ابعاد الخفجى _محليات :أزال الداعية الشيخ الدكتور علي المالكي، في بيان له اللبس حول مراده من اللقاء الذي أُجري معه على قناة العربية حول قضية عبدالله بن فندي الشمري، الذي تم تنفيذ حُكم القصاص فيه مؤخراً، وذلك بعدما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام، وفَهمه وتأويله خطأ.
وقال المالكي: “نظراً لما تناقلته بعض الوسائل الإعلامية حول لقائي في إحدى القنوات الفضائية حول قضية المواطن عبدالله بن فندي الشمري – رحمه الله – المنفَّذ فيه حُكم القصاص، ولئلا يساء فَهم ما صدر عني في ذلك اللقاء من أنني أتحامل على مؤسسة القضاء الشرعي في السعودية، وإيضاحاً للمراد، وبياناً للحق أودُّ أن أوضح الآتي:
أولاً: ذلك اللقاء كان بطلب من إحدى القنوات الفضائية بحكم معرفتهم بعلاقتي في السعي في قضايا العفو عن الدماء، ولعلاقتي بقضية المحكوم عليه كان اللقاء، ولم أكن أمثل فيه إلا شخصي فحسب ووجهة نظري حول القضية.
ثانياً: ما تطرقتُ إليه حول بعض الملحوظات حول التحقيق والحكم ليس المقصود منه الحط من مكانة تلك المؤسستين العريقتين في البلاد اللتين نعرف عنهما المهنية في العمل والسعي في تحقيق الأمن والعدل الذي يلمسه البعيد قبل القريب حتى باتت السعودية مقصد الملايين من الوافدين التماساً للعيش الكريم، في ظل الأمن الوارف وعدل تحكيم الشرع الذي تضطلع به مؤسسة القضاء الشرعي المستمد أحكامه من كتاب الله – عز وجل – وسُنّة رسوله – صلى الله عليه وسلم – فضلاً عما يُشهد به للمؤسسة الأمنية في البلاد، التي أحسب أن القائمين عليها رجال مخلصون، وتتالى على دفتها خادم الحرمين الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – ثم أخوه رجل الأمن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمه الله – ويشرف بقيادتها ابنه البار سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز – وفقه الله -، ولا أدل على ما حققته من نجاح ملموس في التصدي لظاهرة الإرهاب، التي أحسب وأدها كان بجهاد رجالات هذه المؤسسة العريقة.
ثالثاً: إن الأحكام القضائية، وإن كانت مستمدة من نصوص الشرع الحنيف واجتهاد أهل العلم المعتبرين – رحمهم الله – وتحقيق مناط الأحكام الشرعية على الوقائع المنظورة قضاءً، فهي جهد بشري، يجوز عليه الخطأ والنقص، ولقد قال النبي الكريم – صلوات الله وسلامه عليه – للمتحاكمَين أمامه (لعل أحدكم ألحن بحجته من أخيه، وإنما أقضي بنحو مما أسمع…. الحديث)؛ فقد يتطرق لأي اجتهاد بشري قضائي أو غيره ما يتطرق لغيره من الاجتهاد البشري؛ لذلك ضُمنت نصوص نظام الإجراءات الجزائية ونظام القضاء نصوصٌ تنظّم درجات التقاضي، وكفلت ضمانةً لسلامة الأحكام القضائية من القصور البشري الحاصل؛ فلا يحكم في قضايا الحدود والقصاص أقل من ثلاثة قضاة، والرفع بما انتهى إليه الحكم وجوبي إلى محكمة الاستئناف ومن خمسة قضاة، ومن ثم الرفع للمحكمة العليا حديثاً ومجلس القضاء الأعلى قديماً، ومن خمسة قضاة أيضاً، ولا يسري نفاذ ما يحكم به إلا بمصادقة ولي الأمر – سلمه الله -، ولا يعني ذلك خلو هذه الجهود مما يجوز على أعمال البشر، غير أن وجود أية ملحوظات لا يعني بحال أن يشكِّك في منظومة العدالة في هذه البلاد ومن يقوم عليها، ممن نحسبهم من أهل العلم والفضل والورع، ممن يسعون لتحقيق العدل، وتطبيق الشرع، وإحقاق الحق، وردع وإزهاق الباطل.
وما عنيته في لقاء القناة هو ما لاحظته من ملحوظات – من وجهة نظري – على القضية محل الحديث، لكن ذلك كله يجعل من التسليم لحكم القضاء بعد اكتسابه القطعية النظامية والمصادقة من مقام ولي الأمر أمراً واجباً شرعاً لا مناص منه، مهما كانت وجهات النظر المخالفة، وقديماً قال الفقهاء – رحمهم الله – (حكم الحاكم يقطع النزاع)؛ ما يعني بنفوذ الأحكام القضائية، وإن وجد النزاع الفقهي أو اختلفت وجهات النظر في تطبيق مناط الأحكام على الوقائع محل النظر.
رابعاً: ما أصدره البعض من حديث في بعض المواقع حول حديثي من أن ما ذكرته مصادم لأحكام القضاء لا أقول حوله إلا: سامح الله قائله، وعفا عنا وعنه؛ فالدفاع عن وجهة نظره إذا رآها حقاً لا يجيز له الدخول في نوايا الآخرين، وعملي في الشفاعات في الدماء في هذه القضية وغيرها أرجو من ورائه عملاً صالحاً، ولاسيما أن الشفاعات التي نسعى فيها تنتهي أن يكون العفو فيها لوجه الله تعالى، ثم تكريماً لوجاهة والدنا “خادم الحرمين الشريفين” – حفظه الله- ولَـَكَم من أب وأم وزوجة وأبناء دعوا لهم؛ حُقنت دماء أبنائهم، وكم كان بتلك الشفاعات كفٌّ للشر، وحقنٌ لدماء ربما أُزهقت لو لم تتم تلك الشفاعات، وكم من أقوام كان العداء مستحكماً بينهم وحينما شُفع بالخير، وحُقنت الدماء تبدلت العداوة مودة والجفاء محبة.
وقد كُللت تلك المساعي الحميدة بالعفو عما يقارب 45 نفساً خلال سنة واحدة أو نحوها بحمد الله، وقد رعاها مقام خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – بمتابعة حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز – سلمه الله -.
وإنني لأسأل الله أن يحفظ القيادة الرشيدة، وأن يديم نعمة الأمن والأمان على هذه البلاد المباركة، وأن يحفظ لنا هذه الحكومة المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين؛ لتبقى مناراً للعدل، ومأرزاً للشرع الحنيف، وقائمة على مصالح العباد والبلاد.
هذا ما لزم بيانه، والله ولي التوفيق”.