في أواخر سبتمبر عام 2016، سقط الفتح أمام الرائد بثلاثة أهداف مقابل هدفين، قلّب رئيس الفتح أحمد الراشد كفيّه بعد صافرة سلطان الحربي التي أعلنت نهاية المباراة، الفريق الأحسائي بعد مضي أربع جولات يتذيل سلم الترتيب، ولم يحصد في رصيده النقطي إلا نقطة يتيمة، فيما أهدر 11 نقطة، لم يعد البرتغالي ريكاردو سابينتو يحظى بثقة الرئيس الشاب، وقبل أن يصل الفريق إلى المبرز حيث مقره الرئيسي، بث المركز الإعلامي خبر إقالة المدير الفني ليكون هو الراحل الأول عن الدوري السعودي موسم 2016، من البديل؟ السؤال الأكثر تداولاً بين الأوساط الفتحاوية، أسماء عديدة وخيارات مفتوحة تداولها عشاق بطل الدوري موسم 2012، نزاع ينشأ بين المدرستين الأوروبية واللاتينية، وأصحاب كل فريق من المتنازعين يرجّح مدرسة على الأخرى ويسوق مع الاختيار مبرراته وآرائه.
شمال المبرز وتحديداً حي اليحيا حيث مقر الفتح، كانت أضواء المبنى تطفأ مع غياب الشمس، وحينها تخف حركة طريق الملك فيصل الطريق الملاصق لمنشأة النادي، وحده مكتب الرئيس أنواره مضاءة، وأعضاء المجلس يتحلقون على طاولة الاجتماع، من يخلف البرتغالي في تدريب الفريق؟ كان هذا “السيناريو” المتكرر طيلة أسبوعين توقف فيهما الدوري السعودي، لم يُحسم الجدل ولم يصل الأعضاء إلى خليفة البرتغالي، ازداد الفتحاويون حيرة في أمرهم وبدأ العدد التنازلي لعودة الدوري، خبر فسخ التونسي فتحي الجبال عقده مع الشحانية القطري يحط رحاله في المبرز، الاجتماعات انتهت منذ وصول الخبر لمجلس الإدارة، الرئيس بدأ يبحث في هاتفه المتنقل عن رقم الاتصال مع صانع الانجاز التاريخي، مكالمة لم تدم طويلاً بين الطرفين، لم يتفقا خلالها على صياغة معينة للعقد، ولا شروط محددة ولا حتى مدة زمنية، الاتفاق تم على أن ينجو الجبال بالفتح من الهبوط.
صباح الثلاثاء الـ 11 من أكتوبر، الأحساء تستقبل التونسي فتحي الجبال من جديد، بعد ثلاثة أيام من الوصول تنتظره أولى مبارياته، أمام الاتفاق استطاع الفريق أن يحصل على نقطة واحدة، في مباراته الثانية يتعادل مرة أخرى أمام التعاون، سقوط جديد للفتح مع الجبال أمام الشباب، ثم خسارة ثانية على التوالي أمام الهلال، المباراة السادسة للجبال مع الفتح، الفريق يواصل هدر النقاط ويتعادل مع الباطن، الشكوك ترتفع لدى جماهير الفتح، والجبال في مؤتمر المباراة يؤكد: “التعادل لم يكن هدفنا، لكنني أثق في هذه المجموعة كثيراً”.
في الجولة التي أعقبتها استقبل الفتح نظيره الوحدة، وعقب بداية الشوط الثاني بعشرة دقائق، فتحي الجبال يجد نفسه متأخراً بهدفين مقابل هدف، في غضون دقائق يسيرة، الجبال يستنفذ جميع تغيراته بحثاً عن عودة فريقه للمباراة، ما كان يبحث عنه تحقق، البديل أندريه فيليب أوكرا يصنع هدف التعادل، ويعود لصناعة الهدف الثالث، ثم يختتم نجوميته بتسجيل الهدف الرابع، والفتح يحقق أول انتصاراته في الموسم.
موسم الفتح الذي ابتدأ بكابوس الهبوط، والعودة للعب تحت أشعة الشمس في الدرجة الأولى، أصبح يتلاشى جولةً بعد أخرى، ولم يكتفِ الجبال بتحويل الموسم على الصعيد المحلي فقط، بل حتى خارجياً تحولت مشاركة الفتح الآسيوية، من كابوس الهزائم الثقيلة إلى مشاركة مشرفة على الرغم من الخروج من دور المجموعات، في ختام الموسم وضع الجبال فريقه بالمركز الثامن في سلم الترتيب، لذا كان استمراره موسماً آخر، هو القرار الأول الذي أصدرته إدارة الفتح مع ختام منافسات الموسم الماضي.
في الموسم الجاري، الفتح بالمركز الثامن حتى الآن تفصله نقطة عن المركز الرابع، استعاد الفريق تحت قيادة الجبال الكثير من عافيته، وأصبح داخل الملعب فنياً بشكل أقوى، فمع كل مستوى مميز يقدمه الفريق في المباريات، يتذكر الفتحاويون وهم يستمعون لصوت الجبال يرتفع على خط الملعب موجهاً لاعبي فريقه موسم الحلم عام 2012، حين توج الفريق بلقب الدوري السعودي لأول مرة بتاريخ النادي، وما بين المنجز والموسم الجاري، رحل الكثير من اللاعبين عن تشكيلة الجبال، ولم يبقَ من رفاقه في منجزه التاريخي عدا حارس المرمى عبدالله العويشير، وثنائي الوسط نوح الموسى ومحمد الفهيد.
فتحي الجبال، لم يحظَ بتجارب مميزة حين رحل عن الفتح، ولم يكن هو الآخر طريقه مفروشاً بالورود، على الرغم من أنه أشرف على تدريب ثلاثة أندية في ثلاثة دوريات مختلفة، لكنه لم يحقق في أي واحدة من هذه الأندية منجزاً يحفظه التاريخ، وفي المقابل تراجع أداء الفتح كثيراً، وأصبح ضيفاً شرفياً يصارع على البقاء في كل موسم، اختلف السيناريو في موسم واحد أشرف على الفريق التونسي ناصيف البياوي، وقاده لتحقيق المركز الرابع والمشاركة الآسيوية، فيما عدا ذلك كان الفريق منذ أن حقق الإنجاز التاريخي، مجرد ضيف شرفي وأحد المنافسين لمراكز المؤخرة في سلم الترتيب، وهذا التراجع منذ أن افترق الجبال والفتح، ربما يكون محفزاً جديد لهما في صناعة إنجاز آخر، لطمس إخفاق السنوات الأخيرة، فهل ستطول عودة الجبال بفتح الأحساء إلى قائمة البطولات مرةً أخرى؟.