أبعاد الخفجى-اقتصاد:
خفت الضغوط التضخمية في المملكة في 2015، وبلغ معدل التضخم 2.2% مقارنة بنحو 2.7% في 2014، فيما تزايدت في الربع الأول من عام 2016، وبلغ معدل التضخم 4.3% بسبب تخفيض دعم الوقود والطاقة.
ووفقاً لنظرة تحليلية لكتاب “الاقتصاد السعودي 2015” الصادر حديثاً لعضو هيئة التدريس بقسم الاقتصاد بجامعة الملك سعود د. امتثال الثميري تزامنت مع ذلك بعض المؤثرات التي ساهمت في بقاء معدل التضخم عند هذا المعدل، وعدم ارتفاعه بنسبة أكبر وهي انخفاض اسعار الغذاء العالمية، وبروز قوة الدولار التي ترتب عليها ارتفاع قيمة الريال السعودي امام معظم العملات الرئيسية في العالم، إلى جانب التراجع الملحوظ في السيولة المحلية نتيجة انخفاض الانفاق الحكومي الناجم عن زيادة الضغوط على الميزانية العامة بسبب الهبوط الكبير في أسعار النفط العالمية.
وأشارت الثميري إلى أن المملكة تبنت في 2016 خطة لإصلاح أسعار الطاقة سواء أسعار أنواع الوقود المختلفة وحتى تعرفة الكهرباء، إذ إن تدني أسعار الطاقة محلياً دون مستوياتها العالمية والإقليمية، ودون تكلفة الفرصة البديلة، أدى إلى عدم كفاءة استخدام الطاقة، وإلى استفادة الفئات غير المستهدفة من إعانات الطاقة وإلى الهدر وتفويت ايرادات الدولة، موضحة أن تعديل أسعار الطاقة المحلية من المفترض أن يؤدي إلى إعادة الدعم إلى مستحقية وتحفيز الاستثمار وتوجيهه إلى قنواته التي تحقق افضل العوائد ويزيد من مجالات الترشيد ويحقق إيرادات أعلى للدولة، كما يساهم ربط إصلاح أسعار الطاقة ببرامج لتحسين كفاءتها والتدرج بتطبيقها في تحقيق نمو مستدام وعدالة في التوزيع وزيادة في الشفافية.
وافادت أن التعديلات الاخيرة في اسعار الطاقة في ميزانية 2016 ادت إلى بروز قسم السكن والنقل كمصدرين رئيسيين للتضخم نتيجة الارتفاع الحاد في اسعار مكوناتهما، اذ ارتفع التضخم في السكن من 2.6% في الربع الاول من2015 إلى 8.3% في الربع الاول من 2016 مسجلا أعلى مستوى له منذ ستة أعوام، وبالتالي ارتفعت مساهمة قسم السكن والخدمات المرتبطة به في التضخم الكلي من29% في الربع الاول من2015 إلى 49% في الربع الاول من 2016.
وأشارت د. الثميري أن المملكة قد اتخذت في عام 1995 إجراءات شبيهة لما اتخذته عام 2016 في تعديل أسعار الطاقة، كان لها انعكاس مماثل على التضخم حينها، حيث بلغ معدل التضخم 5.3% في عام 1995 مقارنة بنحو 1.3% في عام 1994، موضحة أنه ما لبث التضخم أن تضاءل في الأشهر اللاحقة، لافتة إلى أنه وفقاً لتحليل الاقتصاد السعودي فإن إيجار المساكن هو المؤثر الأكبر في قسم السكن حيث يمثل نحو 15.6%، مبينة أن تأثيره كبير على معدل التضخم مقارنة بتأثير الزيادات المتدرجة في أسعار الطاقة على التضخم.
وأوضحت أن المنتجات المرتبطة بالطاقة كالمياه والكهرباء والغاز ووقود النقل تشكل في مجملها نحو 3.7% فقط من مجموعة سلة مؤشر أسعار المستهلكين، كما أظهر التحليل أن مساهمة قسم السكن تتصاعد بدرجة أكبر من الزيادة في باقي الأقسام المكونة للرقم القياسي العام للتضخم مما يستدعي الحاجة إلى اتخاذ تدابير لتوفير مساكن ميسرة التكلفة، مثل تحديد نسبة مسموح بها لارتفاع الإيجار السنوي، والسعي إلى الحد من ارتفاع أسعار الإيجارات من خلال عرض أكبر من المساكن والسماح بتعدد الأدوار”العلو الأفقي” في أحياء محددة ومرغوبة للسكن.
وتوقعت الثميري أن تستمر الضغوط التضخمية المحلية خلال العام 2016 وأن التقديرات تشير إلى أن متوسط معدل التضخم السنوي سيبلغ 4.2% بنهاية هذا العام.