أبعاد الخفجي-اقتصاد:
صناعة النشر في المملكة اصبحت في الاونة الاخيرة من أضعف الصناعات نموا وإقبالا من المستثمرين، اذ لا يوجد حتى الان مستثمر قوي واحد في هذه الصناعة.
اغلبهم بدأوا صغارا واستمروا صغارا، او انتهوا حيثما بدأوا، حتى الكبار ممن استبشرنا بدخولهم في عالم النشر اضمحلوا وبدأوا في التحول التدريجي الى تجارة الالكترونيات والكمبيوترات واجهزة الجوال واكسسواراته، وباتت المساحة المخصصة للكتاب لا تتجاوز ١٠٪ من صالات العرض الكبرى للمكتبات، في حين كانت ذات يوم تخصص للكتاب اكثر من ٥٠٪ من مساحتها.
بهذه المقدمة بدأ د. أحمد بادويلان، المتخصص في صناعة النشر حديثه حول هذا الموضوع، واضاف: كثير من دور النشر اما ان تكون قد اغلقت ابوابها، او قلصت نشاطها، وآخرون تحولوا من ناشرين الى تجار كتب يعملون في هذا المجال بحذر شديد بعدما تكبدوا الكثير من الخسائر، وتحملوا مثلها من الديون، وامتلأت مستودعاتهم بالكتب الراكدة التي يعلوها التراب، واتلفت العثة الكثير منها وتحملوا على ظهورهم اعباء ايجارات المستودعات الباهظة، اضافة الى رسوم مصلحة الزكاة والدخل السنوية.
وقال: هذه الحال اضطرت بعضهم الى بيع كتبهم بأقل من ريال واحد لتجار الحراج، وعندما بار سوق الكتاب في الحراج ،اتجهوا لبيعها بالكيلو باقل من ٣٠٠ ريال للطن لمصانع تدوير الورق.
وبرر الكثير من العاملين في مجال صناعة النشر ذلك، الى ان سوق الكتاب لم يعد ذلك السوق المغري للعمل فيه، بعد تلقيه لضربات متتالية، اولها التقدم السريع في مجال (السوشيل ميديا)، او ما يسمى بوسائل الاتصال الاجتماعي بشتى ادواته، ما ادى الى سحب البساط من الكتاب، واصبح القراء والباحثون لا يحتاجون الكتاب فيصلون لما يحتاجونه من كتب عبر قنوات اخرى مجانية، وبطرق ميسرة مع خدمات البحث المتقدمة وامكانية القص واللصق بيسر وسهولة.
اما القراءة من اجل القراءة والثقافة فحدث ولا حرج، فقد انتهت زمن الانترنت و”الواتس اب” و”تويتر” وغيرها من وسائل نقل المعرفة الحديثة.
وينقل بادويلان عن احد كبار المستثمرين في صناعة النشر قوله: بأن المغامرة في هذا المجال اصبحت اكثر خطورة وغير مأمونة الجانب، وان احتمالية الخسارة واردة قبل الربح، ناهيك عن المشكلات التي يعاني منها الناشر في مجال التوزيع والتسويق لمنتجه، ومن الضربات التي قصمت ظهر الناشرين توقف الجهات الحكومية عن شراء الكتب، سواء أكان من المؤلف ام الناشر.
ويقول: قبل ان تنتهي صناعة النشر في المملكة، يجب ان يدخل الى سوقها مستثمرون جدد اقوياء بفكر جديد، وادارات متمكنة تقود هذه الصناعة بعيدا عن المحاولات الفردية التى آل جميعها للفشل، لانقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الصناعة قبل أن تصبح شيئا من الماضي.