أبعاد الخفجى-رياضة:
لم تعد قضايا اللاعبين المادية الشائكة مع أنديتهم، تثير استغراب أو استهجان المتابعين، أو تستدعي فضولهم لسبر أغوارها، بعد أن تزايدت خلال المواسم الأخيرة بشكل متسارع، لتصبح من الأخبار المعتادة، التي يتلقفها المتابع بصورة طبيعية.
فيما مضى كانت شكاوى اللاعبين مع أنديتهم، تتركز حول ناديين أو ثلاثة، أما الآن فطالت جل الأندية من دون تمييز، حتى الأندية ذات العوائد الاستثمارية، كانت في طليعة الأندية، التي باتت طرفا في تأخير مرتبات اللاعبين، أو الإخلال ببنود التعاقد معهم. لجنة الاحتراف ثم غرفة فض المنازعات في اتحاد الكرة المحلي، وأخيرا محكمة (كاس) الدولية، و(الفيفا)، كلها باتت مسارح، لتداول قضايا اللاعبين المحليين والأجانب مع الأندية السعودية، في ظاهرة باتت تؤرق المتابعين، وتأزم أوضاع الأندية ماليا وتستدرج اللاعبين إلى خارج الملاعب، بحثا عن حقوقهم. اتحاد الكرة ومعه إدارات الأندية عليهم دور مهم، في توفير الحلول الآنية والمستقبلية لهذه المعضلة، وعدم الاكتفاء بالإجراءات المؤقتة، التي لا تخرج عن الجدولة، وجبر خواطر اللاعبين بالوعود الوهمية، ما أدى إلى تراكم الديون على الأندية، التي تعاني أصلا من شُح مالي، في ظل عزوف أعضاء الشرف الداعمين، وجفاف منابع الاستثمار الرياضي الحقيقي، القائم على مبدأ الشراكة، وكذلك تأخر مستحقات الأندية لدى اتحاد الكرة، التي تتناثر هنا وهناك، وتتعثر موسما بعد موسم.
المبالغة في توقيع الأندية العقود الباهظة مع اللاعبين في كل صفقة، أضحت هي الأخرى، محورا مهما من محاور الضغط على أوضاع الأندية ولجوء اللاعبين لرفع القضايا لعدم الإيفاء بحقوقهم، وهروب إدارات الأندية من مسؤولياتهم في ذلك، بمجرد توقيع ورقة الاستقالة عند أي أزمة أو إخفاق يعصف بالنادي، ويضعه في فوهة النقد والتقريع من المدرجات، ليظل النادي الكيان هو الذي يعاني بعد ذلك، منتظرا طوَّق الإنقاذ. ما يحدث يؤكد أن بين الأندية ومشروعات الخصخصة مسافات واسعة من الانتظار، قبل تحولها لكيانات خاصة، قد يصبح خطر نهايتها وشيكا ما لم تتغير السياسات المالية في إدارتاها بصورة جذرية ومتوازنة، تحفظ حقوق النادي واللاعب معا، وتحقق النتائج والمخرجات التي تنشدها الجماهير. ومن الإنصاف القول أن الأندية وحدها ليست في مرمى الاتهام وتحمل المسؤولية وحيدة، من دون تدخل اتحاد الكرة بخطة شاملة وقرارات مدروسة وحازمة، تمنح الأندية واللاعبين حقوقهم أولا بأول، وتضع الحلول المناسبة لاحتواء الهدر المادي الكبير، الذي يحدث باستمرار داخل مكاتب إدارات الأندية، وقبل ذلك العمل في منظومة واحدة وقارب واحد، يحمي الجميع ويحفظ الحقوق والواجبات، من مخاطر الإفلاس، والتراجع الذي قد يطال مستقبلا حتى منتخبات الوطن أكثر مما يحدث.