ابعاد الخفجى-سياسة:تجلس سامية على وسادة أخرجتها من الأنقاض.. كتل من الحجارة هي ما تبقى من منزلها في حي طريق الباب في شرق مدينة حلب، والذي أصيب الشهر الماضي بصاروخ أرض أرض، يقول السكان إنه من طراز “سكود”.. منذ ذلك الحين، تعود هذه السيدة الخمسينية يوميا إلى هذا المكان لتحول دون نهب ما تبقى من أغراضها تحت الركام. وتقول بمرارة “لم نتلق أي مساعدة إنسانية. الوحيدون الذين قدموا لزيارتنا هم السارقون”.. خلفها، يحمل بعض الرجال المعاول بأيديهم، مبعدين الأسمنت المتكسر في محاولة للعثور على أغراض ما زالت صالحة للاستعمال تحت أطنان من الحجارة وقضبان الحديد التي تغطي الشوارع. ويقول مصطفى، قريب سامية الذي يغطي الغبار الأبيض وجهه وشعره، إن “الناس لا يملكون ما يأكلونه، فيأتون إلى هنا لجمع الأغراض من المنازل المدمرة”.
ولحظة سقوط الصواريخ، سويت أربعة شوارع بالأرض. وفي شعاع قطره 100 متر، يغيب أي أثر لمبنى ما زال واقفا على أساساته. لا يمكن لأواش (60 عاما) أن تحبس دموعها وهي تعرف عن حفيدتها. وتقول “مع إخوانها وأخواتها الخمس، باتت يتيمة الأم منذ سقوط السكود”. تضيف وهي تمسح دموعها بحجابها الأسود “كنا في المنزل وهوى سقفه على رؤوسنا.. منذ ذلك الحين لم يأت أحد لمساعدتنا، ولم يقدم أحد لنا ليرة. بقينا هنا نموت من الجوع ونعاني، كل هذا بسبب بشار الأسد”.
أمجد (10 أعوام) كان يقطن في المنزل المجاور، وبات حاليا مقيما في خيمة خارج حلب. يستعرض أمجد معاناته مع “البرد والشتاء والهواء”، متحدثا عن شقيقه الذي ما زال طفلا صغيرا “ويعاني من ارتفاع في الحرارة جراء الظروف التي نعيش فيها”. وأدت الصواريخ إلى مقتل والد أمجد الذي باتت عائلته بلا أي معيل، وتعتمد على المعونات التي تتلقاها من الجيران.
من جهتها، لم تعد سامية تملك سوى خيمة تشكل ملجأ لها مع أولادها الثمانية وزوجها البالغ من العمر 70 عاما. وتقول “ليس في حوزتي سوى الرداء الذي ألبسه، لم يكن في إمكاننا أن نحمل أي أمر آخر معنا”. تضيف “لحسن الحظ أن الشمس عادت مع بدء الربيع، هي نورنا الوحيد”. وتوضح أن “ابني الصغير قال لي في أحد الأيام: أمي، لا أريد أن آكل بعد الآن، أفضل أن أموت، أكره هذه الحياة”. على مقربة من سامية، يشير علي (25 عاما) وهو أب لولدين، إلى ما بقي من شاحنة حمراء اللون أمام ركام منزله. ويقول “هذا ما تبقى من الشاحنة التي كنت أستخدمها للعمل. فقدت كل شيء. لم يبق لنا شيء”. في غضون ذلك، يعبر أحد جيرانه الشارع، يشكو قائلا “كنت محاميا، وها أنا قد بت راعيا! هذا ما أصبحنا عليه. فقدت كل شيء بين ليلة وضحاها”.
03/28/2013 10:26 ص
“سكود” يعمق مآسي أهالي حلب
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alkhafji.news/2013/03/28/14576.html