كانت مفاجئة وأعلى من توقعات المحللين وبيوت الخبرة هي تلك الأرقام التي أعلنت في ميزانية 2017 وموازنة 2018 فيما يخص الإيرادات غير النفطية، وهي الهدف الأهم الذي تتمحور عليه رؤية السعودية 2030 تذكرت وأنا أشاهد تلك الأرقام كلمات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله خلال حديثه التلفزيوني الأول في قناة العربية عندما تحدث عن الرؤية وذكر في تلك المقابلة عبارة كانت تحمل شرارة التغيير الذي كان يخطط له حينما قال إننا في السعودية لدينا حالة ادمان نفطية عطلت عجلة التنمية، كان الهدف هو وصول الإيرادات غير النفطية إلى حاجز 1 تريلون ريال في 2030 طبعاً هذا الرقم في نظر أصحاب الفكر الضيق رقم مستحيل تحقيقه ولكن من يرجع الى سير العظماء يعرف أن أولئك العظماء طموحاتهم عالية جداً وتحقيق الأهداف العظيمة والمستحيلة أسهل لديهم من البقية بفضل هممهم العالية.

اذا الإيرادات غير النفطية تنمو بشكل يفوق التوقعات في 2010 كانت الإيرادات غير النفطية فقط 71 مليار ريال تمثل 10 % من اجمالي الإيرادات والبقية إيرادات غير نفطية وتمثل 90 % بل وصلت الى 93 % في عام 2012 وهذا خطير جداً على الاقتصاد الذي تأثر فعلياً بعد هبوط أسعار النفط الى مستويات أقل من 40 دولار للبرميل.

في تقديرات الموازنة لعام 2018 متوقع أن تتجاوز الإيرادات غير النفطية حدود 291 مليار ريال بنمو يفوق 400 % عما تحقق في 2010 بل إن نمو الثلاث سنوات بعد اعتماد رؤية 2030 تجاوز 172 % وهو نمو عال جداً يؤكد رغبة حكومة المملكة الوصول للأهداف المرسومة على الرغم بأن هنالك إيرادات للاستثمارات والشراكات الجديدة لصندوق الاستثمارات العامة لم تتحقق حتى الآن وتحتاج من 3 الى 5 سنوات حتى تظهر نتائجها والتي سوف تعزز الإيرادات غير النفطية.

سوف تستمر الدولة في سياستها برفع الدعم عن الطاقة والكهرباء والمياه تباعاً حتى يتم الوصول الى أن تكون الأسعار مساوية للأسعار العالمية وقد ساهمت السياسات السابقة في دعم منتجات الطاقة الى هدر كبير في مقدرات الدولة وتسببت أيضاً في تكوين سلوك لدى المجتمع السعودي بعدم الاهتمام بتوفير الطاقة وهناك هدر كبير وخطير تطال آثاره مختلف جوانب الاقتصاد الوطني وأن هذه المشكلة في الأساس ناتجة عن عدم وجود ثقافة توعوية ولكن رفع الدعم عن منتجات الطاقة سوف تعجل بتغيير السلوك والتفكير جدياً في توفير الطاقة والاعتماد على البدائل الموفرة للطاقة، وهنا لابد من الإشارة الى الشركات سواء الصناعية منها أو التجارية الى وضع استراتيجيات تتماشي مع الرؤية السعودية 2030 والتي تهدف الى رفع الدعم وزيادة الرسوم سواء على العمالة الوافدة او رسوم البلديات أو غيرها والتي سوف تؤثر على ربحية تلك الشركات ان لم تتحرك مجالس إدارات الشركات في وضع خطط ترشيد وخفض للمصاريف بالإضافة الى زيادة المبيعات وتفعيل عمليات التسويق بطريقة توصل منتجات الشركات الى كل الجهات لتغطية تلك الاثار لأن الدولة سوف تسير في رؤيتها ولن تتوقف عند بعض الشركات التي أثرت الرسوم والطاقة على أربحاها بل يجب على قطاع الاعمال دعم سياسة الدولة في التقليل على الاعتماد على الإيرادات النفطية والتي تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد المحلي عند هبوط الأسعار والتي تنعكس اثارها السلبية على قطاع الاعمال والشركات، اذا الإيرادات غير النفطية هي الأمان لاقتصادنا وعلى الجميع تقبل كل الإجراءات والتغيرات في السياسات المالية وان كانت بدايتها مؤلمة ولكن سوف يجنى الجميع فوائد تلك الإصلاحات سواء الافراد أو قطاع الاعمال.