ابعاد الخفجى-سياسة:
تشهد واشنطن الآن مرحلة من المناورات المعقدة التي تتصل بالوضع في سورية وبالجهود الدولية التي تبذل لإنهاء الأزمة. وتتركز المواجهات على الساحة السياسية الأميركية ذات الصلة بالأزمة السورية بين القوى التي تدعم الحل الدبلوماسي سواء كان على الهيئة التي اقترحها وزيرا الخارجية الأميركية والروسية جون كيري وسيرجي لافروف في مفاوضاتهما الأخيرة في موسكو، أو على أي هيئة أخرى. وفي المقابل هناك من يرون أن الولايات المتحدة فقدت قدرا كبيرا من مصداقيتها ومن قدرتها على التأثير في مسار الأمور في سورية بسبب ترددها، وأن الأمور يمكن أن تتدهور إلى ما هو أسوأ مما يلحق أضرارا بالمصالح الأميركية في الشرق الأوسط.
ويقول والي نصر الباحث الأميركي من أصول إيرانية الذي سبق أن عمل في طاقم وزارة الخارجية الأميركية إن الوضع في سورية تعقد إلى حد لم يعد من الممكن الحفاظ على “التوازن الحرج” لسياسة الإدارة الحالية تجاه الأزمة. وأوضح نصر خلال ندوة عقدت بمعهد بروكينجز أول من أمس “الوقائع الكبيرة والضاغطة تظهر بين فينة وأخرى على درب الأزمة على نحو يحول دون إمكانية تجاهلها. هناك في الأسابيع الأخيرة انفجارات على الحدود التركية وغارة إسرائيلية على مواقع سورية ومذابح في البيضا واستخدام للأسلحة الكيماوية. والمشكلة التي تواجه الإدارة هي أن تلك الأحداث ستزداد تواترا، ومن ثم فإن الضغوط التي تسببها ستتزايد بدورها”.
غير أن الإدارة لا تزال متمسكة بموقفها الحذر. وقد فسر السفير الأميركي الأسبق مارتن آنديك ذلك في الندوة ذاتها بقوله “أغلبية الأميركيين تعارض تورط الولايات المتحدة في حرب جديدة بالشرق الأوسط حتى إذا ثبت أن بشار الأسد استخدم أسلحة كيماوية. والرئيس باراك أوباما حريص على أن يترك تاريخا أنهى فيه حروبا أميركية بالخارج. فكيف له أن يبدأ حربا بنفسه؟”. وتابع “كما أن الرئيس غير مقتنع بأن أي تدخل أميركي قوي يمكن أن يؤدي إلى وضع أفضل. إنه محاصر بين خيار السلبية وخيار التدخل، والخياران سيئان. وفي أفضل الأحوال فإن أقصى ما يمكن أن يذهب إليه الرئيس هو إمداد المعارضة السورية بالسلاح. ويمكن اللجوء إلى هذا الخيار فقط في حالة فشل أي جهود دبلوماسية”.