تعتبر جامعة الملك سعود من اقدم جامعات المملكه وأعرقها، وتحمل في طياتها تاريخ كبير وارث تعليمي لا يمكن وصفه. كما أنها تعتبر صرح تعليمي عظيم ساعد في نهوض المملكة في المجال التعليمي بشكل واضح وذلك بفتح باب التعليم لجميع أفراد الوطن وخدمة كل مناطق المملكه المترامية الأطراف ...
كانت البداية مذهله وسريعة جداً وتوازي حجم التطلعات المنتظره من هذه الجامعة الوحيدة والفريدة من نوعها في المملكة. فأخذت جامعة الملك سعود على عاتقها تعليم شباب وشابات هذا الوطن ومن ثم ابتعاث النخبة منهم لمواصلة تعليمهم والعودة بالشهاداة التعليمية العالية ليتسلموا راية التدريس والتعليم وخدمة الوطن وأبناء هذا الوطن.
استمرت جامعة الملك سعود على وتيرة واحده من التطور والنمو والعطاء، وعلى الرغم من إنشاء عدة جامعات تنافسها الا انها تفوقت على الجميع وذلك بجمعها العديد من التخصصات وتخريج طلاب متميزين اثبتوا انفسهم لاحقا في جميع المجالات، وما ساعدها في ذلك هو عدم تميزها بتخصص معين وهذه نقطه إيجابية تحسب لهذه الجامعه الشامخة ..
وكأي منشأه في العالم لابد ان تحصل بعض الإخفاقات وهذا ما حدث عندما صُنفت جامعة الملك سعود تصنيف لا يليق بها ولا يليق بمكانة المملكة العربية السعوديه وبعد التشاور استقر الأمر بإسناد إدارة الجامعه للدكتور عبدالله العثمان والذي كان كفؤ لهذا المنصب وأثبت ان قرار اختياره قرار صائب حيث انتشل الدكتور العثمان جامعة الملك سعود من الأرض ليضعها عاليا في السماء، ليس على الورق كما يروج من لم يرقه نجاح هذا الانسان في عمله بل في الحقيقه وعلى ارض الواقع ..
من سوء حظي اني قضيت سنتين ونصف في عهد الدكتور عبدالله الفيصل مدير الجامعة السابق والذي إستمر قرابة إثنى عشر عاماً لم يحرك خلالها ساكناً. وخلال تلك الفترة تحول الاستاذ أو الدكتور الجامعي لطاغية لا يستطيع الطالب أن يأخذ حقه الذي سُلب منه علانية وفي تلك المرحلة الحرجة أصبح الدكتور لا يآبه بأحد ويتعمد ترسيب بعض الطلاب بحجة أن أشكالهم لم ترق له ..! وعند الشكوى يأتيك البيت الشهير جوابا لشكواك "لقت أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي." إستمر هذا الوضع طويلا فضلا عن تأخر المكافأة لأكثر من شهرين والاهمال الواضح في التجهيزات الدراسية والفصول التعليمية كما وصل هذا الاهمال لابعد من ذلك ليذهب الى سكن الطلاب الذي كان موحش وكئيب وكأنه مهجور ولا يوجد به احد، وكان من المفترض توفير سبل الراحه والهدوء ليساعد الطلاب على الدراسه بدلا من ذلك ..
بعد أن فقد طُلاب الجامعة الأمل بتغيّر الحال وأضحى اليأس أقرب إليهم من أي شيء آخر أتى الدكتور عبدالله العثمان ليُصلح الحال ويقوم بخطوات سريعه لتحسين ما أفسده غيره على الرغم من عدم تفائلنا كثيرا أنذاك ولكن إستطاع الرجل أن يثُبت بالأفعال لا بالأقوال انه جدير بهذا المنصب.
أكملت فترة دراستي المتبقية في عهد الدكتور العثمان الذي جعلنا رغمً عنا نتحسر على عدم وجوده سابقا. فشهادة حق تُقال بحق هذا الرجل أنه عملي ومخلص في العمل ومجتهد ومتواضع جداً لدرجة أنك تراه يمشي في بهو الجامعة أو أحد أروقتها وحيداً بعد أن إعتدنا على رؤية المدير السابق يمشي بموكب كبير ولا يُرى منه الا أصحاب البشوت وعلى بعد مئات المترات من الطلاب ..!
كانت قرارات الدكتور العثمان جريئه وذات حلول مجدية وكان من أوائل قراراته انه تعهد بعدم تأخر المكافآه ونزولها في نهاية كل شهر وبالفعل تم ذلك. كما أمر ببناء كلية للغات والترجمه وتم إنجازها بزمن قياسي جداً وتجهيزها بأحدث الاجهزه والفصول التعليمية المتطورة. وفي حفل افتتاح الكلية ألقى الدكتور خطاباً قال فيه أنه لا يأبه بالاساتذه وأنهم هنا لخدمة الطالب، كما قال كلمة شهيره لا أنساها أبداً وهي أن الطالب على حق الى أن يثبت العكس وزمن تجبّر الأساتذة قد ذهب بلا رجعه.
في الحقيقه لا يسعني ذكر كل ما فعله الدكتور العثمان في جامعة الملك سعود ولكن سأذكر عدة نقاط بشكل سريع ومنها أنه استقطب كفاءات تدريسية على أعلى مستوى وأنشأ أقسام تُعنى بتطوير أعضاء هيئة التدريس، كما قام ببناء فلل وشقق لأعضاء هيئة التدريس إضافه الى وقف الجامعه وأضف على ذلك المدينه الجامعية للبنات. ومن القرارات المهمه والتي تحسب للدكتور العثمان انه اجتمع بطلاب السكن الجامعي واستمع اليهم ونفذ جميع مطالبهم خلال عشرين يوم فقط ..! حيث اجتمع بهم في بداية رمضان وقال اذهبوا وبعد العودة من الاجازه سوف تجدون ما طالبتم به ك الإنترنت والعيادة الطبيعه والكافيهات وملعب كرة قدم وقاعة مذاكرة وقاعه أخرى للاحتفالات، كما أنه لم يكتفي بذلك بل قام ببناء مسجد ومواقف مضلله داخل السكن الجامعي بعد أن كان يُمنع دخول السيارات بلا سبب وأيضاً قام هذا الرجل بإعادة تأهيل أغلب مباني السكن الجامعي المكونة من 36 مبنى بعد أن كانت أغلبيتها مغلقه ولا يسكن بها الا الأشباح ..
وأخيرا لا استطيع ان اتغافل أو أتغاضى عن المواقف المضللة عند الكليات والتي تخدم الطلاب القادمين من خارج الجامعة بعد أن كان الطلاب يعانون الأمرين وكثير منهم يقف بعيداً عند الجسر المُكنى "بجسر البحرين" ويأتون سيراً على الأقدام تحت حرارة الشمس الحارقة لمسافة ليست بالقصيرة ..
أخيراً أتمني أن يكون الدكتور عبدالله العثمان وزيراً للتربية والتعليم أو للتعليم العالي ولو خُيرت لأخترة له وزارة التربية والتعليم لتأثيرها على النشئ الذي يحتاج لإعداد جيد جداً ..
ختاما لا أملك الا أن أقول شكراً من الأعماق دكتور عبدالله العثمان ..
التعليقات 1
1 pings
steve
02/21/2013 في 4:23 م[3] رابط التعليق
مقال تشكر عليه والعثمان غني عن التعريف