أبعاد الخفجى-محليات:
حماية الأطفال من العنف والإيذاء من القضايا المهمة في المجتمع، ليس لكون حماية الأطفال عملاً إنسانيا يزيح العنف عنهم فحسب، وإنما أيضاً لما للظلم والأذى من أثر سلبي على صحتهم النفسية وتشكيل شخصياتهم في المستقبل، حيث إن الدراسات المتعددة في مجالات علم الأعصاب، والصحة العامة، وعلم نفس النمو والتعليم، كلها تؤكد عظم تأثير الخبرات التراكمية التي يمر بها الطفل في السنوات المبكرة من عمره، على نجاحه في مستقبل أيامه، لذلك لابد أن يأتي الحرص على حماية الأطفال من الإساءة والإيذاء بدافع من الرغبة في أن تكون أجيالنا المقبلة سوية في جميع نواحي النمو الجسماني والعقلي والاجتماعي والانفعالي.
ومن هذا المنطلق استضاف مؤخراً القسم النسائي في جريدة “الرياض” الفريق القائم على خط مساندة الطفل برئاسة د. مها المنيف الرئيس التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني، والأستاذة تهاني المجحد مديرة خط مساندة الطفل والمدير الإقليمي لخطوط مساندة الطفل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والأستاذة وجدان الحوتان من إدارة العلاقات والأعلام، لإلقاء الضوء على خدمات خط مساندة الطفل في المملكة العربية السعودية، (116111) وهو رقم هاتفي مجاني موحد يهدف إلى مساندة الأطفال دون سن الثامنة عشرة وكان في استقبال ضيفات اللقاء الزميلة رئيسة القسم النسائي نوال الراشد.
بداية كشفت د. مها المنيف أن المجلس الإشرافي لخط مساندة الطفل اعتمد البدء في تنفيذ الخطة التشغيلية للخط لعام 2017م بانطلاق عمله على مدار 24 ساعة بدلا من 14 ساعة يومياً، وأوضحت بقولها: أن خط مساندة الطفل (116111) يستقبل وفق أحدث الإحصائيات طيفاً واسعاً من المشكلات التي يطرحها الفتيان والفتيات بمختلف أعمارهم، وقد تناولت الاتصالات الجادة الواردة إلى خط مساندة الطفل (30478) موضوعاً مختلفاً تم تصنيفها إلى 15 موضوعاً أساسياً و130 موضوعاً فرعياً، وغطت الاتصالات الواردة 93% من المحافظات في كافة المناطق وسجلت منطقة الرياض ومكة المكرمة ثم المنطقة الشرقية أعلى نسبة لعدد الاتصالات الواردة.
واحتلت مشكلات الصحة النفسية والاجتماعية عند الأطفال النسبة الأكبر من الاتصالات بواقع 27،5 %، تليها العلاقات الأسرية بنسبة 22،7% ثم الإساءة والعنف بنسبة 21،7 %، وتمثل المشكلات النفسية والاجتماعية من أكثر المشاكل التي ترد إلى الخط وذلك لتأثيرها الكبير على نمو شخصية الطفل وسجلت المشكلات السلوكية نسبة أعلى عند الذكور حيث بلغت 52،0 % أما عند الإناث فبلغت 36،9 %، أما بالنسبة للمشكلات النفسية فقد سجلت النسبة الأعلى عند الفتيات حيث بلغت 45،2 % أما عند الأولاد فقد بلغت 25،4 %، كما سجل طلب الاستشارات القانونية من قبل الذكور بنسبة 60،4 % مقارنة بالإناث بنسبة 48،6 %، فيما سجل زواج الإناث النسبة الأعلى وبلغت 23،2 % يليها تسجيل المواليد للذكور بنسبة 19،8 %.
وأوضحت د.المنيف إن خط مساندة الطفل قد اكتسب منذ التدشين الرسمي في مطلع عام 2013م اهتماماً متزايداً من كل شرائح المجتمع المختلفة، لما يقوم به من دور فعّال في خدمة الطفل والطفولة بالمملكة، كما أطلق خط مساندة الطفل مع وزارة التعليم حملات توعوية لطلاب وطالبات مراحل التعليم الحكومي والأهلي في جميع المدارس، وهي من أهم الحملات التي قام بها الخط لضمان وصولها لأكبر شريحة من تلك الفئة، مضيفةً أن الحملات تهدف إلى توعية الطلاب والطالبات بوجود جهة تقدم لهم الحماية والمساندة في حالة الحاجة لها، وتمكين الطلاب والطالبات دون سن (18) من الاتصال بالخط المجاني الموحد (116111)، وكذلك توعية أولياء الأمور بوجود خط مجاني يساند ويخدم الأطفال ويستجيب لاتصالاتهم ويستمع ويقدم المشورة الفورية لهم، مشيرة إلى أن برنامج الأمان الأسري الوطني يقوم بحملات على مدار العام وهي ساهمت في وصول خط مساندة الطفل إلى الفئة المستهدفة في جميع مناطق المملكة.
من جانبها أوضحت الأستاذة تهاني المجحد بأن خط مساندة الطفل يعمل (14) ساعة يومياً من خلال دورتي عمل (صباحية ومسائية) على مدار أيام الأسبوع بمجموعة من المستشارات يصل عددهن إلى (24) مستشارة، كما يتم الرد على الاتصالات وتلقي المكالمات من قبل أخصائيات نفسيات واجتماعيات مدربات ومؤهلات لتقديم الاستشارات بمهنية عالية، حيث تعمل مستشارات خط مساندة الطفل على تفعيل مهارات الإنصات والاستماع الفعَّال لكافة تفاصيل المشكلة، وإعطاء المتصل الوقت الكافي لشرح مشكلته من كافة جوانبها، والوسائل التي حاول اتباعها لحل هذه المشكلة، ومن ثم يتم بعد ذلك مساندة الأطفال أو المتصلين نيابة عنهم معنوياً، وبناء الثقة وتقديم الإرشاد والمشورة المناسبة مع توفير البدائل والخيارات المتعددة وتحفيزهم لاتخاذ القرارات المتعلقة بهم بأنفسهم، مبينةً أنه عند ختام الاتصال يتم شكر المتصل ودعوته للاتصال مجدداً بالخط عند الحاجة في حال لم يحدد له موعد اتصال للمتابعة.
وأكدت المجحد أنه يتم تحديد ماهية المشكلة وخطورتها من طبيعة الإحالة ومدى الاستعجال في التدخل والمعالجة، حيث يقوم الخط بإحالة كل المشكلات بصفة فورية أو عاجلة في نفس اليوم، والتحقق من وصولها إلى ضابط الاتصال في الجهة، كما يتم التحقق من المباشرة الفورية للمشكلات عالية الخطورة، بفترة لا تتجاوز (24) ساعة أما في الحالات متوسطة الخطورة فخلال (72) ساعة، أما في الحالات المنخفضة الخطورة فيتم مباشرتها من 3- 6 أيام مضيفةً أنه بعد ذلك تتم متابعة المشكلة مع الجهة من قبل الخط كل ثلاثة أيام وإعطاء الطفل أو ذويه إفادة عمّا تم بشأنها، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التباين في طبيعة المشكلات وحدتها، والوقت الذي قد يستلزمه حلها، مبينة أنه تمت مباشرة جميع الإحالات الواردة من الخط من قبل كل الجهات، كما تمت معالجة (80 %) من المشكلات الواردة في تلك الإحالات في فترة وجيزة نسبياً.
وفي نهاية اللقاء دعت د. مها المنيف – الرئيس التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني – المجتمع المحلي إلى الانتباه والترويج لخط مساندة الطفل (116111) لضمان وصوله لأكبر شريحة من المجتمع – وخصوصا الأطفال دون 18 عاماً – واستمرار وصول الخدمات لهم للحفاظ على مجتمع سليم وجيل مثمر ومنتج، مؤكدةً أن ذلك لا يخص المؤسسات الحكومية فقط، بل هو شأن كل فرد تؤثر أفعاله في المجتمع.