أبعاد الخفجى-محليات:
بعد أن كان يدرس بحكم عضويته ورئاسته للجنة المالية بمجلس الشورى ـ الرقيب على أداء الأجهزة الحكومية ـ تقارير ديوان المراقبة العامة وأبرز معوقاته والمقترحات التي تعالجها، أصبح عميد كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة المؤسس بجدة وأستاذ المحاسبة والإدارة المالية د. حسام العنقري وبأمر ملكي المسؤول الأول بالجهاز المنوط به الرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها وكذلك مراقبة كافة أموال الدولة المنقولة والثابتة ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال واستغلالها والمحافظة عليها والرقابة على الشركات التي تساهم فيها الدولة بـ25 في المئة وأكثر من رأسمالها.
أكثر الملاحظات المستمرة والمتكررة التي لايكاد يخلو تقرير سنوي للديوان من إبرازها، عدم تعاون بعض الجهات الحكومية في الرد على الديوان والكشف عن الإجراءات التي اتخذتها لتحصيل المبالغ التي أبدى ملحوظات بشأنها، وقد مضت 13 سنة والديوان يشكو تجاهل كبار المسؤولين في الأجهزة الحكومية من وزراء وتنفيذيين لملاحظاته الرقابية، ليقر الشورى قبل نحو سنتين بوصفه جهازا تشريعيا رقابيا وفي محاولة لردع هذه الجهات التي تتجاهل الملاحظات الرقابية، إلزام الديوان بالكشف وعبر معلومات تفصيلية عن الجهات غير المتعاونة التي لا تلتزم بالرد على ملحوظاته مع تحديد حجم ونوعية المخالفة، وتضمينها لتقارير الديوان المقبلة، ليتسنى للمجلس من خلال لجانه المختصة ممارسة دوره الرقابي على الجهات التي لديها مخالفات ولا تستجيب لملحوظات الديوان ومساءلة تلك الجهات. ورغم استجابة الديوان بالكشف عن تلك الجهات إلا أن الشكوى مستمرة من تأخر الجهات الخاضعة لرقابة الديوان في الرد على ملحوظاته وإيضاح الإجراءات التي اتخذتها لتحصيل المبالغ التي أبدى الديوان ملحوظات بشأنها.
ويقع على عاتق د. العنقري الذي شارك وخلال أربع سنوات بدراسة مشكلات الديوان وأسهم في تشخيص العلاج، تنفيذ قرارات الشورى وتفعيل استقلالية ديوان المراقبة العامة المالية والإدارية، على أن تكون اعتمادات ميزانية الديوان وتحديد احتياجاته الوظيفية من السلطة العليا دون أي تدخل من أي جهة، إضافة إلى تشكيل لجنة عليا لدراسة تقارير الديوان ترفع مرئياتها وتوصياتها إلى المقام السامي خلال فترة لا تتجاوز شهرين من تاريخ رفع التقارير إليها على أن لا يكون أي من أعضائها رئيساً لجهاز تنفيذي يخضع لرقابة الديوان، وهي توصية أقرها المجلس وفقاً لتوصية اشترك فيها د. يحيى الصمعان مساعد رئيس المجلس ود. محمد القحطاني، ود. محمد آل ناجي.
ومن القرارات التي تنتظر متابعة رئيس الديوان المراقبة، إجراء دراسة تحليلية متعمقة عن أسباب وجذور تكرار المخالفات المالية في الجهات الخاضعة لرقابته والحلول المقترحة، بعد أن رصد كثرة وتنامي المخالفات المالية في القطاعات التي تخضع لرقابة الديوان ومن ذلك المبالغ التي اكتشف الديوان صرفها بدن وجه حق أو سند نظامي خلال عام واحد فقط من قبل عدد من الأجهزة الحكومية، إضافة إلى القرار الصادر قبل سنتين لتوسيع نطاق رقابة الديوان على الأداء لتشمل الخطط والبرامج والاستراتيجيات لجميع الجهات الحكومية للتحقق من ان تلك الجهات قد استخدمت الموارد المالية والبشرية في الأنشطة والمهام المنوطة بها، لتحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية للديوان في تطبيق الرقابة على الأداء تنفيذاً للأمر السامي ليشمل نشاط الديوان رقابة أداء الأجهزة الحكومية للتأكد من استخدام تلك الجهات لمواردها بكفاءة واقتصادية وفعالية تامة والتحقق من نجاح تلك الجهات في تحقيق الأهداف المرسومة لها.
وقبل مواصلة تقرير” استعراض أبرز قرارات الشورى التي جاءت على تقارير الأداء السنوية للديوان، نعود إلى المعوقات التي صاحبت أداء الديوان منذ سنوات وباتت مقلقة له وللمجلس الذي صوت بالأغلبية على تشكيل لجنة عليا لوضع حلول عاجلة لمعالجة المعوقات التي تحول دون إحداث أو تفعيل وحدات المراجعة الداخلية في الجهات المشمولة برقابة الديوان. وشكا الديوان من استمرار العديد من الجهات المشمولة برقابته في ارتكاب مخالفات وتجاوزات مالية رغم صدور قرارات سامية بشأنها، وعدم معالجتها لهذه المخالفات وتكرارها مما أشغل الديوان في متابعتها واضطراره إلى إدراجها في تقاريره سنة بعد أخرى وعلى مدى 13 سنة منذ عام ـ 1422 وحتى 1435، وقد ترتب على ذلك الحد من قدرة الديوان على التوسع في عمليات المراجعة المالية ورقابة الأداء، وطالب الديوان بتضمين نظام حماية المال العام ـ الذي لازال يدرس بلجنة خاصة في الشورى ـ جزاءات كافية لمساءلة ومحاسبة جميع من يخالف الأوامر السامية والقرارات والتعاميم المتعلقة بحماية المال العام.
ومن المعوقات التي اعترف بها الديوان في تقريره الأخير للعام المالي 35ـ1436 أسلوب معاملة تقاريره الرقابية السنوية المرفوعة للمقام السامي حول نتائج مراجعة حسابات أجهزة الدولة ورقابة الأداء، معاملة التقارير السنوية للأجهزة التنفيذية عند الدراسة والمناقشة في هيئة الخبراء، وهو مايعني أن الديوان يجد نفسه في مواجهة ممثلي بعض الأجهزة التنفيذية التي طالتها الملاحظة الرقابية وبالتالي لاينتظر ولا يتوقع منهم تأييد ملحوظات الديوان أو الموافقة على توصياته، لاسيما وأنه سبق له مخاطبة تلك الجهات في هذا الشأن إلا أنها لم تتجاوب، وأوضح الديوان بأن نهاية هذا الأسلوب المتبع مع مناقشة تقاريره وتوصياته بهيئة الخبراء، الأخذ برأي الأغلبية أو العلم بما تضمنه تقرير الديوان، وبذلك تفقد تقاريره أهميتها وجدواها ولا تجد توصياته طريقها للتنفيذ مما يؤدي إلى تكرار المخالفات المالية في الأعوام التالية من قبل معظم الجهات.
تقرير الديوان الأخير كشف عن عدم علمه عن سبب عدم إحالة تقاريره حول نتائج المراجعة المالية ورقابة الأداء إلى الشورى، حيث لاحظ المجلس توقف إحالة تقرير الديوان الرقابي وتساءل خلال مناقشته تقرير السنة المالية31ـ1432 عن عدم وصول هذه التقارير إليه التي سبق وأن رفعها للشورى مفصلة في الموعد النظامي وطالب في قراره في الثالث من شهر صفر عام1434 بتزويده سنوياً بنسخة تقرير الديوان المتعلق بنتائج عمليات المراجعة المالية ورقابة الأداء عن الأجهزة الحكومية المشمولة برقابته.
وتكشَّف للديوان عدم مساءلة وزارة المالية للمسؤولين بالإدارات المالية في الأجهزة الحكومية عن أسباب عدم تسديد العهد وتسويتها وقيدها في الدفاتر قبل نهاية الفترة المتاحة وإيضاح نتائج ذلك عند رفع الحساب الختامي للدولة للمقام السامي، وعدم قيام المالية بمساءلة المختصين في الإدارات المالية عن مبررات بقاء أرصدة في حساب الأمانات النقدية والمتنوعة والحوالات وأوامر الدفع والشيكات المدورة من سنوات عديدة سابقة، مما أدى إلى تراكم وتضخم أرصدة العهد والأمانات، وتدويرها من عام لآخر حتى أصبحت مبالغ كبيرة يصعب تسويتها.
ومن أبرز المعوقات المستمرة والتي يواجهها الديوان عدم تمكين وزارة المالية للديوان من فحص الحساب الختامي للدولة ميدانياً، وفحص حسابات البنوك التي تساهم فيها الدولة، وكذلك إعاقة بعض ممثلي الجهات الحكومية لأعمال اللجان لمناقشة تقارير الديوان، واتخاذ بعض مجالس إدارات المؤسسات العامة قرارات حساسة بالتمرير حيال ملحوظات الديوان على الحسابات الختامية وتتبنى دائماً رأي الإدارة التنفيذية للمؤسسة أو الشركة، إضافة إلى إحالة كثير من الأجهزة الحكومية لما يبديه الديوان من ملحوظات إلى الإدارة المخالفة ذاتها للرد عليها وإرسال الإجابة للديوان مباشرةً دون إطلاع المسؤول الأول عليها، وعدم تفعيل وحدات المتابعة في معظم الجهات المشمولة برقابة الديوان.
د. حسام العنقري رئيس ديوان المراقبة العامة الجديد سيبحث عن أسباب تكرار المخالفات المالية والتجاوزات في الأنظمة التي تتطلب التعرف على جذور ومنبع المشكلة ومعرفة الأسباب والثغرات التي تؤدي إلى تكرار وزيادة تلك المخالفات ومعالجة المشكلة من جذورها سواء باقتراح تعديل وتطوير بعض الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بهذه المخالفات، او رفع كفاءة العاملين في القطاعات المالية في الدولة أو غيرها من الأسباب التي ستكشفها الدراسة، وتنفيذ قرار الشورى الذي طالب الديوان بإجراء دراسة تحليلية بشأن تكرار المخالفات المالية والحلول المقترحة.
ويتابع العنقري مصير قرار الشورى لتزويد أمراء المناطق ومجالسها بصورة من تقارير الأداء ونتائج المراجعة المالية للقطاعات الحكومية التي تقع تحت دائرة إشرافهم للتأكد من حسن أدائهم بكل أمانة وإخلاص مع مراعاة ارتباط موظفي الوزارات والمصالح المختلفة في المنطقة بمراجعهم، وكذلك قرار المجلس الذي جاء بناء على توصية عضوه جبران القحطاني ودعا إلى توحيد الكادر الوظيفي والمزايا المالية لكل من ديوان المراقبة العامة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهيئة الرقابة والتحقيق.