا أن اباعبدالعزيز كان رجلاً استثنائياً قلما يجود الزمانُ بمثلهِ ولا نزكي على اللهِ احداً .
ابوعبدالعزيز :
عليك سلامُ الله مني تحيةً
ومنْ كلِ غيثٍ صادقِ البرقِ والرعدِ .
رحمك الله واسكنك فسيح جناته وجمعنا بك في مستقر رحمته .
كتبه :
خالد بن مناحي المطيري
مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام
بجامعة حفرالباطن
سلسلة رحلوا فما ماتوا…
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alkhafji.news/articles/2021/11/03/553259.html
المحتوى السابق المحتوى التالي
أضف تعليقاً إلغاء الرد
This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.
التعليقات 3
3 pings
زائر
11/03/2021 في 3:18 م[3] رابط التعليق
لايستغرب الوفاء من أهله
أسهبت وأبدعت ومهما قلنا في ابو عبدالعزيز
رحمه الله نظل مقصرين
مدرسه متكاملة
لمجاميع الحياة
عبدالله ابو محمد
11/03/2021 في 4:25 م[3] رابط التعليق
جميل هذا القلم ونتمنى أن يتحفنا دائماً وكانت كلماتك مختصره في المرحوم الغالي العزيز القامه العظيمه الاب المثالي والأخ النصوح ابا عبدالعزيز رحمة الله عليه كم وكم تعلمنا منه واستمعنا لطرحه وفصائلة..
ولكنها الدنيا مهما طالت تبقى قصيرة جذا
أسأل الله أن يجمعنا في مستقر رحمته
شكرا جزيلا
فهد بن صالح الطيار
11/03/2021 في 4:31 م[3] رابط التعليق
ذكرك الله في ملئه كما ذكرت صاحبك وجزاك الله خير الجزاء ورفع قدرك وأعلى ذكرك.. كنت نعم الصاحب له ولازلت..