حملت مذكرة التفاهم التي أبرمت نهاية شهر رجب الماضي بين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وهيئة النقل العام لتوطين مكاتب تأجير السيارات وسائقي المركبات في شركات التوجيه، حملت البشرى بانفتاح الأبواب أمام أكثر من 200 ألف شاب سعودي للحصول على وظيفة، إلا أن هذه المذكرة لم تحمل ذات الارتياح عند بعض المستثمرين في قطاع تأجير السيارات، حيث أبدوا العديد من الملاحظات، وأكدوا على أهمية معالجتها قبل البدء في تطبيق القرار.
وشملت الملاحظات أموراً مالية وقانونية، وأخرى مرتبطة بالموارد البشرية، وثالثة تتعلق بالجهات الأمنية، إلا أن المتابعين لهذا الشأن باركوا هذه المذكرة، ورأوا فيها خطوة وطنية إستراتيجية ترمق ببصرها نحو آفاق المستقبل البعيد تواكب رؤية 2030 التي جعلت من أبناء الوطن المحور الأساس لجميع مفاصل التنمية بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية، ورأوا أن العمل في مكاتب تأجير السيارات فيه بعد أمني، ويفترض أن يكون بيد المواطن، إلا أن المتابعين تمنوا على جميع الجهات ذات العلاقة بهذا الموضوع الجلوس على طاولة واحدة للخروج بقرار يجني ثماره الوطن والمواطن والمستثمر على حد سواء، فالكاسب من هذا كله هو الوطن وليس غيره.
كساد وخسائر وخروج من السوق
سعيد البسامي “رئيس اللجنة الوطنية للنقل البري بالإنابة، رئيس لجنة النقل البري بالغرفة التجارية بجدة” أيد سعودة الاستقبال في شركات تأجير السيارات، مستدركاً بصعوبة التوطين في الخدمات اللوجستية في هذا القطاع كالميكانيكا، والكهرباء، والسائقين. وشكا البسامي من التراجع الكبير لحركة تأجير السيارات، مقدراً نسبة التراجع في تأجير السيارات بنحو 40%، مرجعاً ذلك إلى الوضع الاقتصادي العام.
وخاطب هيئة النقل قائلاً بأن تحسين الخدمات لا تتم بهذه الطريقة، وأعطى مثالاً على شكوى جميع شركات التأجير من حجم المخالفات بآلاف الريالات التي باتت تفرض عليهم من قبل هيئة النقل لأسباب “وصفها البسامي” بغير وجه حق، ودونما أن يعطى صاحب الشركة مجالاً للمناقشة أو الاعتراض حيث يلزم بالسداد الفوري عبر برنامج سداد، مشدداً على أن هذا أمر منفّر للاستثمار في هذا القطاع المهم.
أوقفوا التراخيص
أكد سعيد البسامي على أهمية تنظيم سوق تأجير السيارات، داعياً لإيقاف منح تراخيص لشركات جديدة، وكشف عن أن سوق تأجير السيارات شهد خلال الفترة الأخيرة خروج مانسبته 15% من الشركات من هذا القطاع مرجعاً هذا الخروج إلى تصرفات هيئة النقل تجاه شركات تأجير السيارات، وأوضح المسببات التي دفعت شركات عديدة للخروج من السوق ومنها ارتفاع أسعار السيارات، وارتفاع أسعار التأمين على السيارات، إضافة إلى التنافس الشديد، وكثرة العرض مع انخفاض الطلب، معتبراً أن تلك الأسباب مجتمعة أسباب أصابت السوق بالكساد الشديد. وتمنى سعيد على هيئة النقل مساندة المستثمرين في قطاع النقل عبر التسهيل عليها في الإجراءات، وكذلك حفظ حقوق الشركات من المستأجرين، وضرورة سرعة البت في قضايا ومطالبات الشركات الموجودة لدى المحاكم، كاشفاً عن أن 30% من أموال شركات تأجير السيارات تهدر كلها في الغرامات، والتأخر في إعادة أموالها من المستأجرين.
لينجح القرار؟
محمد عبدالرحمن السديس “مدير عام مؤسسة لتأجير السيارات” طالب بعدة معايير وسياسات يجب اتباعها قبل إقرار قرار السعودة (التوطين) للنشاط، وذلك لإنجاح القرار والحد من الخسائر التي قد يتسبب بها قرار التوطين على المستثمرين، ومنها ألا يقتصر القرار على ساعة معينة للدوام مشمولة في الإجازات الرسمية وغير هذه الفترة لا يلزم بالسعودة، إتاحة مدة قبل التطبيق لا تقل عن عام واحد وعام بعد التطبيق للتوطين الشامل، وأن يكون على مراحل لتسهيل الانتقال والتخلص من عقود العمالة الحالية مع الاجانب، وإتاحة الفرصة للخروج الآمن من السوق بدون خسائر مالية للمنشآت التي لا تستطيع التكيف مع قرار التوطين، وتدريب الراغبين في العمل كموظف استقبال في نشاط تأجير السيارات من قبل وزارة العمل.
بدوره تمنى محمد بن هادي “مستثمر في قطاع تأجير السيارات” إقرار عقود عمل تكون من وزارة العمل تصاغ من قبل محامين بحيث تكون ملزمة للطرفين (المنشأة والموظف) ويكون بها شرط جزائي في حال عدم الالتزام الاستمرارية، وأن يحظى القرار دعم من صندوق التنمية الموارد البشرية بحث يتكفل بنصف راتب الموظف، كما تمنى على هيئة النقل ضمان حقوق المستثمرين في هذا القطاع من المستأجرين أو من شركة “تحكم” التي باتت تفرض عليهم غرامات غير مستحقة.
وعي ودعم
د. ملفي الرشيدي “عميد كلية المجتمع التابعة لجامعة الملك فيصل في محافظة بقيق” يقول: كل الظروف مُهيأة لنجاح توطين مكاتب تأجير السيارات لوجود إرادة، وتفهُّم ووعي من أصحاب المكاتب للمنافع الاقتصادية جراء إحلال الموظف الوطني مكان الأجنبي، ورأى في هذه الخطوة بأنها ستساعد على تحسين الخدمة المقدمة للمستفيد شريطة التأهيل المناسب للشباب العاملين في هذا القطاع، ولفت نظر الشباب بأن العمل في هذا المجال يتطلَّب التدقيق، والتحرّي، ومعرفة تامة بما يترتب على التأجير من مسؤولية، وما يمكن أن يساء استخدام السيارة بشكل أو بآخر، معيداً الإشارة إلى أن نجاح التطبيق واستمراريته يتطلب التمهين والتأهيل المهاري للعاملين به. وأكد على أن السعودة لها آثارها الاقتصادية والاجتماعية، وبين أن ضبط عمليات التأجير يقلل من الاستخدامات السيئة والمخالفة للنظام والتي عادة تسبب بأضرار اجتماعية وأمنية للمجتمع ومالية للشركة نفسها.
الاندماج مطلب
بندر رفيع الجابري “عضو مجلس غرفة الشرقية رئيس لجنة النقل البري والخدمات اللوجستية في غرفة الشرقية” قدر العدد التقريبي لتراخيص شركات التأجير يبلغ 1400 ترخيص، وعد هذا الرقم بالرقم الكبير، داعياً لدراسة السوق وتنظيمه ومراقبته، وأعرب عن اعتقاده بحاجة الشركات للاندماج، واعتبرها خطوة ستكون لصالح جميع الشركات، كما أن الاندماج سيرفع عدد ونوعية السيارات التي تمتلكها كل شركة، زيادة الخبرات.
واعتبر توطين هذا القطاع خطوة مهمة ومناسبة للشباب السعودي بحكم ثبات الوظيفة في المكتب وداخل المدينة أو المطار ولا يوجد بها تنقل، كما أنها وظيفة ذات إجراءات سهلة وغير معقدة وهي من أسهل وظائف القطاعات عموما، فهي لا تتطلب سوى الإلمام بشيء قليل من الحاسب الآلي وبرنامج (تم) واستلام وتسليم وبعض الإجراءات المالية البسيطة مما يشجع شبابنا على الإقبال عليها.
وتمنى سعودة إدارات مكاتب تأجير السيارات وعدم الاكتفاء بسعودة موظفي الاستقبال، ووصف سعودة الإدارات بالسهل حيث هي بحاجة لتخصصات مدخل بيانات، وتسويق، ومالية، ومحاسبين، مستدركاً أنها بحاجة لبعض الوقت ليتمكن شبابنا من تولي كافة المهام.
ترقب للشباب
حسن المكحل “مسؤول علاقات عامة منذ 7 سنوات في شركة لتأجير السيارات”، وصف التوجه للتوطين في هذا القطاع بأنه سيسهم فتح المجال أمام الكثير الباحثين عن عمل وبالتالي خفض نسبة البطالة، وقدر نسبة السعودة الفعلية في هذا القطاع بأنها أقل من 20% !. ونبه إلى شبابنا لديه الكثير من الرغبة والطاقة التي يمكنه معه أن يحقق نجاحات واسعة من خلال سعودة هذا القطاع، وشدد على أن هذا القطاع فيه أهمية ودقة كونه مرتبط ببرامج حكومية عبر الإنترنت لعميات التأجير ولذا من الأفضل أن تدار بأيدٍ سعودية.
إفشال التوطين
علي الأحمد “موظف في شركة لتأجير السيارات” أمضى ثلاث سنوات، وصف العمل بالبسيط والسهل، وتمنى على وزارة العمل مع تطبيق السعودة أن يكون هناك دعم لمرتب السعودي عبر الموارد البشرية، وكشف علي عن وجود شبه محاربة للسعودة من إدارات الشركات التي يستحوذ عليها غير سعوديين، مضيفاً أن مسؤولي الموارد ومديري شؤون الموظفين في الشركات غير سعوديين، لذا فمعظمهم يعملون على محاربة وجود السعودي عبر استفزازه وتنفيره من العمل وصولاً لإفشال السعودة، وشدد على ضرورة ألا يكون التوطين لموظفي الاستقبال فقط، وإنما كذلك حتى الوظائف الإدارية، مذكراً بوجود آلاف من خريجي كليات التقنية والجمعات في تخصصات إدارة مكتبية ومحاسبة وحاسب آلي وغيرها الكثير من التخصصات.
سهلة
ياسين الوايل “موظف في شركة تأجير السيارات” وصف هذه الوظيفة بالسهلة جداً، وبين أنه مطلوب من الموظف أن يلم ببرامج هي برنامج التأجير، وبرنامج شموس للشرطة، وبرنامج تم للمرور، ومعها بعض الإجراءات البسيطة. وأوضح أن عملية تأجير السيارة لا تستغرق سوى 5 – 7 دقائق. أما ناصر العلي “موظف منذ 4 سنوات” وصف تجربته بالناجحة، وقال إن الشاب السعودي قادر وبسهولة على العمل في شركات التأجير.
وقفة
في تصريح لـ “الرياض” أوضح المتحدث الرسمي لوزارة النقل تركي الطعيمي بأن عدد مكاتب تأجير السيارات الرئيسية يبلغ 2,250 مكتباً، وقدر بأنها ستوفر 10 آلاف وظيفة أمام شبابنا.
خلال جولة ميدانية قامت بها “الرياض” على عدد من مكاتب تأجير السيارات سجلت كيف أن أكثر من 90% من العاملين في تلك المكاتب من غير المواطنين، كما يلحظ الكثير من المجتمع كيف أن مهن الاستقبال في تلك المكاتب هي في غاية السهولة ولا تتطلب سوى مهارات محدودة في الحاسب الآلي وهي مهارات يمتلكها السواد الأعظم من شبابنا، وبالطبع فإن تلك العوامل ستسهم بإذن الله في نجاح هذه الخطوة لتوطين شبابنا في هذه الوظائف التي ستفتح الأبواب للآلاف من الشباب للحصول على فرص عمل.