أبعادالخفجى-اقتصاد:
وسط الضبابية الكبيرة التي يعاني منها مستقبل أسعار النفط، وتردد أصحاب القرار في الشركات النفطية بالعالم من اتخاذ القرارات اللازمة في المشاريع الاستثمارية، من المتوقع أن تتسبب مستويات أسعار النفط المتدنية وفقا لعدة تقديرات في تأجيل وإلغاء مشاريع نفطية تبلغ قيمتها الاستثمارية 200 مليار دولار.
حول ذلك قال ل”الرياض” الخبير النفطي كبير الاقتصاديين في شركة NGP الأمريكية الدكتور أنس الحجي: إن عدم القدرة على توقع مؤشر أسعار النفط خلال الفترة المقبلة أسهم بشكل كبير في تأخير أو إلغاء الكثير من المشاريع النفطية، حيث ان 30% من الاحتياطات النفطية بالعالم والتي تأجلت مشاريع تطويرها تتواجد في كندا ونصفها في المياه العميقة.
وعن القراءات المستقبلية للقطاع النفطي خلال النصف الثاني من العام الحالي ذكر الحجي، أن الدول المنتجة للنفط وخصوصاً المملكة تدرك تماماً أن أي جهود من أوبك لتخفيض الإنتاج هي جهود مصيرها الفشل؛ كون العراق وإيران لن تخفض إنتاجهما في ظل أي سعر وتحت أي ضغط، مما يعني أن التخفيض سيأتي من المملكة فقط، وبذلك ستنتج بشكل أقل دون أي ارتفاع للأسعار يذكر، لذلك من المنطقي افتراض أن المملكة ستواصل سياسة الإنتاج المرتفع خلال الشهور القادمة.
وقال إن الذين يطالبون المملكة بتخفيض الإنتاج ورفع أسعار النفط يتجاهلون أثر هذه السياسة على المديين المتوسط والبعيد، فرفع الأسعار يعني خسارة المملكة لحصتها السوقية بالتدريج، لذلك فإن سعر تسعين دولارا للبرميل سيخفض الحصة السوقية للمملكة من حوالي عشرة ملايين برميل يوميا إلى مليوني برميل بحلول عام 2023، وسيجعلها تخسر كل حصتها السوقية بأسواق الغازات السائلة في أمريكا الوسطى واللاتينية وجزءا من حصتها في آسيا خلال الفترة نفسها، كما أن المصافي السعودية ستعاني معاناة شديدة من منافسة المصافي الأمريكية، وسيخسر قطاع البتروكيماويات السعودي ميزته التنافسية بسبب وفرة ورخص الغاز والغازات السائلة في الولايات المتحدة، الأمر الذي سيؤثر سلبا على الأسهم القيادية في سوق الأسهم السعودي.
وأكد الحجي أنه ليس من صالح المملكة إنهاء ثورة النفط والغاز في أمريكا الشمالية حيث أنه من صالحها وجود نمو معتدل يتماشى مع النمو في الطلب العالمي على النفط، ويمكن أن يتحقق ذلك إذا بقيت الأسعار دون 75 دولاراً للبرميل.
وتابع بقوله رغم الزيادة الكبيرة في الطلب حاليا ومشاكل الصين إلا أن حرب الأسعار تعني استمرار المعروض في الزيادة وارتفاع مستوى المخزون في الدول المستهلكة، وهو الأمر الذي سيبقي الأسعار منخفضة نسبياً، ومن مساوئ الأسعار المنخفضة أنها تؤدي إلى حدوث ارتفاع كبير في أسعار النفط على المدى الطويل، فالأسعار المنخفضة تخفض الانتاج وترفع مستويات نمو الطلب، وقد نتج حالياً عن أسعار النفط المنخفضة تأجيل الكثير من المشاريع النفطية، وفي الوقت نفسه ارتفع نمو الطلب على النفط بشكل كبير حيث تشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى نمو قدره 1.6 مليون برميل يوميا (مليون وستمائة ألف برميل يوميا)، ولو نظرنا إلى البيانات المختلفة لوجدنا أنه التوقعات تشير إلى حصول عجز كبير في الأسواق بعد عام 2017، الأمر الذي سيرفع الأسعار بشكل لا تستطيع الدول المنتجة التحكم فيه.
وعن الاقتصاد الصيني قال الدكتور أنس الحجي إن ما قامت به الحكومة الصينية خلال الأيام الماضية، قد يسهم في استقرار السواق الصينية آنياً مثل تبني سياسات مالية ونقدية لتشجيع النمو الاقتصادي وشراء الأسهم، وذلك من أجل بث الثقة في السوق، ولكن ما يتم القيام به هو عبارة عن مهدئات ولابد أن يأتي اليوم الذي يجب أن تقوم فيه الحكومة الصينية بتغييرات هيكلية لضمان النمو الاقتصادي على المدى الطويل.