أبعاد الخفجى-اقتصاد:
أكد مختصون في الإدارة الصحية أن تضمين السجل الطبي الموحد خطة “الصحة ” في برنامج التحول الوطني سيكون بمثابة النقلة النوعية في كفاءة وسرعة تقديم الخدمات الصحية للمريض وفي تطوير النظام الصحي بصفة عامة، وتقليل التكاليف الإجمالية للخدمات الصحية.
وقال الدكتور شاكر بن أحمد الصالح، استاذ الإدارة المساعد بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، إن السجل الطبي الموحد هدف استراتيجي أكده المختصون، ولكن للأسف لم يتم الاهتمام به طيلة السنوات الماضية، وضمن ” برنامج الصحة للتحول الوطني” سيرتفع السجل الموحد من 0% إلى 70% في عام 2020م.
ولفت الصالح إلى ما كشفه وزير الصحة، الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، من أن وزارة الصحة قدمت 18 مبادرة ضمن برنامج التحول الوطني 2020، بميزانية تقدر أكثر من 23 مليار ريال، وأن من أبرز برامج الصحة ضمن “التحول الوطني ” إيجاد ملف صحي لكل مواطن ومقيم يحوي جميع الخدمات التي قدمت لهم في المستشفيات.
التحول الرقمي
من جانبه أعرب الدكتور حمود الشمري، رئيس قسم إدارة الخدمات الصحية بجامعة حائل، عن اعتقاده أن وزارة الصحة، ضمن خطتها للتحول ستواجه “التحدي الأكبر المتمثل في كسر متلازمة الفشل التي استمرت لأكثر من 15 عاما في تطبيقات الصحة الالكترونية وإيجاد الملف الطبي الالكتروني الموحد لكل مريض”، مؤكداً أن التحول الرقمي لن تقتصر فوائده على توفير أطنان من الورق بل سيكون وسيلة ناجحة في توفير تكرار الإجراءات الطبية في مختلف المؤسسات الصحية وسيسهم مباشرة في جودة الخدمة الطبية المقدمة للمريض لما يحتويه من دقة في البيانات والإجراءات المقدمة للمريض.
مقاومو التغيير
ومؤكدا أهمية السجل قال الدكتور فارس الهمزاني، استاذ المعلوماتية الصحية المساعد بجامعة حائل، استشاري الإدارة الصحية: المهم أن تعرف الوزارة أن مشروع كهذا له تحديات كبيرة وسبق وأن أخفقت به البلدان المتقدمة. فالمسألة ليست برامج كمبيوتر وتدريب وتشغيل ولكن يحتاج إلى وضع خطط تدريجية لعدة مراحل وعدم التركيز فقط على الجانب التقني والفني؛ بل ان أغلب الدراسات تؤكد أن مقاومة التغيير من العنصر البشري تمثل حائطاً ضد التنفيذ.
قبل الخصخصة
ومشيراً إلى أن توجه وزارة الصحة في عهدها الجديد هو “منح الراية للقطاع الخاص بزيادة حصته 15%”، قال الصالح قي تصريح لـ “الرياض” إن ذلك يعني أن المستشفيات الخاصة سوف تكون الخيار الأول للمواطن، وأكد أن هناك الكثير من الخطوات الهامة التي يجب اتخاذها قبل التفكير في خصخصة القطاع الصحي أو جزء منه، وذلك من خلال حصول المواطن على التأمين المناسب الذي يكفل له ولأفراد عائلته العلاج المناسب، والذي يجب أن تصحبه جودة عالية في تقديم الخدمة من قبل مزودي الخدمات الصحية سواء الأطباء أو الممرضين او الصيادلة أو الفنيين أو غيرهم ممن يعمل في المنشآت الصحية، وكذلك ضمان عدم ارتفاع تكلفة الخدمة المقدمة، وكل ذلك يستدعي سن الأنظمة والقوانين الصارمة التي تكفل للمريض حقوقه من الأخطاء الطبية المحتملة والمتزايدة. وأكد الصالح إعادة تشكيل هيئة طبية شرعية يلجأ إليها المريض عند وجود خطأ طبي أو إهمال.
التأني والتروي
واستطرد الصالح مؤكدا أن الصحة من القطاعات الحساسة التي تحتاج إلى الكثير من التأني والتروي قبل اتخاذ القرار بخصخصتها، وأنه لا توجد دولة قامت بتخصيص قطاعها الصحي بنسبة 100%. وحدد استيفاء خمسة متطلبات قبل الشروع في خصص قطاع الصحة، في مقدمتها رفع كفاءة عيادات الرعاية الصحية الأولية وتحسين إدارتها وإنتاجيتها وسرعة تقديم خدماتها بجودة عالية وسهولة الوصول لها، والتزام الدولة بتطبيق التأمين الصحي على شريحتين هامتين من شرائح المجتمع وهما شريحة المتقاعدين والفقراء. وزيادة تطوير كفاءة الكوادر الطبية البشرية وزيادة أعدادهم ومنحهم الحوافز المناسبة (خاصة أطباء العائلة حيث سيكونون المسؤولين المباشرين عن صحة أفراد العائلة).
والمتطلب الرابع في استباق خصخصة قطاع الصحة هو استخدام أحدث الأساليب في تقنية المعلومات والاتصالات وتطبيق السجل الالكتروني الموحد، وتطبيق نظام رقابي صارم وفعال بهدف تحقيق فعالية الأداء المهني وفق نُظم وأُطر تكفل الحقوق والواجبات للمريض والطبيب على حد سواء.
العبء الإداري
وقال “الشمري”: يتضح من أهداف “الصحة” أن الوزارة ستمضي قدما في استحداث مصادر متنوعة للدخل للمساهمة في تخفيف التمويل الحكومي لبرامجها والذي يشكل المصدر شبه الوحيد لإيراداتها، والخطوة الأهم في تحقيق هذه الأهداف هو أن الوزارة يجب ان تبدأ بمعالجة الترهل الذاتي وتقليص العبء الإداري في ديوان الوزارة ومديرياتها.
وهذا يتطلب إعادة هيكلة الوزارة والتخفف من العديد من الأقسام والادارات غير الضرورية ودمجها حسب الاختصاص، والتحول المؤسسي بدلا من البيروقراطية السلبية والتركيز على التحسين المستمر للأداء سيكون احد الاهداف التي ستتحقق خلال الثلاث سنوات القادمة ان شاء الله.
سنوات التعثر
وأشار “الهمزاني” إلى أن خطة التحول 2020 ينظر لها المواطنون على أنها العصا السحرية التي سوف تساعد في رفع نسبة الرضا تجاه الخدمات المقدمة بعد سنوات طويلة من التعثر بتقديم خدمات تتناسب مع الميزانيات التي ترصد.
وقال: نحن على ثقة تامة بأن مرحلة التحول سوف تشهد تحديات كبيرة ولكن بتضافر جهود الزملاء في وزارة الصحة وتكاتف الموطنين فإن خطة التحول ستكون العتبة الأولى لتحقيق رؤية 2030.
وأوضح “الهمزاني” أن توجه وزارة الصحة نحو الخصخصة من خلال رفع مساهمة القطاع الخاص في الإنفاق على الرعاية من 25% إلى 35% هو بمثابة إعطاء مزيد من الثقة للقطاع الخاص وبداية اللبنة الأولى لمشروعات التأمين وكذلك لتخفيف العبء على القطاع الحكومي الذي تعاني منه أغلب المناطق، ولفت الهمزاني إلى أن القطاع الخاص في بعض المناطق لم يصل لمستوى أن يقدم خدمات طبية وقائية وعلاجية ذات جودة وفعالية وبالتالي من الضروري أن تلتفت الوزارة لهذه النقطة من خلال التأكد من الحصول على شهادة الجودة محلياً (سباهي) أو دوليا (JCI) كحد أدنى.
التدخين والسمنة
ولاحظ “الصالح” على خطة ” الصحة” لبرنامج التحول الوطني 2020 أن النفقات التشغيلية للحالات السريرية الإجمالية لن تتغير بين عامي 2016 و2020 حيث بقيت على 33 الف ريال لكل حالة.
كما لاحظ أن خطة الوزارة لم تحالفها الدقة في احتساب الزيادة في نسبة انتشار التدخين وكذلك في نسبة انتشار السمنة. حيث ذكرت الخطة أنه على الرغم من عدم احتساب تلك النسبة فسوف يتم انقاصها بنسبة 1%.
في حين أن المؤشرين مهمين وكان يجب احتسابهما خاصة أن الدراسات العلمية التي قام بها بعض المختصين حول المؤشرين قد خلُصت إلى تحديد أعدادهم والطرق الناجعة للقضاء على التدخين والسمنة.
الأهداف الثمانية
وقال “الهمزاني” إن ما يميز خطة الصحة للتحول 2020 أنها ركزت على الجانب الوقائي الذي يعد البوابة الأولى للمراجع وكلما تمكن الطب الوقائي من القيام بمهامة من خلال التركيز على الأهداف الثمانية للرعاية الصحية الأولية قل الضغط على الجانب العلاجي؛ إضافة إلى دعم المراكز الصحية بالمتخصصين في طب الأسرة وإعادة مفهوم طبيب لكل أسرة الذي يسهم في تقليل حالات الإحالة للمستفيات العامة أو التخصصية وبالتالي يتحقق هدف نسبة الحصول على مواعيد مع التخصص الطبي المطلوب خلال 4 أسابيع.
وأشار إلى أن ” تدريب الأطباء وجذب العاملين السعوديين في الوظائف الطبية المساعدة في الوقت المناسب ” جاء في خطة “الصحة” لرفع كفاءة وفعالية الأيدي العاملة بما يتواءم مع الاحتياج، كما أن تحديد 4 ساعات لاتخاذ قرار طبيب الطوارئ لتتحول النسبة من 40% إلى 75% يعد قفزة تطويرية للحد من طوابير الانتظار.