أبعاد الخفجى-سياسة:
دعا نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، إلى ضرورة ترشيد المعارك في مدينة الموصل بما يكفل حماية المدنيين وإغاثة النازحين وتوفير المستلزمات الإنسانية العاجلة لهم في مواجهة ظروف الشتاء القاسية.
وشدد علاوي أثناء لقائه بمكتبه في بغداد سفير الولايات المتحدة لدى العراق دوغلاس سيليمان، على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية لمنع تكوين حواضن جديدة للإرهاب والتطرف، وتعزيز دور المجتمع في بسط الأمن والاستقرار.
وأكد إياد علاوي بحسب بيان صادر عن مكتبه، إلى تشكيل هيئة سياسية عليا ممثلة لكل شرائح المجتمع في مدينة الموصل، لتحقيق أمنها واستقرارها وإعادة النازحين بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي منها، وقيادة مرحلة انتقالية تمتد حتى إجراء انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان.
إلى ذلك أطلقت الشرطة العراقية الأعيرة النارية في الهواء وهددت بتفريق حشود بخرطوم مياه عندما حاول سكان اجتياح مقر أول عملية لتوزيع المساعدات تنفذها وكالات الأمم المتحدة داخل الموصل أمس في مشهد يعبر عن اليأس في مناطق استعادتها القوات العراقية من تنظيم داعش.
وتهدف عملية توزيع المساعدات إلى الوصول إلى 45 ألف شخص إجمالاً في عدة مواقع لكنها أوضحت التحديات التي تواجهها منظمات الإغاثة التي تسعى لتخفيف النقص الحاد في الماء والأغذية والوقود.
ومع انتشار خبر توزيع المساعدات تدفق سكان حي الزهور على مدرسة ابتدائية للبنين اختيرت كنقطة للتوزيع واصطف الرجال على جانب من البوابة الرئيسية والنساء على الجانب الآخر.
وجاء سعد صالح البالغ من العمر 56 عاماً على مقعد يدفعه أحد جيرانه. وقال صالح “نحن بحاجة إلى كل شيء. يجب إعطاء المعاقين الأولوية. الأمر صعب علينا”.
واصطف الرجال بطريقة منظمة نسبياً لكن النساء تدافعن أمام البوابة وبدأت الأعصاب في الانفلات.
وقال أحد أفراد الشرطة الذين حاولوا السيطرة على الحشد “لا نستطيع دفعهن لأنهن نساء”. ولوح آخر بجزء من خرطوم مياه مهدداً بضرب أي شخص يحاول اقتحام المكان. وفي النهاية بدأ المنظمون في السماح لمجموعات صغيرة من الأشخاص بالدخول لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على التدفق مع تقدم المئات في مقابل عدد محدود من الرجال حاولوا إغلاق البوابة.
واقتحمت الحشود الموقع وبدأوا في تسلق الجدران والتقدم عبر المدخل إلى أن تمكنت الشرطة من استعادة السيطرة بعد أن أطلقت الأعيرة النارية في الهواء ولوحت بعصي طويلة. وفي الخارج وقف صبية بعربات تجر باليد وحمير لنقل صناديق المساعدات لمنازل الناس بأجر. وتكافح وكالات الإغاثة للاستجابة للأزمة الإنسانية في الموصل التي بقي أغلب سكانها في منازلهم رغم القتال.
وكان صوت طلقات أسلحة خفيفة مسموعا من على بعد عدة كيلومترات حيث تقاتل القوات العراقية لطرد المتشددين من الضفة الشرقية لنهر دجلة الذي يقسم الموصل. وحتى في المناطق التي استعادتها القوات الحكومية ما زالت قذائف المورتر التي يطلقها المتشددون تقتل وتشوه السكان.
وداخل المدرسة، أفرغ عمال الإغاثة بمساعدة متطوعين ثلاث شاحنات محملة بالمساعدات ووضعوا الصناديق التي تحتوي على الطعام ومستلزمات النظافة وأدوات لتنقية المياه. وقال حيدر العيثاوي وهو مدير برامج في برنامج الأغذية العالمي يترأس عمليات الاستجابة السريعة “سنقدم المساعدات لكل سكان هذه المنطقة”. وأضاف أنه مع حلول الشتاء تتزايد أهمية الوقود إضافة للماء والرعاية الصحية.
وساد القلق بين المصطفين في الخارج بشأن نصيبهم من المساعدات واشتكوا من أن عمليات توزيع سابقة من جماعات خيرية أصغر وأفراد لم تكن عادلة.
وقال إحسان عبدالله وهو نجار يبلغ من العمر 46 عاما “بعض الأشخاص حصلوا على خمس أكياس من الدقيق بينما لم يحصل آخرون على أي شيء”.
وأمسك أغلب المنتظرين بالبطاقات التموينية الحكومية لكن سميرة محمد حملت إيصالا عليه الختم الرسمي للحسبة التابعة لداعش. ويثبت الإيصال أن المتشددين صادروا البطاقة التموينية الخاصة بأسرتها عندما اعتقل ابنها بسبب تربية الطيور وهو أمر كان محظورا تحت حكمهم. وقال العيثاوي إنه نظرا “للوضع الحرج” فإن أي وثيقة تعرف الأسرة ورب العائلة بشكل موثوق ستقبل بما يشمل تلك التي أصدرتها داعش.
وعلى الرغم من أن المتشددين لم يعودوا في الجوار لفرض تعليماتهم الصارمة بشأن الملبس فقد ارتدت أغلب النساء الأسود الذي يغطي كامل أجسادهن ووجوههن باستثناء العيون. وقال رجل كث الشارب عرف نفسه بأنه رجل شرطة إن ثلاثة من أعضاء داعش عثر عليهم وهو يصطفون للحصول على مساعدات وتم اقتيادهم بعيدا.
ولام إدريس سعيد إلياس (77 عاماً) الحكومة على إيصال العراقيين لوضع ينتظرون فيه المساعدات. وقال إلياس الذي كان الأول في طابور الرجال “إذا كان رأس السمكة فاسداً فسيفسد الباقي… هذا هو العراق”.