أكد عدد من رجال الأعمال والعاملين في القطاع الصحي: أن قرار خصخصة القطاع الصحي في المملكة سيحدث ثورة في الخدمات الصحية التي تقدّم للمواطن والمقيم وبما يواكب التقدّم الكبير الذي تشهده بلادنا على كافة المستويات وفي مختلف القطاعات، لافتين إلى: أن الخدمات الصحية التي تقدم عن طريق المستشفيات والقطاع الصحي العام في الوقت الحاضر لا تتواكب مع التطور الذي تشهده القطاعات الأخرى، كما أنها لا تتناسب مع ما يخصص من أموال طائلة للقطاع الصحي ضمن الموازنة العامة للدولة، حيث يحتل القطاع الصحي عادة المرتبة الثانية بعد التعليم والتدريب في حجم ما يخصص له من أموال في الموازنة.

من جهته قال نائب مدير الإدارة الطبية بالتأمينات الاجتماعية د. فهد البسي: إن الهدف من خصخصة المستشفيات هو رفع كفاءة هذه المستشفيات بصورة تؤهلها لمنافسة مستشفيات القطاع الخاص في تقديم الخدمة الطبية المتميزة، مشيراً إلى: أن النظام الجديد سوف يؤدي إلى وقف الهدر المالي في النظام الحالي حيث سيربط التمويل بإنتاجية المستشفيات والأطباء.

وأكد البسي: أن مشروع التأمين الصحي على المواطنين يستهدف تقديم خدمات طبية أفضل للمواطنين، ويلبي احتياجاتهم بشكل أشمل مقارنة بالنظام المعمول به حالياً، وشدد على: أن المملكة تملك بنية طبية ملائمة لتطبيق نظام الخصخصة والتأمين الطبي على المواطنين، وسوف تتطور بالتدريج مع تطبيق النظام، لافتاً إلى: أن التنظيم المصاحب الجديد يلزم المستشفيات أن تكون قادرة على المنافسة في تقديم الخدمة الطبية بصورة أفضل.

وقال البسي: إن النظام الحالي في تمويل الخدمات الطبية يقوم على أن تدفع الدولة ميزانيات إلى وزارة الصحة والمستشفيات والمراكز الصحية التي تقوم بدورها بتقديم الخدمات الطبية للمواطنين وهذا الأمر غير مرتبط بإنتاجية وهو ما يؤدي إلى نوع من الهدر المالي، لكن النظام الجديد يرتكز على أن تسدد الحكومة المبالغ نفسها تقريباً إلى صندوق الضمان الصحي الذي يقوم بشراء الخدمة من مقدمي الخدمة في المستشفيات وفقاً لكل حالة على حدة، وبذلك يكون دخل أي مستشفى مرتبطاً بمدى إنتاجيته، وكذلك الأمر مع الطبيب، مطالباً بالتأكيد على المستشفيات بتوحيد الأسعار تحت مظلة أسعار وزارة الصحة حتى لا يعطي مجالاً للتفاوت والاستغلال.

من جهته أوضح رئيس اللجنة الوطنية بمجلس الغرف د. سامي العبدالكريم: أن خصخصة القطاع الصحي ستشعل المنافسة بين شركات تدير وتشغل المستشفيات بما ينعكس بصورة إيجابية على الخدمات الصحية التي تقدّم للمواطن والمقيم في المملكة، لافتاً إلى أن ذلك يتطلب إيجاد بنية تحتية قوية تتضمّن إعادة تأهيل الكثير من المستشفيات، وإعادة هيكلة قطاع التأمين من أجل تقديم خدمات تأمين ومنتجات تأمينية تواكب ما هو موجود في بقية دول العالم.

وأضاف: أن خصخصة القطاع الصحي بالمملكة سيعمل على إزالة العبء عن كاهل الدولة في الوقت الذي سيحدث ثورة كبيرة في الخدمات الصحية لكافة فئات المجتمع وعلى كافة الأصعدة، لافتاً إلى أن الخصخصة تتطلب مرونة في القرارات وتدرج في التطبيق، وقبل ذلك كله لا بد من إيجاد بنية تحتية قوية تتضمن إنشاء شركات طبية قوية تتبنى إدارة وتشغيل المستشفيات بكفاءة، بالإضافة إلى شركات تأمين قوية، كما هو الحال بالدول المتقدمة في العالم.

لافتًا إلى: أن شركات التأمين الحالية في أغلبها لا تستجيب إلى هذا التطور الذي يمكن أن يشهده القطاع الصحي ولذلك لابد أن تشجّع الدولة الاندماج بين شركات التأمين لتحقق المطلوب خاصة بالنسبة للتأمين الطبي، مشيرًا إلى أن شركات التأمين الحالية تبالغ في أسعار التأمين بدون تقديم خدمة تأمينية تستجيب لمطالب المواطن أو المقيم، وهنا لا بد من التفكير في إعادة هيكلة قطاع التأمين بقوة النظام، وهو من حق المشرع.

من جهته أوضح المختص بالتأمين صالح العمير: أن قرار خصخصة القطاع الصحي سيوثر في القطاع بشكل إيجابي، إذا تمت الخصخصة بشكل صحيح، لافتاً إلى: أن كل منطقة بالمملكة ستكون فيها شركة تقوم بإدارة المستشفيات وتجتمع هذه الشركات تحت مظلة الشركة القابضة، وبالتالي تقوم الشركات ببيع الخدمة والتسعير ومراقبة الجودة.

وشدد العمير على أن من شأن المنافسة في تقديم الخدمة بين الشركات الطبية الكبرى التي ستنشأ مع الخصخصة وكذلك بين شركات التأمين التي توفر مختلف الفئات والمنتجات التأمينية بكل كفاءة، أن تصعد بمستوى الخدمات الطبية في بلادنا إلى أعلى المستويات، لافتًا إلى أن الخصخصة بالإضافة إلى أنها ستزيل العبء عن الدولة سواء من ناحية الصرف أو الموظفين الذين سينتقلون تدريجيًا إلى القطاع الخاص أو القطاع المشترك بين الدولة والقطاع الخاص، فإنها ستبث الحماس أيضاً بين الشركات المتنافسة من أجل تقديم أفضل الخدمات الطبية للفوز بأكبر عدد من الزبائن والعملاء. وقال: إن خصخصة القطاع الصحي الحكومي أصبحت ضرورة في الوقت الحاضر، فكما يعلم الجميع أن القطاع الخاص “ربحي” وبالتالي سيكون الأقدر على إدارة القطاع الطبي أو الصحي بكل كفاءة واقتدار، إلا أن ذلك يتطلب بدون شك حل مشكلة التأمين الطبي أو التأمين عمومًا، حيث إننا نحتاج إلى شركات تأمين كبرى قادرة على التعاون مع المستشفيات أو القطاع الصحي، متوقعاً أن ترتفع قيمة بوليصة التأمين الطبي بالمملكة لتصل إلى ألفين ريال بعد الخصخصة.

من جهته أكد المختص في التأمين رائد الحميد: أن خصخصة القطاع الصحي ستكون له إيجابيات شتى ستصب في مصلحة المواطن والقطاع الخاص والدولة، لا سيما وأن خصخصة هذا القطاع الحيوي الهام هو أحد مُخرجات برنامج التحول الوطني 2020 ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بأهداف رؤية المملكة 2030، وسُتحدث هذه الخصخصة نقلة نوعية في القطاع الصحي في المملكة، وهي نقلة طال انتظارها.

وقال الحميد: إن الإيجابيات عديدة ومن أهمها أن المواطن سيحصل على رعاية صحية أفضل وأسرع مما هي عليه حالياً. حيث ستتحسن جودة الخدمات الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي، ويتحسن مستوى البنية التحتية وإدارة وكفاءة وفعالية المرافق الصحية، بما في ذلك تحسن كفاءة وفعالية قطاع الرعاية الصحية من خلال تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، وستؤدي الخصخصة لزيادة تركيز وزارة الصحة على الدور الإشرافي والتنظيمي لتحسين القطاع الصحي بأكمله. وستصل الخدمات الصحية للمواطنين في جميع مناطق المملكة بشكل أوسع وأسهل، وسيقل وقت الانتظار للحصول على الخدمة الصحية.

وأوضح: أن خصخصة القطاع الصحي ستؤدي إلى تحسين كفاءة استخدام وإنفاق الموارد المتاحة وزيادة حصة القطاع الخاص من الإنفاق من خلال طرق تمويل بديلة وتقديم الخدمات وإيجاد مصادر إيرادات إضافية، مما يُسهم في تحقيق التوازن في الميزانية، كما أن الخصخصة ستُسهم في مكافحة الفساد وتؤدي إلى إصلاح حوكمة النظام الصحي وتحقق أعلى مستويات الشفافية مما يُعزز المُسائلة في قضايا الجودة وسلامة المرضى.

وأشار إلى: أن خصخصة القطاع الصحي ستساهم في تخفيض أسعار بعض الخدمات الصحية المقدمة بشكل عام لا سيما الرئيسية منها وتحسين جودتها، حيث إنها ستخلق المُنافسة العادلة في القطاع الخاص. ولعل من أبرز الشواهد التي يُمكن الاستشهاد بها هنا هي خصخصة الاتصالات السعودية وما حققته من نتائج صبت في صالح المواطن، لكن يبقى ذلك في نهاية المطاف خاضعاً للخطط والإستراتيجيات التي ستضعها وزارة الصحة للعمل على تحقيق تلك النتائج، وذلك من خلال الدور الإشرافي والتنظيمي الذي ستقوم به على المنظومة الصحية سعياً لإنجاح هذا المشروع الحيوي الهام.

وقال الحميد: إن الخصخصة ستؤثر بشكل إيجابي على إنتاجية الكادر الطبي، وستُحثهم على تطوير أنفسهم ومهاراتهم والخدمات الطبية التي يُقدمونها، وأعتقد بأنها ستؤثر أيضاً على مهنيتهم واحترافيتهم وطريقتهم في التعامل مع المرضى والمراجعين، ذلك لأن الكادر الطبي الذي اعتاد على العمل في بيئة حكومية بحتة، والتي ربما كان فيها حيّز من المرونة في التعامل الوظيفي ونوع من التساهل وعدم المُسائلة عند التقصير، سيدرك بعد تحول المرفق الصحي الحكومي الذي كان يعمل فيه إلى مرفق صحي يخضع لإدارة شركة خاصة بأنه أصبح تحت مظلة التقييم والمُكافأة والمحاسبة على الإنتاجية، مما يوجب على هذا الكادر العمل على تحسين آدائه المهني والوظيفي. فالخصخصة كما ذكرنا تخلق روح المنافسة.

وأضاف: أن عملية التحول في القطاع الصحي، ستتم تدريجياً على عدة سنوات، والتحول سيتطلب تغييراً في كثير من السياسات والإجراءات والأنظمة. فبعد أن تمت الموافقة على تأسيس برنامج للضمان الصحي وشراء الخدمات الصحية والذي يتبع لوزارة الصحة، فإن اللجنة الإشرافية لتخصيص القطاع الصحي ستقوم بالمراجعة ورفع مشروع الوثائق النظامية اللازمة لدراستها من هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، وعرضها على مجلس الوزراء بصورتها النهائية تمهيدًا لإكمال ما يلزم في هذا الشأن. فالحديث عن النظام الصحي الجديد وما سيأتي به في رأيي مازال مُبكراً.

خطة الاستثمار في الرعاية الصحية

تعتمد الخطة الاستثمارية الجديدة للرعاية الصحية التي أعدتها وزارة الصحة بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار على طرح ما يزيد على 40 فرصة واعدة بقيمة 266 مليار ريال، تشمل تصنيع الأجهزة والمعدات الطبية، والأدوية واللقاحات، وإنشاء وإدارة المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية والمختبرات والأبحاث، ومعاهد التدريب، والصحة الإلكترونية، والتمويل والتأمين الصحي.

مدى جاذبية ووجاهة الاستثمار الصحي بالمملكة

عوامل الجذب في القطاع الصحي

استمرار الإنفاق الحكومي على القطاع الصحي.

ارتفاع معدل النمو السكاني.

ارتفاع نمط المعيشة غير الصحي.

ارتفاع نسبة الأمراض المزمنة.

زيادة الخبرة الطبية.

النقص في الكادر الطبي.

تنامي خدمة التأمين الصحي.

القروض الناعمة (ذات فوائد منخفضة).

تزايد الاهتمام بالقطاع الصحي لدى دول المملكة، إذ تشهد أعلى وتيرة لبناء المراكز الطبية العالمية، حيث تحتضن المملكة مشاريع طبية عملاقة أبرزها مشروع المدينتين الطبيتين في الرياض وجدة بكلفة تصل إلى 6.8 بلايين دولار، إضافة إلى مشروع مدينة الملك عبدالله الطبية في مكة المكرمة بكلفة تصل إلى 1.4 بليون دولار لتصبح ثالث مدينة طبية متخصصة في المملكة، ومدينة الملك خالد الطبية في الدمام بكلفة تصل إلى 1.2 بليون دولار.

عوائق الاستثمار في المجال الصحي

طبيعة العمل الصحي يتسم بكثافة رأس المال المطلوب والذي يعمل أحياناً كعائق للدخول في هذا الاستثمار

عدم توافر الكفاءات الطبية المحلية والاعتماد الرئيسي على العمالة الوافدة وخاصة الأطباء المتخصصين ,ارتفاع تكلفة تقديم الرعاية الصحية التي تحد من هوامش الربح.