ابعاد الخفجى-سياسة:أجمع عدد من المحللين والسياسيين على أن القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية برفض عضوية مجلس الأمن جريء وسيصب في مصلحة العديد من القضايا السياسية بالمنطقة العربية، كما أنه حمل رسالة قوية إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بأن هناك أصواتا أخرى غيرها تمتلك الكثير من أدوات التأثير على مستوى العالم.
وأشاد الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الرئيس الفخري للمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر الدكتور بطرس بطرس غالي، بموقف المملكة الرافض للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن إلا بعد إصلاحه. وقال غالي، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط أمس، إن “هذا الموقف السعودي يعد خطوة إيجابية على طريق التفكير في إصلاح الأمم المتحدة بعد انتهاء فترة الحرب الباردة في أواخر القرن الماضي، وهذا الإصلاح ينبغي أن يتطلب تمثيل هيئات غير حكومية في عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك حتى يتحقق الحد الأدنى من ديمقراطية العلاقات الدولية، وهو موقف إيجابي وليس بجديد على العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز”.
وبدوره قال نائب رئيس الجالية السورية في مصر الرئيس السابق لتنسيقية الثورة السورية بالقاهرة نزار الخراط في تصريحات إلى “الوطن”، إن “القرار جريء جداً، وسيدفع المؤسسات الدولية إلى إعادة النظر في اتباعها سياسة الكيل بمكيالين، وتحديداً فيما يتعلق بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية السورية التي تشغل بال العالم العربي، وقرار الرفض هو بمثابة رسالة قوية إلى المجتمع الدولي بأن العرب لن يقبلوا بعد اليوم سياسات التمييز ضدهم، كما أنه حمل إشارات للكرامة العربية الرافضة لعنجهية الغرب، خاصة أن القرار صادر عن دولة بحجم المملكة والتي تتمتع بثقل سياسي واقتصادي إقليمياً وعالميا”.
وأضاف “إن الرفض السعودي سيجبر الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن على إعادة النظر في فكرة أن جميع دول العالم تلهث وراء عضوية المجلس حتى لو كان وجودها داخل المجلس شكليا، لكن الرفض السعودي لمقعد مجلس الأمن أثبت زيف هذا الاعتقاد، مثلما أثبت أن هناك دولاً لا يرهبها سيف مجلس الأمن أو ذهبه، وهو موقف ما كان ليصدر إلا عن شخص بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يمتلك من الشجاعة ما يؤهله لإعادة الأمور إلى نصابها”.
وتابع الخراط أن “القرار السعودي دفع الجالية السورية بمصر إلى الشعور بأن عليهم الاعتماد على قوتهم الذاتية وإعادة تنظيم صفوفهم ذاتياً دون انتظار لنفحات مجلس الأمن، حتى إنهم بدأوا أول من أمس أولى خطوات تشكيل منظمة أهلية سورية في القاهرة تكون بمثابة حلقة وصل بين السوريين في مصر والبالغ عددهم نحو 300 ألف سوري وبين الهيئات الحكومية، وهي خطوة أولى على طريق تنفيذها في باقي البلدان التي يتواجد بها لاجئون سوريون”. ولفت إلى أن “القرار السعودي كان أحد الدوافع التي جعلتنا نفكر في تلك الخطوة، دون أن نعول كثيراً على مجلس الأمن أو غيره، خاصة أن هذا المجلس كثيراً ما لجأ إلى اتباع سياسات تمييزية ضد العرب وقضاياهم المصيرية”.
وأشار الخراط إلى أهمية الموقف السعودي بالنسبة للسوريين بأنه جاء في توقيت يلقي فيه الشعب السوري بحمله على خادم الحرمين الشريفين والسعودية في وقت تسطر فيه الثورة السورية أهم سطورها، وهو السطر الأطول والأكثر دموية في تاريخ الثورة السورية في ظل تلاعب بشار الأسد ونظامه بتقلبات اللعبة السياسية.
من جانبه، قال تامر القاضي المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية في مصر، إن “موقف السعودية برفضها المقعد المؤقت في مجلس الأمن رائع ومشرف، ولو مرت به أية دولة في العالم، فلن تتخذ هذا الموقف الذي اتخذته المملكة، وهو بمثابة تعبير من المملكة عن صوت كثير من الدول، خاصة العربية، لرفضها ازدواجية المعايير التي تتعامل بها الأمم المتحدة ومجلس الأمن مع كثير من القضايا العالمية، خاصة العربية، كالقضيتين الفلسطينية والسورية”. وأضاف “الموقف الذي اتخذته المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز صفعة على وجه الدول الكبرى بمجلس الأمن، حتى تعيد حساباتها، وتعلم أن هناك أصواتاً أخرى مؤثرة في العالم، غير الخمس دائمة العضوية، التي تتعامل مع القضايا الدولية والعربية بحسب مصالحها الشخصية البحتة، غير عابئة بما يحدث على أرض الواقع”.