أبعاد الخفجى-محليات:
أرجع د. صالح الخثلان أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود الانتقادات الواسعة في وسائل الإعلام والتواصل التي تطال مجلس الشورى إلى الصورة الذهنية التي رسمها الرأي العام عن المجلس إلى ارتفاع سقف التعبير الذي تتيحه تلك الوسائل وعدم معرفة الكثير الفرق بين رأي العضو وبين المجلس.
وأكد الخثلان أن مجلس الشورى محكوم في عمله بنظامه الذي حدد صلاحياته لكن الرأي العام لا يقيم أداءه بناء على هذه الصلاحيات بل حسب صورة ذهنية رسمها عن الأجهزة التشريعية والرقابية وينظر للمجلس من خلالها، مضيفاً في حديثه لــ”الرياض” أن الانتقادات الواسعة في وسائل الإعلام الجديد ليست قاصرة على الشورى بل تكاد تطال معظم الأجهزة الحكومية، مرجعاً ذلك بالدرجة الأولى إلى ارتفاع سقف التعبير الذي تتيحه هذه الوسائل من جهة، وكذلك ارتفاع سقف التطلعات لدى المواطنين بسبب التحولات التي يشهدها المجتمع من جهة أخرى.
ويلفت الخثلان إلى أن تصريحات بعض أعضاء الشورى قد يكون لها أثر على صورة المجلس في المجتمع رغم أن هذه تصريحات فردية وتعبر عن رأي العضو وليس المجلس، لكن الرأي العام لا يفرّق بين رأي العضو وموقف المجلس ككل وليس متوقعاً منه أن يفرق، فهذه مسألة تحتاج لاجتهاد ومعايير دقيقة وأفراد المجتمع ليسوا معنيين بها، ولذلك نسمع هذه التعليقات الحادة في وسائل الإعلام تجاه تصريحات بعض الأعضاء، خاصة حين تصدر في أوقات تتسم بدرجة عالية من التحفز والقلق كما نعيشه الآن.
ويؤكد الخثلان أن التعاطي مع هذا الموقف السلبي تجاه المجلس يتطلب معالجات نظامية تعزز من صلاحياته وأخرى إعلامية تساعد في توضيح موقف المجلس تجاه قضايا الشأن العام، وتصحيح أي معلومة مغلوطة في وقتها دون تأخير وهذا يتطلب وجود متحدث رسمي للمجلس وتواصل لا ينقطع مع وسائل الإعلام.
ويجدد أستاذ العلوم السياسية التأكيد على أن التوقعات التي يحملها المواطن من المجلس لا تنسجم مع وظائف المجلس التشريعية والاستشارية، معتبراً أن المشكلة ليست في الجهل بوظيفة المجلس من قبل المواطن بل لأن المواطن يتوقع دوراً رقابياً للمجلس على الأجهزة الحكومية، ونظام المجلس لا يسمح له بهذا الدور باستثناء مراجعة لاحقة لأداء الأجهزة الحكومية دون أن يكون له سلطة فعلية في مساءلة هذه الأجهزة عن سوء الأداء، وهو ما يضعف دور المجلس ويتسبب في حالة اللا مبالاة وعدم الاهتمام الذي يحمله المواطن تجاهه.
وشدد الخثلان على حاجة المجلس إلى تعزيز دوره الرقابي على أداء الحكومة ومنحه سلطة المساءلة لكافة المسؤولين التنفيذيين إضافة إلى أن يكون له دور أساسي في مراجعة الميزانية العامة وقال: “لابد من منح مجلس الشورى الاستقلال التام من السلطة التنفيذية و أن يكون في منزلة أعلى من مجلس الوزراء في دوره التشريعي”مضيفا” بل إن المجلس بحاجة إلى أن يكون رقيباً على مجلس الوزراء فالوضع الراهن يظهر منه ما يشبه الهيمنة لمجلس الوزراء على القرار الحكومي”.
وفي رد للدكتور الخثلان على سؤال حول تقييم أداء المجلس أجاب: بالنسبة لتقييم أداء المجلس فبالنظر إلى ما منح من صلاحيات وفقا لنظامه فأظن أنه قام بالدور المتوقع منه من خلال مراجعة و سن الكثير من الأنظمة، وهذه الوظيفة في غاية الأهمية والخطورة، والبعض لايدرك قيمتها فالتشريع وسن الأنظمة يؤسس للأطر النظامية لكافة الممارسات والتعاملات والمشكلة أن أثرها لا يظهر بشكل مباشر ولكنها لا تقل أهمية عن الدور الرقابي خاصة في ظل النقص التشريعي الملحوظ الذي يضبط التعاملات على مستوى الحكومة والمجتمع.
ويرى استاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود أن الشورى لم يغتنم الفرص المتاحة لتوسيع دوره مشيراً إلى أنه ورغم كثرة تلك الفرص خلال السنوات القليلة الماضية لكنه لم يعمل على استثمارها لتوسيع دوره الرقابي، وقال: “يجب على المجلس أن لا يتوقف عند الوظائف المحددة له في نظامه” وتابع: فالأدوار تتطور بتطور الظروف وقد مضى وقت كافٍ لينظر المجلس في توسيع دوره وعليه أن لا ينتظر توسيع هذا الدور من خلال منحه صلاحيات بل العمل على اقتناصها.
من جهتهم عبر عدد من المواطنين عن تطلعاتهم لأن يستهل المجلس دورته السابعة بتوسيع صلاحياته من خلال إعطائه المزيد من المرونة في مساءلة الوزراء وخاصة وزراء القطاعات الخدمية ذات العلاقة المباشرة بالمواطن وحياته اليومية، مقترحين أن يسند للشورى مناقشة موازنة الدولة قبل إقرارها، مشددين على إصدار قرار ملكي أو تعديل الأنظمة لتكون قرارات الشورى إلزامية، مطالبين في هذا الصدد بإيجاد آلية تمكن المجلس من فرض رقابة خاصة فيما يتعلق بتنفيذ القرارات ذات الصبغة المالية والاقتصادية والتي لها مردود مباشر على المواطن.وأجمع المواطنون ناصر العويضة وعبدالله حمود العتيبي وعبدالعزيز العرادي أنهم مازالوا يتوقعون دوراً رقابياً أكثر على الأجهزة الحكومية رغم أن نظام المجلس يقصر دوره في هذا الجانب على المراجعة اللاحقة لأداء الأجهزة الحكومية بدون سلطة فعلية في مساءلتها ورأوا في ذلك أحد عوامل إضعاف دور المجلس ونظرة بعض المواطنين “اللا مبالية” لما يدور في أروقته.