جدد مختصون التحذير من التعامل بالعملات الرقمية “المشفرة” مطالبين باستخدام أساليب غير تقليدية للتوعية بمخاطرها تقوم عليها مؤسسة النقد، واستحداث تطبيقات تستخدم نفس أسلوب الإعلانات الداعية للاستثمار مجهولة المصدر، وتفعيل حملات تعريفية ومضادة تقوم عليها جهات رقابية.
وأكد المحلل الاقتصادي عبدالله الربدي أنه مع تكثيف مثل هذه الحملات سيرتفع مع الوقت الوعي لدى الناس وسيدركون طبيعة هذه التقنية والعملات وبالتالي ينخفض مستوى المضاربة والمراهنة عليها لمستويات معقولة ويبدأ مسارها طبيعياً كمنتج يستخدم كمنتج وليس كمضاربة.
وقال: إن العملات المشفرّة بغض النظر عن اسم العملة هي منتج قائم على تقنية سوف تغير العالم، وهذا أفضل ما نصف به حال العملات المشفرة؛ بحيث إن هذه العملات هي عبارة عن منتج ظهر بعد ظهور تقنية مهمة جدًا وهي الأساس في المستقبل وهي تقنية التشفير عن طريق الكتل المتسلسلة.
مشيراً إلى أن التقنية التي خلف العملات المشفرة سوف تغير طريقة تشفير وتناول وتداول أي أصل في العالم سواءً عملة أو عقاراً أو سيارة أو أي شيء آخر، وسوف تغير من طريقة تناقل الأموال وتناقل الأصول وحفظها.
وأضاف: والعملة الرقمية هي أول منتج من هذه التقنية وكانت البيتكوين أول منتج للعملات الرقمية وأعتقد أنها بالون الاختبار لباقي العملات المشفرة، ولا أعتقد استمرار تضخمها وارتفاعها لأن ذلك سيتنافى مع طبيعة استخدام هذه العملات؛ لأنه من المفترض عندما يكون لدي عملة أو وسيط في تناقل الأصول مثل العملات المشفرة أن يكون سعرها مستقلاً لا أن يكون متغيراً، فالتغير يتنافى مع الفائدة لها.
وتوقع الربدي أن يكون للعملات المشفرة وجود في المستقبل، وستكون هي أساس في التعاملات المالية، لكن ليس بالضرورة البتكوين أو أي اسم آخر، قد يظهر منتجات جديدة تتبناها حكومات تعطيها مصداقية أكثر.
أما عن مخاطرها قال الربدي: هي عالية المخاطر بحكم أنها منتج جديد ليس لديه تاريخ ولا يوجد أداة تقيس حركته أو مدى منافعه في المستقبل وهي وجدت لتسهيل تناقل الأموال ولم توجد للمضاربة، وأحذر من الانخراط فيها ووضع ثروات الأسر في مثل هذه المنتجات الخطرة، والحد من انتشارها عن طريق التقنين ومنع المتاجر من تداولها وهذا معمول به لدينا في السعودية، ولذلك حد من انتشارها لدينا ووجودها، حيث إن ووجودها في منصات رقمية دولية فقط.
من جهته قال المستشار الاقتصادي ومؤسس سعودي سكوب للدراسات والأبحاث والاستشارات الاقتصادية سالم الزمام: مهم أن نعرف ما هي التقنية التي أوجدت العملات الرقمية، وهي تقنية البلوك تشين أو سلسلة الكتل للعمليات سواء للحكومة أو القطاع الخاص، هذه التقنية تحتاج لنظام مدفوعات يتمثل في العملات الرقمية، لذا نستطيع القول إن هناك ثلاثة أنواع من العملات الرقمية: نوع لمثل مدفوعات الحكومة الإلكترونية وهذه عادة عملة رقمية غير مشفرة، بل تقنية البلوك تشين هي من يشفرها، هذه غير قابلة للمضاربة كالبتكوين وغيرها ويصدرها البنك المركزي للدولة، وغالباً تكون مربوطة بعملتها، للمملكة مثلاً ريال رقمي غير مشفر، وهذا ما أعلنته مؤسسة النقد والإمارات والكويت.
وتابع الزمام: النوع الحكومي الثاني من العملات الرقمية وأيضاً غير مشفر، عملة رقمية تكون مربوطة بسلعة عالمية مثل النفط مثل البترودولار الفنزويلية بهدف تفادي انهيار العملة أو عقوبات دولية ونحوه، هذه قد تشهد مضاربة أعلى من الحكومية لكن أقل حدة من النوع الثالث وهي عملات قطاع خاص خاصة به مثل البيتكوين وغيره والتي أرى ووفق أعلاه قابلة للزوال لانتفاء الغرض منها ببساطة من جهة ولوجود بديل تحت تنظيم ورقابة بنوك مركزية.
وأضاف: النوع الأول كاستثمار إن وجد لن يختلف برأيي عن العملات العادية، النوع الثاني يعني فك ربط عملة الدولة بالدولار أو سلة العملات، وهذه أيضاً طلب تداول عالٍ عليها كبديل للدولار وهذا صعب بالمرحلة الحالية.
وعن مستقبل العملات الرقمية، ومخاطرها قال الزمام: العملات الرقمية من النوع الأول حتمية لطبيعة التحول الرقمي للتعاملات والمدفوعات، النوع الثاني أرى صعوبة في تطبيقه لأن هذا يعني تغيير بالنظام النقدي العالمي، وللصين وروسيا وإيران تجربة سابقة بذلك، أما النوع الثالث كالبتكوين ونحوها وهذا رأيي الشخصي أنها للزوال، والمخاطر تكمن بالنوع الثاني والثالث لأنها تعد نوعاً من المقامرة.
وعن كيفية الحد من انتشار النوع المخاطر وإمكانية إيجاد طرق مبتكرة للتوعية قال: التوعية وطرقها أراها مسؤولية بنوك مركزية أولاً، والحالة هنا مؤسسة النقد لأن هذا صميم عملهم الرقابي، حيث النوع الثالث تحديداً يدخل في نظام مكافحة غسيل الأموال المتعلقة بالحوالات ذات النظم الرقمية مجهولة المصدر وهي صفة غالبة لمعظم تداولاته وليس كلها طبعاً.
وأردف: التوعية برأيي ليست بتعاميم تقليدية، بل تطبيقات تستخدم نفس أسلوب الإعلانات الداعية للاستثمار مجهولة المصدر، فضاؤنا الإلكتروني مفتوح وشخصياً يمر علي العديد منها على وسائل التواصل الاجتماعي، هذه حماية وقائية، والنوع الثاني من التوعية هو الحملات التعريفية وفق ما ذكرت بشرح هذه التقنية وكيف تعمل، الكل يعتقد أن مثل البتكوين هي مستقبل المدفوعات، وهذا غير دقيق كما ذكرت، هذه مهمة جهات رقابية للتوضيح للعامة وليس من مثلي أو صحيفة إعلامية، النوع الثالث من التوعية هو حملات مضادة لها وتشهير بالمخالفات والعقوبات التي تم ضبطها هذا إن وجدت.