أبعاد الخفجى-رياضة:
بالتأكيد أن عزوف الجماهير عن دعم المنتخب السعودي وعدم قدرتهم على ملء المدرجات في مبارياته على عكس ما يحدث في مباريات الأندية له أسبابه ودوافعه، وهو ماجعل «دنيا الرياضة» تفتح تحقيقاً حول هذا الملف مع عدد من النقاد لسؤالهم عن الأسباب التي جعلت الجماهير تتسابق وتقاتل من أجل الحصول على تذكرة لحضور مباراة فريقها، وتتجاهل التوجه لمدرجات مباريات الأخضر السعودي، وذلك من خلال التقرير التالي:
في البداية قال الزميل الاعلامي سامي اليوسف: «شكراً لجريدة الرياض العريقة التي فتحت هذا الملف، وقضية عزوف الجماهير السعودية عن الحضور الى الملاعب نعاني منها منذ مواسم عدة، ولكن ازدادت المعاناة الى حد وصفها بالأزمة في مباريات المنتخب وهذه القضية أو الأزمة لها أسبابها برأيي وتتحملها أطراف عدة، فالرئاسة العامة لرعاية الشباب طالبتها مراراً باستحداث مركز للدراسات والبحوث المتعلقة بالرياضة ومنها كرة القدم لتسليط الضوء على الظواهر والمشكلات ودراستها علمياً لمعرفة أسبابها وإيجاد الحلول لأن ذلك ينفع في مسألة (فن ادارة الأزمة) وهذا ما نحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى في عهد الفوضى الخلاّقة التي نعيشها، وترتبط الرئاسة في هذا الجانب بصيانة المنشآت الرياضية، وتحسين بيئة الملاعب بالتعاون مع هيئة دوري المحترفين، وعقود التسويق بخلاف التعصب الذي استشرى في وسطنا الرياضي وجعل المنتخب الوطني يقبع في آخر الاهتمامات للمشجع السعودي.
السؤال ماذا قدمت الرئاسة في هذا السياق؟، ماذا فعلت لمحاربة التعصب؟، والاتحاد السعودي ينبغي أن يكون أكثر حنكة في اختيار ملاعب المباريات بما يكفل الأفضلية للمنتخب بعد التشاور مع الجهاز الفني، ويقرأ مستقبل وتفاعل الحضور الجماهيري، فمن تجارب سابقة لاحظنا قلة التفاعل من جماهير جدة والرياض مع مباريات «الأخضر»، لماذا لا يتجه اتحاد القدم الى استثمار جماهير القصيم أو الأحساء والشرقية، فالجماهير في هذه المناطق تتعطش للمباريات الدولية ورؤية نجوم المنتخب والأندية، ويتحمل اتحاد القدم ايضاً غياب مسألة التسويق لمباريات المنتخب وعدم التحرك إيجابياً في هذا السياق، وإخفاقه في الحفاظ على الصورة الذهنية ل»الأخضر» لدى المشجع السعودي من خلال تأخر التعاقد مع مدرب، وعدم فرض الانضباط على معسكر المنتخب وتعدد مشكلات اللاعبين دون حلول أو عقوبات صارمة جعلت منه جداراً قصيراً ولا ننسى سلبية إدارة الاتحاد إزاء الاتهامات التي طالته من المشرف السابق على المنتخب د. عبدالرزاق أبو داود الذي اتهم أيادٍ بالتدخل والعبث في المعسكر والتشكيلة ومواجهات الاتحاد المتعددة مع الأندية في قضاياها جعلت الحماس لدى مشجعي الأندية يفتر تجاه الأخضر».
واستطرد: «للأسف إن الإعلام اتخذ منحى مختلفاً عن السابق في التعامل مع المنتخب، ذلك أن المسؤولين فيه عن نظرية (حارس البوابة) ليسوا من المتخصصين أو الدارسين للاعلام بل هم من المشجعين أو المطبلين لشرفيين تربطهم وإياهم مصالح مشتركة فلذلك انساق هؤلاء وصفحاتهم خلف مشجعي الأندية في (تويتر) ولم يقوموا بواجباتهم التي تتطلبها رسالتهم الاعلامية، فأصبح المنتخب مثل صفحاتهم ساحة لتصفية الحسابات والتأجيج بسبب التعصب من جهة، والمصالح المشتركة فهذا الصحفي يرتبط بشرفي، وذاك يعمل سمساراً، أو وسيطاً، وثالث يكره نادٍ بعينه ويهمه الترصد للاعبيه في المنتخب فينشر لشرفي متهور يسيء للاعبين معينين، هذه هي بيئة الاعلام حالياً للأسف!، ماذا فعلت الصحافة لشحذ همم مشجعي الأخضر؟، كيف دعمت المنتخب؟، من اسهل الأمور في وقتنا الراهن أن تصبح صحافياً، أو كاتباً في صحيفة، أما تويتر فحدث ولا حرج!، الأندية أيضاً نسأل عن دورها تجاه المنتخب، في السابق كانت الأندية تسير حافلات لدعم المنتخبات الوطنية، وتوعز لروابط المشجعين بالتواجد في المدرج، ويقوم بعض الشرفيين بشراء التذاكر وتأمين دخول المشجعين، أين كل هذا الآن؟، لابد من زيادة الجرعات التثقيفية والتوعوية للجماهير في الأندية من خلال ملتقيات تعقد بشكل منتظم تنبذ التعصب أولاً، وتعزز من قيمة اللحمة الوطنية رياضياً، وتثقف الجمهور بقوانين اللعبة، وقواعد التشجيع والمسائل التنظيمية عند استضافة مباريات دولية عالمية أو اقليمية».
مشجعو أندية لا جماهير منتخب
من جهته تحدث مذيع البرامج الرياضية الدكتور ماجد الحميدي عن القضية بقوله: «ببساطة غالبية الجماهير السعودية وبسبب الاحتقان التنافسي، أصبحت جماهير أندية وليست جماهير منتخب، حتى حينما يتابع المشجع «الأخضر» فإنه يتابع لاعبي النادي الذي يشجعه ولا يتابع الفريق كمنتخب وطن، المنتخب السعودي هو الأضعف جماهيرياً وإعلامياً بالمقارنة مع الأندية الكبيرة على الأقل، أضف إلى ذلك غياب الإنجاز وكثرة خيبات ونكسات الأخضر خلال الأعوام الأخيرة، الفوز يجمع حتى مع التعصب، وهذا ما لم يتوفر مع هذا الجيل، برأيي أن اتحاد القدم بريء من هذا العزوف براءة الذئب من دم يوسف، على الأقل من ناحية تحفيز الحضور، جانب القصور من اتحاد القدم يكمن في عدم خلق المنتخب المرعب المشابه لصاحب الصولات والجولات في الثمانينيات والتسعينيات، خوض المنتخب مباريات في مدن مختلفة كالطائف وأبها وحائل ربما يساهم في البداية بحضور جماهيري كبير، ليس لإختلاف طبيعة هذه الجماهير عن جماهير المدن الكبيرة، ولكن لأن زيارة المنتخب لهذه المدن سيكون تجربة جديدة بالنسبة لسكانها، مع الوقت سيصبحون كجماهير الرياض وجدة لأن البيئة واحدة، وصوت الأندية أعلى من صوت المنتخب».
أما الناقد الرياضي الدكتور محمد الناصر فقال: «برأيي ان عزوف الجماهير عن دعم المنتخب يعود لسببين رئيسيين، الأول أن الأخضر السعودي في الأعوام الأخيرة ابتعد عن تحقيق الإنجازات والبطولات وأصبح هناك انعدام الثقة بين الجماهير والمنتخب، وتسبب في قلة الدعم لعدم ثقتهم في الأسماء الموجودة أو حتى في إدارة المنتخب، أو لثقتهم بأن منتخبنا لن يذهب بعيداً في التأهل لكأس العالم، أو في تصفيات كأس آسيا، السبب الآخر هو الإعلام الرياضي الذي يعتبر شريكاً في زيادة حدة التعصب مؤخراً، وهو ما أدى إلى افراز جماهير تعشق أنديتها أكثر منتخب بلادها، وهذه ظاهرة خطيرة سببها إتاحة مساحة واسعة لاعلاميين غير مهنيين يدعمون أنديتهم على حساب منتخبنا، والتفريق بين اللاعبين في الأخضر ومحاكمتهم وفق انتماءاتهم وألوان أنديتهم، كل ذلك جعل المشجع يبحث عن مشاركة لاعب فريقه المفضل أكثر من اللاعب المؤهل فعلياً لسد الخانة، للأسف خرج لنا جيل يدعم فريقه ويشجعه أكثر من المنتخب نتيجة للأسباب المذكورة، والإعلام هو من رسخ هذه الظاهرة في الحشد الجماهيري».
وأضاف: «الدعم الاعلامي الذي سبق مباراة الإمارات للأسف كان يرتكز على الأندية حتى الحملات المحفزة يتم نشرها بصور لاعبين من أندية معينة، وكل هذا يجعل دائرة التركيز لدى المشجع بأنه يدعم المنتخب بشرط مشاركة لاعب فريقه المفضل، أو استخدام صورة لاعبه والعزف على هذا الوتر، سلبيات هذا التحفيز أكثر من ايجابياته، لا أعتقد بأن أسعار التذاكر سبب مباشر في عزوف الجماهير، والدليل الحضور الجماهيري الكثيف في الحضور المحلي على الرغم منه أن الدخول لم يكن مجانياً، مع ذلك يمتلىء الملعب، برأيي أن قيمة التذاكر ليست سبب رئيسي خصوصاً إذا ما تكلمنا عن دعم منتخب الوطن، لا اعتقد بأن ذلك يحتاج إلى امتيازات وتسهيلات لأن من يعشق وطنه سيكون متواجداً مهما كان الثمن، وعموماً لا أرى بأن الأسعار مبالغ فيها بشكل يمنع من الحضور».
واستطرد: «قضية المدافع سعيد المولد هي امتداد للطرح الاعلامي المتعصب، وتبقى القضية سبباً يؤجج التعصب ومن ثم يفرز لنا جيلاً يعشق ناديه أكثر من المنتخب، لأن ثقة المشجع في اتحاد القدم تهتز ويعتقد بعدم حضوره لمؤازرة المنتخب يعاقب اتحاد القدم، وهذه إشكالية أساسها الاعلام الرياضي، اعتقد بأن نقل المباريات بين مدن المملكة ربما يكون سبباً رئيسياً في زيادة عدد الحضور الجماهيري خصوصاً المدن التي لا تتمتع فرقها بالمنافسة على الدوري ولا يوجد فريق يمثلها في دوري المحترفين، لأنها متعطشة ومتشوقة لرؤية المنتخب ومباريات بهذا الحجم».
طردوا الجماهير
حمل الزميل الاعلامي فيصل الشوشان الاتحاد السعودي لكرة القدم جزءاً من مسؤولية غياب الجماهير كونه تجاهل المنتخب وكرس جهده ووقته من أجل قضية المولد، وقال: «بالنسبة لمباراة الإمارات فقد كنت متوقعاً أن يسجل الملعب هذا العزوف لأسباب عدة، أولها وأهمها عدم وجود حملة إعلامية منظمة لدعم المنتخب إذا استثنينا بعض التغريدات العابرة في تويتر، والأمر الآخر إنشغال الشارع الرياضي برمته بما فيه اتحاد الكرة بقضية سعيد المولد والتي من السخف أن تطرح بهذه الطريقة وهذا التوقيت، في وقت سخر فيه الاعلام الخليجي كل طاقاته لدعم منتخباتهم المشاركة بالتصفيات، والأمر الثالث أن هناك شريحة لا بأس بها تعتقد أن المنتخب لا يمثلها، وهذه حقيقة لا مناص منها بل أنها تشكل شريحة لا يستهان بها، أما اتحاد الكرة وطريقة تعاطيه مع المباراة «تنظيمياً ومالياً» فحدث ولا حرج».
وحول خوض المنتخب مبارياته مستقبلاً في ملاعب القصيم وحائل والطائف وغيرها، قال: «بالنسبة لمدن الأطراف والمناطق السياحية بالمملكة فهي جديرة باستضافة هذه المباريات متى ما كانت الملاعب هناك جاهزة للاستضافة، وشخصياً أحلم بأن أشاهد منتخبنا في القصيم وحائل والطائف وأبها والباحة وغيرها من مدننا الجميلة، أكرر على ضرورة وجود الملاعب الجاهزة، وبالنسبة لضمان الحضور أعتقد أن للشرقية تجارب ناجحة مع المنتخب في المباريات المفصلية إذ يسجل جمهور الشرقية دائماً حضوراً مميزاً في مثل هذه المباريات، وربما لابتعاد جماهير الشرقية عن الصراع الرياضي القائم في جدة والرياض بين جماهير الاتحاد والأهلي والهلال والنصر دور في هذا التوجه نحو الأخضر».
من جهته علق لاعب الوحدة السابق سلطان اللحياني على مسألة غياب الجماهير عن دعم المنتخب فقال: «مساندة المنتخب واجب وطني وللجماهير تأثير إيجابي ومواقف مشرفة في دعم المنتخب، وعدم الحضور بكثافة عالية في المباراة السابقة أرى بأن اهم اسبابه ابتعاد المنتخب لفترة عن تحقيق الإنجازات، ذلك ألقى بظلاله على نسبة الحضور إذ فقد ثقة الجماهير، ولكن وبشكل عام ومع تحقيق النتائج الجيدة اتوقع بأن المدرجات ستكون ممتلئة بعشاق الأخضر، ولعل تحقيق الأندية للبطولات هو المحفز الأكبر لحضور جماهيرها، وأيضاً سعر التذاكر كلما كان بمبلغ رمزي سيكون له اثره على الحضور، خصوصاً إذا ما علمنا بأن اغلب الحضور من فئة الشباب».
وأضاف: «انا من أشد المطالبين بإقامة المباريات في مدن كالطائف وجيزان والقصيم وحائل، وللأسف إن بعض المؤسسات والشركات مقصرة في دعمها للرياضة السعودية، ينبغي أن يكون لها دور تجاه الوطن ورياضته وشبابه، على سبيل المثال رصد جوائز للجماهير يتم السحب عليها، وما إلى ذلك».