أبعاد الخفجي-اقتصاد:
أكد الاقتصادي والمحلل المالي حسين بن حمد الرقيب أن مقومات الاقتصاد السعودي تمنحه القدرة على مواجهة تأثيرات الدورة الاقتصادية التي يمر ها العالم والتي يعد تباطؤ النمو أبرز سماتها، حتى إن طالت فترتها لعقد من الزمان، وقال في حديث ل”الرياض: “إن توجه الحكومة لإصدار سندات بدلاً من السحب من الاحتياطي سيحافظ على رصيد الاحتياطي العام وسيسهم في تنويع أدوات الاستثمار المحلي ويفيد البنوك في ظل ملائتها المالية، وانتقد الرقيب التركيز على سلبيات ما ورد في تصنيف وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عن المملكة وعن البنوك السعودية دون النظر إلى أنه ثبت التصنيف الائتماني للملكة عند AA وهو يماثل تصنيف دولة متقدمة كفرنسا ويعلو على تصنيف دولة صناعية كبرى كاليابان.
كما تطرق المحلل المالي في حديثه إلى أداء وزارة الإسكان وأهمية إشراكها القطاع الخاص في مهامها لحل أزمة السكن وكذلك البطالة وتذبذب مؤشرات سوق الأسهم”.
تأثير انخفاض أسعار
* مامدى تأثير انخفاض أسعار البترول على اقتصاد المملكة؟
– العالم يمر بدورة اقتصادية جديدة يبدو من ملامحها أن هنالك تباطؤ في النمو وبالتالي سوف يستمر الضغط على أسعار النفط وبالتالي سوف تؤثر بشكل سلبي على ايرادات المملكة اذا ماعلمنا أن نسبة اعتماد الاقتصاد السعودي على ايرادات النفط تتجاوز 90% ولكن بفضل الله المملكة استفادت في طفرة النفط في السنوات الماضية وكونت احتياطيات ضخمة تجاوزت 2.5 ترليون ريال حسب النشرة الاحصائية الشهرية لمؤسسة النقد عن شهر يوليو 2015 كما أن حجم الدين بالنسبة للناتج المحلي في حدود 2% وهو الأقل على مستوى العالم لذلك لن يتأثر اقتصاد المملكة على المدى القريب ويمكن أن يظل الاقتصاد السعودي صامداً أمام التحديات لسنوات طويلة قد تمتد الى 10 سنوات .
* ورد مؤخراً توجه الحكومة الى اصدار سندات بدلاً من السحب من الاحتياطي ما مدى تأثير هذه السندات على الاقتصاد المحلي؟
– السندات احدى أدوات الدين التي تستخدم لسد عجز الموازنة وقد لجاءت لها الحكومة للحفاظ على رصيد الاحتياطي العام وكذلك لتنويع أدوات الاستثمار المحلي وسوف تستفيد البنوك من هذه الادوات لاستثمار فائض السيولة لديها وزيادة ربحيتها والبنوك السعودية لديها الملائة المالية لشراء مثل السندات وحسب بعض المصادر لن تتجاوز قيمة السندات المصدرة شهرياً عن 15 مليار ريال وهذا لن يكون له تأثير على حجم السيولة.
التصنيف الائتماني
* مؤخراً صدر تقرير وكالة فيتش للتصنيف الائتماني حيث غير النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي من مستقرة الى سلبية مامدي تأثير ذلك التقرير على اقتصاد المملكة؟
– للاسف تم تداول هذا التقرير بشكل سلبي وتم التركيز على السلبيات في هذا التقرير بينما لم يلاحظ الكثير أن وكالة فيتش تؤكد على متانة الاقتصاد السعودي وقد ثبتت التصنيف الائتماني للملكة عند AA وهو الأهم عند تقييم أي اقتصاد حيث يعتبر هذا التصنيف من أعلى التصنيفات وهو يمنح المملكة قوة ائتمانية عند حاجتها للاقتراض وهذا التصنيف AA يماثل التصنيف الائتماني لبعض الدول المتقدمة مثل فرنسا وأعلى من تصنيف دولة صناعية كبرى مثل اليابان والسبب في تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي هو بسبب واحد فقط وهو تأثر ايرادات المملكة بانخفاض اسعار البترول.
متطلبات لجنة بازل
* ولكن التقرير شمل البنوك السعودية وغير النظرة المستقبلية للبعض منها من مستقرة الى سلبية؟
– صحيح ولكن ذلك كان بسبب تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد الكلي للدولة وليس بسبب تراجع في أداء البنوك وقد خفضت النظرة المستقبلية من مستقرة الى سلبية للبنوك التي لديها تصنيف ائتماني A+ وهى البنوك الاربعة الكبرى سامبا والراجحي والاهلي وبنك الرياض ولم تغير نظرتها لبقية البنوك لأن تصنيفها الائتماني أقل من هذه البنوك الكبرى وفي التقرير أشادت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني بسياسات مؤسسة النقد السعودي الاحترازية للبنوك السعودية والتي أسهمت في تراجع القروض المتعثرة ووصول تغطيتها الى 180% وذكر التقرير أن السعودية لديها تصنيف A في مؤشر مخاطر النظام المصرفي كما أن البنوك السعودية لديها الملائة المالية و القدرة على تحمل مخاطر الازمات العالمية ومعدلات نسبة كفاية رأس المال تفوق متطلبات لجنة بازل 3 وأضاف التقرير بأن نتائج البنوك السعودية من أفضل النتائج على مستوى المنطقة.
الاسكان
* السكن هاجس المواطن هل نجحت وزارة الاسكان في توفير وحدات سكنية للمواطنين في ظل الطلب المتزايد على الوحدات السكنية؟
– لقد تلقت وزارة الاسكان دعماً حكومياً لم تجده أي وزارة حيث تم تخصيص حوالي 250 مليار ريال من فائض ميزانية عام 2012م ولكن لاتزال الازمة تزداد وخطوات وزارة الاسكان بطيئة جداً وان ظلت تعمل بالاسلوب التقليدي فلن تنجح في معالجة المشكلة وفي أعتقادي أن النجاح لن يكون الا في ظل تحويل بعضاً من مهام الوزارة الى القطاع الخاص على سبيل المثال لابد أن يكون للوزراة ذراعان أحدهما للتطوير العقاري والآخر للتمويل العقاري لاحظنا أن مشاريع الاسكان التي تشرف عليها الوازرة تتأخر كثيراً وقد تتعثر بالاضافة الى أن جودة البناء لم تكن بالشكل المطلوب وفي اعتقادي أن استلام القطاع الخاص لهذه المهمة سوف يسرع من عملية الانجاز أما التمويل العقاري لابد من خصخصة صندوق التنمية العقاري أو تحويل مهام ادارة التمويل الى البنوك التجارية واحتساب هامش ربح بسيط نظير الادارة ومتابعة تحصيل الاقساط ويجب أن يكون التمويل كافي لامتلاك المواطن منزلاً وليس جزئي ويتم الاستقطاع شهرياً من حساب المقترض بحيث لا يتجاوز 25% من دخله الشهري وهذه الطريقة سوف تقضي على التعثر في السداد حيث أظهرت الارقام مؤخراً بأن ديون صندوق التنمية العقاري المتعثرة وصلت الى 34 مليار ريال.
البطالة
* البطالة من أهم التحديات التي تواجه الدولة ومع تراجع أسعار النفط هل تعتقد أن يكون هنالك تباطؤ في التوظيف؟
– الدولة تحملت طوال السنوات الماضية عبء معالجة مشكلة البطالة وقامت بتوظيف أعداد كبيرة من المواطنين تفوق الحاجة الفعلية للوظائف مما تسبب في أعباء اضافية على موازنة الدولة حيث أشارت التقديرات أن مايقارب من نصف الموازنة تذهب الى بند الرواتب وهذا خلل كبير وكان الأجدى أن يقوم القطاع الخاص بمهام التوظيف حيث لا حظنا في السنوات الأخيرة تسرب الموظفين من القطاع الخاص الى القطاع العام وهذا يعني أن القطاع العام أصبح ينافس القطاع الخاص وأصبحت القيمة السوقية للموظف في القطاع العام أعلى من القيمة السوقية للموظف في القطاع العام بالاضافة الى أن هامش الامان الوظيفي وقلة ساعات العمل كانت عامل جذب اضافي.
سوق الأسهم
* سوق الأسهم شهد خلال شهر أغسطس تذبذبات حادة ماهي أسباب ذلك من وجهة نظركم؟
– سوق الأسهم ليس بمعزل عن الاحداث العالمية وقد لاحظنا أنه تأثر من أزمة الديون اليونانية وبعدها انخفاض اسعار البترول مروراً بتراجع أسواق المال العالمية وفي مقدمتها الصين وكذلك ضعف نمو الاقتصاد الصيني الذي يعتمد اقتصادنا عليه من خلال مبيعات النفط والصناعات البتروكيماوية ولكن المؤسف أن تراجع السوق المالية السعودية كان الأعلى تراجعاً خلال شهر أغسطس مقارنة مع الأسواق الاخرى وهذا لا يعكس حقيقة التأثير المباشر للشركات المدرجة في السوق السعودي فمثلاً لدينا قطاع البنوك لن يتأثر كثيراً بتراجع النمو العالمي وسوف تحافظ البنوك على نمو ايراداتها حيث أن أغلب استثماراتها في الداخل كذلك قطاعات مثل التجزئة والاسمنت والاستثمار الصناعي، ولم يكن التراجع الذي حصل مبررا الا أن العوامل النفسية لعبت دوراً كبيراً في ذلك التراجع الحاد حيث أن أغلب المستثمرين في سوق الأسهم من فئة الافراد وقراراتهم غالباً تتأثر بالاخبار السلبية وتأتي نتائجها عكسية وتتسبب في بخسائر كبيرة لمدخراتهم وهذا بدورة يفاقم المشكلة ويزيد من انهيار السوق، لاتزال سوق الاسهم واعدة في ظل مكررات ربحية مجدية حيث سجلت في نهاية شهر أغسطس مكرر 15 مرة بينما كانت السوق قبل نحو شهر ونصف يتداول عند مكرر 20 مرة وفي اعتقادي أنها لفرصة لاقتناص اسهم ذات جدوي اقتصادية على المدى المتوسط والطويل.