جاء قرار هيئة الرياضة برئاسة تركي آل الشيخ بتشكيل لجنة فنية تُعنى باكتشاف المواهب في لعبة كرة القدم من مواليد المملكة في الفئة العمرية ما بين 18 حتى 28 عاماً وتضم كلاً من نجوم الكرة السعودية السابقين نواف التمياط ومحيسن الجمعان وفؤاد أنور وحمزة إدريس ومحمد شلية، ليكشف عن توجه واضح للاستفادة من هذه المواهب التي وُلدت على أراضي المملكة ونشأت في المجتمع السعودي ولإيقاف تسرب هذه المواهب إلى دول أخرى تستفيد منها كمواهب جاهزة ولا تحتاج للتطوير، وهو ما طالب به كثير من النقاد والمتابعين لشؤون الكرة السعودية. “الرياض” ومن خلال ملفها الأسبوعي تفتح هذه القضية وتستطلع آراء عدد من المهتمين في سبيل البحث عن آلية الاستفادة الكاملة من هذا الخيار الجديد وإمكانية مساهمة اللاعبين المواليد في تطور الكرة السعودية على المستويات كافة.

المدرب السعودي خليل المصري علق بقوله: “عندما نتخذ مثل هذا القرار لابد أن نعرف لماذا قررنا وما الفائدة منه، عندما نشكّل لجنة لاكتشاف المواهب من مواليد المملكة ما الفائدة من ذلك؟، إذا كانت هناك خطة لتجنيسهم أستطيع أن اقول بأنه قرار ممتاز وإيجابي وسيفيد الكرة السعودية ويخدمها، لكن إن لم تكن هناك نية لذلك فلماذا نكتشف المواهب ونعدهم ونجهزهم للدول المجاورة التي ستمنحهم الجنسية، ويلعبون ضدنا في المستقبل”.

وأضاف: “من وجهة نظري أعمار المواهب المطلوبة لابد من إعادة النظر فيه، عندما اكتشف موهبة عمرها 28 عاماً أو حول ذلك فما الفائدة؟ خصوصاً وأنه لاعب حواري، ومن الصعب أن يلعب في الأندية والمنتخبات السعودية، سيصبح حاله كحال لاعبي الدرجة الأولى، لكن الأفضل أن نكتشف مواهب أعمارهم صغيرة، يفيدون الأندية والمنتخبات السعودية في المستقبل، وحتى نستفيد من القرار بشكل جيد من الضروري أن يكون هناك برنامج معد لأعوام مقبلة، أما أسبوع واحد مثلما رأينا القرار فهي فترة غير كافية خصوصاً أن المملكة أشبه بالقارة من ناحية المساحة وعدد السكان، لا ابالغ ان قلت بأن اسبوع لا يكف لاكتشاف مواهب حي من أحياء الرياض، ومن النقاط التي لابد من التركيز عليها ان تضم اللجنة مدربين سعوديين لهم خبرة في التدريب وتخصص اكتشاف المواهب، وجود نجوم الكرة السعودية مهم لكن لا يمكن الاستغناء عن المدربين، فمسألة اكتشاف المواهب لا يمكن أن تتم من خلال إقامة مناورة واختيار اللاعبين البارزين، هناك معايير اخرى تتطلب وجود مدربين متخصصين”.

واستطرد: “إذاً أقترح تغيير الفئة العمرية وأن يكون عمل اللجنة دورياً من خلال مدن عدة، وأن يتم جدولة اكتشاف المواهب على مدار موسم كامل، وأكرر الأهم أن تكون هناك خطة للاستفادة من مواهب مواليد المملكة، وإلا فالأفضل التركيز على البحث عن مواهب سعودية، من خلال عمل لجان في مدن مثل جيزان وبيشة وحائل وأبها وغيرها”.

خطوة تأسيس جديدة

يذهب الناقد الرياضي فيصل الشوشان إلى أن القرار من الممكن اعتباره أحد خطوات التأسيس لمرحلة ما بعد مونديال 2018 في روسيا وقال: “هذا الموضوع مهم جداً، أولاً وقبل كل فإن مجرد الالتفات لهذه النقطة يعطينا إشارات واضحة خصوصاً في طريقة خروج الخبر وتوقيته ويدل على أن ثمة توجهاً يتم العمل عليه حالياً، يتعلق بصناعة منتخب يكون نواة لمرحلة ما بعد روسيا 2018 وأن الفكرة ترتكز على صناعة منتخب قوي وأنه لا بأس من تجنيس بعض المواهب من الذين يعيشون في المملكة وهي المواهب التي لم تتمكن من إكمال متطلبات الحصول على الجنسية أو منحهم جوازات وهذا أمر وتوجه سليم 100 بالمائة من حيث المبدأ، ولكن الأهم بنظري هو أننا بحاجة لتقنين من خلال دراسات ومعايير واضحة وأيضاً عبر اختيار دقيق جداً ولا بد من الكشف عن الآلية التي من خلالها سيتم اختيار هؤلاء اللاعبين”.

وتابع: “أتوقع أنه لو نجحت الفكرة باللوائح الخاصة بها فهذا سيشكل نقطة قوة كبيرة جداً للأندية وبالتالي سينعكس الأمر على الأندية وبالتأكيد فإن المستفيد الأكبر هو المنتخب السعودي، لدينا نقاط ضعف كثيرة ونقص في بعض المراكز مثل حراسة المرمى وخط الدفاع وخط الهجوم، وفي المقابل فإن الكثير من النجوم الذين وُلدوا وترعرعوا في المملكة ومن ثم ذهبوا إلى دول أخرى ومثلوا منتخباتها أو خاضوا تجارب احترافية مع الأندية هناك مثل لاعب الوسط عمر عبدالرحمن الذي ذهب للعين الإماراتي وأصبح يمثل المنتخب الإماراتي الشقيق وكذلك الحارس محمد صقر الذي ذهب إلى قطر وغيرهم الكثير من النجوم الذين أعتقد أننا في المملكة أولى بالاستفادة منهم، لذلك أرى أن هذه الفكرة ربما تنجح، وبالنسبة للفئة العمرية لهؤلاء اللاعبين فأعتقد أن الفئة ما بين 18 حتى 25 سنة فهذه مرحلة مناسبة جداً، لكن التوجه يتعلق بالبحث عن المواهب من فئة ما بين 18 حتى 28 سنة وهذا يعني أنه من الواضح أن العملية تتعلق بصناعة لاعبين ذوي خبرة، أي أن هناك رغبة بصناعة لاعب موهوب ومتمكن فنياً ويملك الخبرة وبإمكانه أن يخوض التجربة مع المنتخب في المونديال ما بعد المقبل، ولذلك ربما أن معدل الفئة العمرية المحددة بعشر سنوات كمعدل خوض التجربة والمشاركة يرمي للاستفادة منهم بشكل جيد”.

وأضاف: “بالنسبة لآلية إلحاقهم بالأندية فلا بد من الإشارة إلى ضرورة إلزام الأندية السعودية من قبل اتحاد كرة القدم بتسجيلهم، فمثلاً لو كنت رئيساً لأحد الأندية ولدي خيار الاستفادة من هذه المواهب التي من الممكن أن تمثل الفريق بشكل جيد فهذا من الممكن أن يكون خياراً بديلاً للاعب السعودي إن كانت مبالغ الارتباط معه مرتفعة وبالتالي فإن الفائدة تتجاوز الجانب الفني إلى الجوانب المالية خصوصاً وأننا نرى أرقاماً خيالية في العقود وهذا يعني أنه بالإمكان الاستعانة باللاعبين المواليد كخيار مناسب وتوجه سليم”.

وختم: “بشكل عام أشاهد أن هناك حراكاً كبيراً في الرياضة السعودية وتحديداً في كرة القدم وأتمنى من المعنيين بصناعة القرار التركيز على كرة القدم كصناعة ولعبة وأتمنى أن تلي هذه الخطوات خطوات أخرى متعلقة بتطوير التحكيم مثلاً والذي لو وجد تطويراً حقيقياً فسيكون ذلك إضافة قوية لمستوى الكرة السعودية، وكذلك نحن بحاجة لخطوات تخدم الكرة السعودية على المدى القريب مثل خطوة الإعداد الجيد للمونديال فنياً وحتى من ناحية المكافآت الخاصة بالمنتخب وضبط المصروفات على اللاعبين وعلى العقود وهذا ما نترقبه جميعاً فوجود لوائح وضبط الأمور سيكون ذا أثر كبير على الكرة السعودية”.

نحتاج آلية واضحة

يشير عضو إدارة القادسية السابق جمال العلي إلى ضرورة وجود آلية للاستفادة من هذه المواهب، وقال: “اللجنة تم تشكيلها قبل أيام والأهداف لم تعلن بعد ولكن بشكل عام فإنه لا بد من ظهور آلية واضحة تجيب على الكثير من الأسئلة، فمثلاً حين يسمح للاعبين المولودين والذين نشأوا في المملكة بالمشاركة مع الأندية فهل سيتم السماح لهم بتمثيل المنتخب، أعتقد أن هذا الموضوع سيكون مرتبطاً بقرار سيادي من جهات عليا في المملكة، ولكن بشكل عام الفكرة تتمثل بإمكانية الاستفادة من هؤلاء اللاعبين الذين وُلدوا بيننا في المملكة وهذا أمر جيد، وفي المقابل لا بد من وجود توازن في الأمر فنحن نتحدث الآن عن تواجد ستة لاعبين غير سعوديين في الفريق الواحد من فرق “دوري جميل” وربما تشهد الأيام المقبلة تواجد اللاعبين المواليد وهؤلاء من المؤكد أنهم سينافسون اللاعب السعودي، فمثلاً عندما نشاهد ستة لاعبين غير سعوديين في الفريق الواحد ويقابلهم خمسة لاعبين سعوديين في كل فريق سيكون المجموع 70 لاعباً سعودياً يشاركون بصفة أساسية في “دوري جميل” يتم اختيار جزء منهم للمنتخب وبالتالي لا بد من أخذ هذه المعادلة بالاعتبار”.

وأضاف: “هناك أسماء قدمت نفسها بشكل ممتاز في دوري الدرجة الأولى مثل مهاجم أحد محمد الضوء وها هو يمثل الفريق في “دوري جميل” ويقدم مستويات مميزة والمؤكد أن هناك عدداً كبيراً من المواهب ونحن نشاهد أن هناك العديد من اللاعبين الذين يولدون في المملكة ويذهبون إلى دول أخرى لتمثيل فرقها ومنتخباتها ومن الممكن الاستفادة منهم، وكذلك لا بد أن نتذكر مثلاً بعض التجارب الأخرى فضلاً عن أن هناك لاعبين سعوديين موجودين في بعض الدول الشقيقة وحضروا ولعبوا في المملكة مثل مهاجم النصر السابق نهار الظفيري لكن من الأمور التي يجب التنبه لها هي ضرورة مراعاة الأنظمة والقوانين الدولية، إذ نتذكر جميعاً المشكلة التي واجهها الظفيري حين أراد المشاركة مع النصر، لذلك أعتقد أن ثمة أمور لا بد من ظهورها حتى تتضح الصورة بشكل كامل ولا بد أيضاً من التنسيق بين هيئة الرياضة والجهات المعنية ليكون المشروع متكاملاً وتستفيد منه الكرة السعودية بشكل كامل، فنحن نشاهد الكثير من الدول تستفيد من التجنيس حتى على مستوى الألعاب المختلفة بل ويستوردون لاعبين جاهزين لتمثيل منتخباتهم، ونحن لدينا الفرصة من الاستفادة من لاعبين موجودين في المملكة ونشأوا فيها”.