أبعاد الخفجى-محليات:
حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالباري الثبيتي– في خطبة الجمعة – من التشكي واعتياد السخط , والحكم بفساد الزمان , وإثارة الروح السلبية في المجتمع كونها تقتل الطموح وتثبط العزائم , وتقضي على التنمية , كما حذر من الانهماك في تحليل الأمور , والبحث خلف الأحداث والعيش في سراب الأماني حتى لا يضيع الزمان , وتفسد الأوقات, بالخوض فيما لا نفع ولا فائدة به.
وقال : التغيير سمة الحياة التي لا ثابت فيها , صحة ومرض , ارتفاع وانخفاض , عز وذل جوع وشبع , فقر وغنى , زواج وطلاق , أمن وخوف , حزن وفرح , وتقلبات اقتصادية هذه المتغيرات سنة الحياة التي لا مفر منها ونقرأها في أحداث التاريخ على مر العصور , وعندما تتحول الحياة على نحو سلبي تستدعي النفس الهزيلة مشاعر الحزن والألم والتشاؤم التي تضعف همتها وتقعدها عن السير في الحياة بجد ونشاط , ومن أصول عقيد المسلم الإيمان بالقضاء والقدر بخيره وشره واليقين بأن الأمر والتدبير لله , وأن تغيرات الحياة شأن رباني لا يحيط بها البشر , قال صلى الله عليه وسلم : ” واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك , رفعت الأقلام وجفت الصحف “.
وأضاف : لا يعني الإيمان بالقضاء والقدر الاستسلام لأسر الواقع والركون إلى روتين الحياة والرضا باليأس والتثبيط , بل يقتضي الإيمان دفع الأقدار بالأقدار , والأخذ بالأسباب بصبر وثبات والعمل على تغيير الحال نحو الأفضل , فكم من فقير قلب الله حالها غنى , وكم من مكروب جعل الله كربه فرجا , وكم من مهموم صير الله همه سررا , وكم من مريض ألبسه الله ثوب الصحة والعافية.
وأردف : قد يغفل الإنسان عن تغيير حاله للأفضل بالانهماك في تحليل الأمور والبحث خلف الأحداث والعيش في سراب الأماني فيضيع زمانه , ويفسد أوقاته بالخوض فيما لا يعنيه ولا يفيده , ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول : ” احرص على ما ينفعك ” , أما التشكي واعتياد السخط والحكم بفساد الزمان وإثارةالروح السلبية في المجتمع فإنها تقتل الطموح وتثبط العزائم , وتقضي على التنمية , المؤمن يترك البت في المتغيرات بالركون إلى خالص رأيه , فكم من محنة حملت في داخلها منحة , وكم من بلاء تجلى بعد ذلك عن نعمة , وجود المتغيرات في الحياة نعمة عظيمة تفتح أبواب التفاؤل وتشرع نوافذ الأمل وفيها فرص للنجاح والرقي والبناء , والمسلم مأمور بصناعة التغيير إلى الأفضل في نفسه وسلوكه وحياته باختيار طريق الهدى والخير ودفع التغييرات السلبية.
وأشار إلى أن تغيير الذات والنفس منها يبدأ التغيير في حال الأمة التي تشكو مظاهر التخلف والفقر والرجعية ثم يأتي التسلح بالعلم الذي هو عمود بناء الحضارات وتقدمها في كل زمان قال تعالى : ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “
وتابع : من المستقر في الأذهان أن الإسلام نهى عن كل تغيير يحدث في الإنسان تفسد به حياته ويضعف دينه ونتهك شعائره ومن ذلك الاعتداء على الأموال والأرواح وإخلال الأمن وأكل أموال الناس بالباطل والرشوة والفساد الإداري وإشاعة الفاحشة وإثارة الفتن , والمسلم بداهة لا يقبل بتغيير يفضي إلى شر يسهم بحاله أو مقاله لتغيير يقود إلى زوال النعم.