أبعاد الخفجى-رياضة:
النصر والهلال، أو الهلال والنصر، ضلعان ثابتان في أرض الكرة السعودية، هما قمر وشمس الرياضة نسبة إلى أسم الأول، ولون شعار الثاني، بل هما شريكان رئيسان في متعة التنافس الرياضي وتطور عجلته وإثارته واتساع شعبيته وشهرته وعلو كعبه في مختلف الميادين، لا يمكن لك أن تتجاهل مكانة “كبير آسيا” وتهمش تاريخ “العالمي”، حضور أي منهما يعني ذكر الآخر، وتذكر الزمن الجميل للإداريين العباقرة بداية بالرمز الأمير عبدالرحمن بن سعود والرمز الرياضي الآخر عبدالرحمن بن سعيد -رحمهما الله- وبقية الرموز والرجال والنجوم في الناديين العملاقيين وقوفا عند الأجيال الحالية التي ينتظر منها المزيد من العطاء الإيجابي.
لولا هذا التنافس التاريخي الذي يشتعل كل ما اقتربت مواجهة كروية بينهما ومباراة في أي لعبة، وبطولة ينوي كل منهما أخذها من فم الأسد وقبضة الآخر لما تحرك الإعلام وتفاعلت الجماهير، وبلغ الحماس الرياضي قمته وتسابق الرعاة عليهما والنجوم للدفاع عن شعارهما، وصار الجميع منذ إشراقة أول يوم يشهد أول مباراة بينهما يرى بزوغ الكثير من النجوم والأجيال التي حملت على عاتقها راية الإبداع وخدمة الرياضة السعودية والمشاركة في نقلها من كرة هاوية وملاعب متواضعة إلى رياضة محترفة ومنشآت رياضية ضخمة راقية وتنوع البطولات والمشاركات.
بعد غد (الجمعة) يقف الهلال والنصر على منصة كأس سلمان، لا يفصلهما عن الصعود والتشرف بالسلام على القائد الكبير إلا زمن المباراة التي ستحمل تفاصيلها ملامح تاريخ جديد، وإنجاز كبير وتنافس مختلف وآمال عريضة وطموحات تحاكي السحاب، إن ذهبت البطولة ل”الأصفر” فهو يستحقها وإن أرادت الذهاب إلى “الأزرق” فهو جدير بها، الكل منهما خطط وبذل وتعب واجتهد من أجل نيل أرفع الكؤوس وأغلاها، وقبل ذلك نيل شرف ميزة أول فريقين سعوديين يلعبان على نهائي بطولة تحمل اسم “سلمان الحزم” بعد توليه مقاليد الحكم في هذه البلاد المباركة الآمنة بحول الله.
مثل ما هناك جماهير زرقاء وأخرى صفراء وجماهير ثالثة تتوزع انتماءاتها وتتوشح بالشعار الوطني، تُمني النفس أن يكون الكأس الغالي حليف فريقها، فهناك مجتمع سعودي معظمه من الشباب يمني النفس ويطرح الثقة بنجوم الفريقين الكبيرين وجماهيرهما بأن يقدموا لوحة رياضية وطنية خالصة كما عودونا، لوحة ناصعة لا يخدشها التعصب ويشوهها الانفعال، ويؤثر عليها الحماس.
من لا يبحث عن الانتصار، وتتويج فريقه فهو إنسان بلا طموح وشخص بلا تطلعات ورياضي بلا هدف، ولكن الأوضاع الراهنة وحساسية المباراة ونواميس التنافس التاريخي بين العملاقين ومحاولة المتعصبين شحن أعضاء الفريقين، وما يحاك لاستغلال أي عمل أو تصرف سلبي -حتى في الرياضة الغاية النبيلة- يفرض على الجميع الاتحاد لهدف واحد ومن أجل وطن واحدة وقيادة واحدة ومجتمع واحد متماسك لديه القدرة على ألا يجعل نتيجة مباراة تؤثر عليه وتدفعه إلى أن يتجاوز على الآخر ويحقق مآرب من لا يريد الخير والاستقرار والرقي لشباب هذا البلد الكبير الآمن.
رئيسا الهلال والنصر وأعضاء الإدارة والشرفيون واللاعبون والأجهزة الفنية ومن خلفهم الجماهير، أمامهم هدف وعليهم مسؤولية مضاعفة لتقديم رسالة وطنية صادقة عنوانها (كلنا الوطن.. كلنا سلمان.. كلنا مجتمع واحد)، هناك من يتمنى رؤية مفاجأة يعدها الفريقان حول هذه الجوانب تنبعث منها رسائل تثقيف نحو مجتمع رياضي متحضر، يشجع فريقه برقي طوال وقت المباراة ثم ينصرف الجميع بغض النظر لمن الكأس، من أخوة متحابين واضعين نصب أعينهم حب الوطن، ونبذ العنصرية والقضاء على التعصب والتصدي للطائفية التي يحاول الأعداء إشعال نارها واستثمارها في مثل هذه الظروف حتى يحققون مآربهم، وبحول الله وقوته ثم حنكة قيادتنا وتماسك المجتمع ويقظته لن يصلوا إلى هدفهم، وسيظل المجتمع السعودي بمختلف فئاته وميوله الرياضية وغير الرياضية سداً منيعاً في وجه من يريد أن يزعزع استقرار الوطن الكبير.