أبعاد الخفجى-اقتصاد:
شدد د. ابراهيم بن أحمد الضبيب محكم وخبير هندسي معتمد في هندسة النقل والطرق في المركز التجاري بدول مجلس التعاون الخليجي ومركز التحكيم الهندسي بالهيئة السعودية للمهندسين: “على أن السرعة على الطرق سواء في المدن أو في الطرق البرية في المملكة هي من أهم أسباب ارتفاع معدلات الوفيات التي تجاوزت سبعة الاف حالة وفاة في المملكة، بمعدلات لم تصلها أي دولة من دول العالم، لافتاً إلى أن الدراسات المرورية المتعلقة بالحوادث وسلوك السائقين أثبتت انه من الممكن خفض عدد الحوادث بشكل عام على مستوى شبكة من الطرق بمقدار 23 الف إصابة عند خفض متوسط السرعة على الشبكة بمقدار 3.2 كلم/س فقط، وهذا يعني إمكانية منع حوالي 200 حالة وفاة و3,500 حالة إصابة خطيرة.
واستعرض د. الضبيب في حديث له مع “الرياض” جملة من الدراسات المتعلقة بالحوادث المرورية ونتائجها، مبيناً أنه دلت الأبحاث والدراسات على أن تهور أو خطأ العنصر البشري “السائق” يُسهم فيما يزيد عن 80% من الحوادث المميتة، وتوقف عند نتائج الدراسات المبنية على تحليل مدى إسهام الطريق من جهة ومدى إسهام السائق من جهة أخرى على زيادة معدلات الحوادث بزيادة السرعة وان هناك علاقة طردية بينهما، وزاد تتسبب السرعة الزائدة “أي التي تتجاوز السرعة النظامية” في حصول ما يزيد عن 40%من الحوادث المميتة، وان زيادة السرعة في الطرق البرية “خارج المدينة” بمقدار 10 كلم/س فقط عن السرعة المتوسطة سيؤدي إلى مضاعفة احتمال حصول حادث خطير، وان خفض سرعة السائق المسرع “وهم السائقون الذين يسيرون بسرعة أعلى من متوسط سرعة الطرق” سيُعطي أفضل النتائج في خفض الوفيات والإصابات، وهذا يؤكد الدور الكبير الذي تلعبه الاحتياطات الهندسية والأخرى المتعلقة بالحد من السرعة التي تستهدف السائقين المسرعين، وانه تتراوح نسبة خفض معدلات الحوادث ما بين 2-7% عند خفض متوسط السرعة على أي طريق بمقدار 1.6 كلم /س.
وتابع د. ابراهيم إلى أن فرقاً في السرعة مقداره 5 كلم/س قد يكون الفرق بين حياة أو موت شخص على الطريق وخصوصاً المشاة، وقد دلت الأبحاث والدراسات الميدانية على انه سيؤدي اصطدام سيارة تسير بسرعة 60 كلم/س بعشرة مشاة إلى مقتل تسعةً منهم أي بنسبة 90%، وانه سيؤدي اصطدام سيارة تسير بسرعة 50 كلم/س بعشرة مشاة إلى مقتل خمسةً منهم أي بنسبة 50%، وانه سيؤدي اصطدام سيارة تسير بسرعة 30 كلم/س بعشرة مشاة إلى مقتل أحدهم أي بنسبة 10%، وانه في حالة اصطدام سيارة تسير بسرعة 50 كلم/س يعادل التدمير الناتج من سقوط السيارة من مبنى ارتفاعه ثلاثة طوابق، وان اصطدام سيارة تسير بسرعة 100 كلم/س يعادل التدمير الناتج من سقوط السيارة من مبنى ارتفاعه 12 طابقا.
واضاف الضبيب: “يتبين لنا من هذه المؤشرات والحقائق انه ليس هناك سرعة آمنة كما قد يعتقد البعض، ناهيك عما قد يظنه العموم من أن حد السرعة المعلن هو السرعة المستهدفة التي ينبغي عليهم السير وفقها، وهذا وان كان مقبولاً نظاماً، ولا يتلقى من يُطبقه أي مخالفة أو لوم، إلا أن الصحيح هو أن هذا هو الحد الأقصى الذي يجب عدم تجاوزه، وعلى السائق السير أقل منه بقدرٍ يتناسب مع حالة الطريق والظروف المناخية التي قد تُحتم على السائق السير بسرعة اقل بكثير منه، فالمخاطر التي تترتب على السرعة الزائدة التي يسير بها سائق سيارة في منطقة السرعة المقننة فيها هي 60 كلم/س مذهلة نوعاً ما، حيث يصل احتمال حصول حادث خطير عند السير في هذه المنطقة بسرعة مقدارها 65 كلم/س أي بزيادة 5 كلم في الساعة فقط إلى 200% أي الضعف، بينما يصل عند السير بسرعة مقدارها 70 كلم/س إلى 400% أي 4 أضعاف، ويصل الاحتمال إلى 1000% أي 10 أضعاف عند السير في هذه المنطقة بسرعة مقدارها 75 كلم/س، ويصل إلى 3200% أي 32 ضعفا عند السير في هذه المنطقة بسرعة مقدارها 80 كلم/س”.
وشدد الضبيب على أن موضوع السرعة هو من المخاطر المتعدية التي لا تؤثر على مقترف المخالفة فقط، بل تتجاوزه إلى آخرين لا ذنب لهم ولا يد فيما تسبب شخص مستهتر تجاوز السرعة دون سبب يذكر، وقد أحسنت شركة ارامكو السعودية كعادتها عندما أعدت دراسةً استقصائية عن القتلى في الحوادث المرورية توقعت فيها أن يصل عدد حالات الوفاة الناتجة عن الحوادث المرورية في المملكة عام 2019 إلى 9604 حالات، مستندة إلى معدل النمو السنوي والى استمرار الأوضاع على ما هي عليه. وأشار الضبيب إلى أنه من الضروري بل من المُلح تضافر الجهود لإيقاف هذه المخاطر.
وختم الخبير د. ابراهيم بالقول ان السرعة في المدينة لا تحتاج إلى أي لوحات أو تنبيه داخل المدن بل تستوجبه خارجها، فالسرعة في المدينة بشكل عام لا تزيد عن 70 كلم في الساعة، ما لم توضع لوحات إرشادية لزيادة السرعة عن هذا الحد بناءً على التصميم الهندسي للطريق، ومن المعلوم لدى الجميع أن الأنظمة والتعليمات تُلزم الشخص المتقدم للحصول على رخصة القيادة الاطلاع على القواعد الأساسية وتطالبه بالالتزام بها، ولا يمكن الحصول على الرخصة إلا بعد اختباره في أنظمة السير والمرور، وتفسير الرموز والأنماط والألوان سواء على سطح الطريق أو في اللوحات الإرشادية والتنظيمية فلا عُذر لأحدٍ بالجهل.