ناقش منتدى الرياض الاقتصادي أمس دراسة المنظومة التشريعية ذات العلاقة بالتنمية الاقتصادية، وذلك في الجلسة الأولى لليوم الثاني من المنتدى، التي يرأسها رئيس ديوان المظالم الشيخ د. خالد اليوسف، بحضور مقدم الدراسة المحامي والمستشار القانوني عاصم العيسى، وشارك في الجلسة النقاشية المحاورين أمين عام الهيئة السعودية للمحامين بكر الهبوب، ومساعد الرئيس للشؤون المالية والإدارية الجميح القابضة د. أحمد الغامدي. وتناولت الجلسة الأولى دراسة الوضع الراهن للتشريعات في المملكة ذات العلاقة بالقطاعات الاقتصادية، وتحديد أوجه النقص والثغرات والتعارض وتداخل الاختصاصات بين بعض التشريعات، وأثر ذلك على التنمية الاقتصادية، في الوقت الذي تنطلق فيه رؤية المملكة 2030 نحو تعديل التشريعات، بهدف تسهيل وتحفيز التنمية الاقتصادية، ومعالجة جميع المعوقات والتحديات التي تواجهها، وناقش المشاركون العديد من المحاور والتساؤلات حول ما مدى وجود تشريعات غير مطبقة على أرض الواقع، وعن مدى وجود تعارض أو تنازع بين التشريعات وتعدد جهات الاختصاص في التشريع، بالإضافة الى مدى وجود فراغ أو نقص في بعض التشريعات، ومدى تواؤم التشريعات المحلية مع التشريعات الإقليمية والعالمية، وكذلك مدى الالتزام بالاتفاقيات الاقتصادية الموقع عليها. واستعرض مقدم الدراسة عاصم العيسى أهداف الدراسة المتمثلة في التعرف على دور المنظومة التشريعية في تحقيق التنمية الاقتصادية، ومعرفة مدى تطبيق بعض التشريعات على أرض الواقع، ورصد أهم نماذج التجارب التنموية الاقتصادية العالمية الناجحة، كما تناول نماذج مختارة من تشريعات تتعلق بالتخصيص وبالرسوم وبقطاع التشييد والبناء وبالصناعة والطاقة والتعدين والتمويل وبسوق المال وبسوق العمل وبالجمعيات الأهلية، مشيدًا بتجارب خمس دول روعي فيها التنوع وهي تجربة ماليزيا وتركيا وكوريا الجنوبية وألمانيا والبرازيل.
فيما طالب مساعد الرئيس للشؤون المالية والإدارية بشركة الجميح القابضة د. أحمد الغامدي بضرورة استصدار صكوك ليتيح للشركات الغير مساهمة في الحصول على تمويل، حيث يساعد ذلك في استقرار السوق المالية ويرفع من التنمية الاقتصادية، مفيداً أن سوق العمل بحاجة إلى علاج الفوارق بين القطاع العام والخاص من حيث ساعات العمل والإنتاجية والمحاسبة.
واختتم الجلسة أمين عام الهيئة السعودية للمحامين بكر الهبوب بكلمة بين فيها أن هدف التشريعات الاقتصادية هو التوازن بين مصالح ومطالب القطاع التجاري والصناعي والقطاعات الإنتاجية من جهة ومطالب العمال والأجهزة الحكومية من جهة كون هذا التوازن سيعطي الثقة بالتشريعات من جهة ويمنح المستثمر رؤية أدق عن القدرة بالتنبؤ بمخاطر الاستثمار.
وأوصى الهبوب بإنشاء مركز تابع لمراكز متابعة وتقييم الأعمال والبرامج لرؤية المملكة 2030 يتضمن مركزاً وطنياً لقياس كفاءة التشريعات الاقتصادية وإجراءات سنها.
فيما ناقشت الجلسة الثانية لمنتدى الرياض الاقتصادي دراسة “قياس ورفع إنتاجية العنصر البشرى في الاقتصاد السعودي”، التي عقدت برئاسة مدير معهد الإدارة العامة د. مشبب القحطاني، وشارك بالحوار فيها وكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للتوطين الموجه د. تماضر الرماح، وعضو مجلس الشورى د. صالح الشهيب، وقدم الدراسة المدير التنفيذي لمركز دراسات سوق العمل بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية د. عبدالرحمن الخريف. ودعت الدراسة إلى العمل على الإحلال التدريجي للعمالة غير الماهرة التي تسهم بشكل مباشر في ضعف مستوى إنتاجية العمل، بالإضافة إلى الاهتمام ببيئة العمل المادية والتنظيمية في القطاعين الخاص والعام بحيث تشجع العنصر البشري على العطاء والانجاز.
وتناولت الدراسة عدداً من المحاور التي تهدف من خلالها إلى تقديم رؤية شاملة عن إنتاجية العامل في الاقتصاد السعودي، وتحديد أسباب انخفاض وارتفاع الإنتاجية في القطاعات المختلفة، وقياس الآثار الاقتصادية لانخفاض الإنتاجية على الاقتصاد الوطني، كما عملت الدراسة على استقصاء مرئيات المسؤولين الحكوميين ومسؤولي الشركات المحلية والأجنبية والأكاديميين والسعوديين على رأس العمل للوقوف على أسباب انخفاض وارتفاع الإنتاجية، بالإضافة إلى عرض عدد من التجارب الدولية الناجحة، واقتراح المبادرات القابلة للتنفيذ على أرض الواقع؛ لتحقيق أهداف الدراسة، وتدعم توجه المملكة ورؤيتها 2030 للتنمية المستدامة. وأشارت الدراسة إلى أن الإنتاجية في المملكة شهدت على مدى العقد الماضي معدلات منخفضة مقارنة ببعض الدول النامية، مما جعل المملكة أمام تحدى يتمثل في ضرورة رفع مستوى الإنتاجية، الذي بدونه لن يكون بالإمكان إنشاء صناعات قادرة على التنافس عالمياً والإسهام في تنويع القاعدة الاقتصادية ضمن مشروع التحول الوطني ورؤية المملكة 2030. وسعت الدراسة إلى تحديد العوامل المؤثرة على إنتاجية العامل سلباً وإيجاباً، ومقارنتها بحسب القطاعات المختلفة، إضافة إلى تحديد آليات رفع إنتاجية العنصر البشرى في الاقتصاد السعودي.
وتتوافق أهداف الدراسة مع ما تشهده المملكة من توجه لتنويع مصادر الدخل، كما أن الارتقاء بمعدلات الإنتاجية يمثل أحد المكونات الأساسية في برامج الاصلاح الاقتصادي والهيكلي الذي تعمل عليه المملكة حالياً.