تناقل محللو نفط وغاز روسيون اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد، وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيراً للدفاع، واستمراره فيما كلف به من مهام أخرى بالثناء، مشيرين إلى النجاح الباهر في توطيد علاقة قوية مثمرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتمكنه ببراعة من ربط القوة الجيوسياسية والاقتصادية في المملكة مع القوى الدولية، ما أثمر عنها تأسيس تحالفات سعودية روسية ضخمة حيث يترقب محللو النفط والغاز العالميون إطلاق المملكة من خلال شركة أرامكو السعودية حزمة استثمارات مشتركة مع الشركات الروسية للنفط والغاز بعشرات مليارات الدولارات، بدءا من منطقة سيبيريا الروسية.

وأشاروا إلى أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد مهد أرضا خصبة لعقد اتفاقات وإطلاق مفاوضات سعودية روسية في استثمارات الغاز وهي على أشدها حالياً، وتهيئة الفرص لشركة أرامكو لتتخذ نفس المنحى الذي تتبعه شركة “شل” و”بي بي” وغيرها من الشركات النفطية الأخرى المهيمنة عالمياً والتي تركز في تنويع أعمالها من النفط إلى الغاز.

في حين لفت محللون آخرون إلى دخول المملكة وروسيا حقبة تاريخية في استثمارات الغاز على أثر القيادة الفذة للأمير محمد بن سلمان للمفاوضات بين شركة روسنفت أكبر منتج للنفط في روسيا وشركة أرامكو لبحث استثمارات مشتركة في أصول بالمملكة، ودراسة إمكانية المشاركة في خصخصة شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو فور الإعلان عن شروط البيع، فضلاً عن استثمار أرامكو في شركة أوراسيا دريلينج التي تصنف بأكبر الشركات الروسية المتخصصة في خدمات الحقول النفطية من حيث الأمتار المحفورة، في وقت تعتزم أرامكو تكثيف استثماراتها على مستوى العالم في إنتاج الغاز والغاز الطبيعي المسال بعد إجراء طرحها العام الأولى، فيما ينتظر مشروع أرامكو المرتقب في روسيا الدعم المباشر من صندوق الاستثمار المباشر الروسي الذي تدعمه الحكومة والذي رحب بالاستثمارات السعودية.

ويمهد الصندوق الروسي لفرص قوية لدعم مشروع أرامكو في ظل استحواذه أخيرا على حصة أقلية في شركة أوراسيا ضمن كونسورتيوم مع صندوق استثمار إماراتي وشركاء صينيين، في ظل خطط الصندوق الروسي لتكثيف الاستثمار في الشركة للسنوات الخمس إلى السبع المقبلة بالتركيز على تطوير أعمال الشركة في الشرق الأوسط.

وتشمل المفاوضات والخطط اعتزام شركة “لوك أويل” الروسية ضخ استمارات مشتركة مع السعودية من خلال تسويق النفط مع أرامكو، في ظل خطط الشركة لرفع حجم استثماراتها خلال العام الجاري 2017 بالتركيز على التحالفات السعودية الروسية المشتركة المرتقبة والتي تتزعمها أرامكو التي تبدي من جانبها نفس الاهتمام والتوجه.

وذهب المحللون الروس إلى أهمية تقييم التعاون الحالي والمستقبلي لاستثمارات الغاز بين روسيا والمملكة، حيث تشمل استراتيجية أرامكو الدولية تدويل الاستثمارات والعمليات في روسيا أو جمهوريات اتحاد الجمهوريات الاشتراكية في السنوات المقبلة، وهذه الإجراءات هي جزء من حملة التنوع في استثمارات أرامكو الخارجية، وبالنظر إلى الوضع السعودي الحالي، فإن أرامكو تبحث عن الوصول إلى التكنولوجيا والبحث والتطوير والتعاون منذ عقود مع الشركات الروسية غازبروم، ولوكوال وروسنيفت ويظهر الجانبان الآن استعدادا متزايدا للتعاون في كل من أراضيهما وسيتم ربط الاستثمار في عمليات النفط والغاز الروسية، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال، والوصول إلى تكنولوجيا الغاز الروسية حيث سكون لدى أرامكو روابط بحثية واستثمارات مباشرة مع غازبروم فنيغاز (معهد البحوث العلمية للغازات الطبيعية وتكنولوجيات الغاز) حيث يمكن لعمليات البحوث التي تجريها في ساراتوف بجانب نهر الفولغا أن تدعم بشكل كبير عمليات إنتاج الغاز في المشاريع المستقبلية في المملكة.

ويمكن أيضا أن يكون هذا التعاون مدفوعا بمسألة أخرى، وبالإضافة إلى التعاون التاريخي بين منتجي النفط، كما هو مبين في اتفاقيات منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك (من خارج منظمة الأوبك) في السنوات الأخيرة، يناقش الجانبان منذ سنوات أيضا التعاون العالمي في مجال الغاز، وحتى وإن دفع هبوط أسعار النفط كل من الخصوم السابقين إلى التعاون، فإن التوسع في الغاز يعد مثيرا للاهتمام للغاية من الناحية الاستراتيجية، وبالنسبة لروسيا فإن نهج السوق المشتركة لمنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك ومنتدى البلدان المصدرة للغاز، سيزيد من قوته العالمية، كما هو الحال بالنسبة للمملكة حيث يدرك زعيم الأوبك، الذي يملك احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي وما يرتبط به من غاز، أن استراتيجية منظمة أوبك-غيسف المشتركة يمكن أن تكون لها عدة مزايا استراتيجية رئيسية.

وهذا التحالف السعودي الروسي المرتقب يقود لخلق تكتل طاقوي بين البلدين ومثابة قوة لمواجهة ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة، مما يحجب جزءا من السوق العالمية إذا لزم الأمر، ولكنه سيزيد من الضغط على المنافس الرئيس للمملكة في الوقت الحالي المتمثل في قطر، وهي أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، ومن خلال التعاون مع روسيا، تصطاد المملكة عصفورين بحجر واحد من خلال تعزيز استراتيجية الرياض مع أوبك – روسيا، في الوقت الذي تحتفظ فيه بالسلطة على قطاع الغاز في العالم، إن دعم موسكو لخطط الرياض لن يعود بالنفع على تطوير الغاز الطبيعي في المملكة فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تحجيم قطر بشكل كامل.