تم اسقاط طائرة من طراز (سو- 25 ) يوم السبت 3/2/2018، قرب بلدة معصران جنوبي إدلب .كانت تستهدف منطقة سراقب , حادث «السوخوي» هذا أخذ بعداً جديداً جعل الروس من جديد أسرى التجربة الأفغانية، التي استطاع فيها الأفغان قلب المعادلة، وهزيمة الجيش السوفياتي بعد 7 سنوات من احتلاله أفغانستان، عندما قررت إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان تزويد المجاهدين الأفغان بصواريخ «ستينغر» التي قلبت المعادلة العسكرية، وأدت إلى خروج السوفيات مهزومين من أفغانستان.
السؤال الذي يطرح نفسه عل الروس لماذا لم يتعلموا مما حصل لهم في أفغانستان عندما دعموا النظام وتركوا الشعب واليوم يدعمون النظام السوري بقوة والشعب يعتبر في نظرهم مجموعات إرهابية يدعمهم في ذلك النظام الايراني والمليشيات التابعة له من حزب الله ومليشيات الحوثي في جبال مران في صعدة , تلقى الروس وعلى غرار والتجربة الأفغانية بعد مرور سبع سنوات على ثورة الشعب السوري الهزات التالية :ـ
1- تعرض قاعدتا حميميم الجوية وطرطوس البحرية لهجوم بالطائرات المسيرة عن بعد (درونز)، وأكدت وسائل إعلام روسية أن الهجوم حقق إصابات مباشرة في حميميم، وتسبب بإخراج سبع مقاتلات جوية من الخدمة. واللافت أن الهجوم جاء بعد أسابيع من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاعدة، وإعلانه النصر في الحرب السورية، دون ان يعي بان المعارضة السورية المسلحة لديها القدرة - لو توفرت لها الإمكانيات - أن تكسر هيبة موسكو العسكرية، بالوصول إلى قواعدها الرئيسية, وتكرار التجربة الافغانية للروس مرة اخرى .
2- رفض الدول الكبرى، ومعها الدول الإقليمية المؤثرة، إعطاء شرعية دولية لمؤتمر سوتشي للحل في سورية ، الذي قاطعته الهيئة العليا للمفاوضات، ما أدى إلى تحويله لمؤتمر بين موالين للنظام ومعارضين له، يجمعهم في سوتشي تأييدهم للتدخل الروسي، وقبولهم بالحل تحت سقف الأسد. وقد واجهت موسكو تحديات سياسية من قبل المجتمع الدولي قبل وصول الوفود المشاركة إلى سوتشي، بعد إعلان أميركا وفرنسا وبريطانيا ودول إقليمية أخرى عن مشروعها للحل في سوريا، الذي يعيد الاعتبار لمفاوضات جنيف ولقرارات الشرعية الدولية.
3- استخدام الصواريخ المضادة للطائرات في سوريا، وهو ما سيضاعف الهم الروسي من انتقال التجربة الافغانية الى الاراضي السورية فالتاريخ يعيد نفسه ، الصاروخ «ستينغر» الأميركي يظهر من جديد ويسقط القاذفة الروسية «سو-25» ، ما يثير التساؤلات حول كيفية وصول هذا النوع من الصواريخ للمعارضة، وما سيجبر الروس على تغيير كثير من تكتيكاتهم العسكرية التي ستجبر طائراتهم الحربية على التحليق على ارتفاعات شاهقة، خوفاً من التعرض لهذا النوع من الصواريخ الفتاكة، ما سيفقدها عامل المناورة والقدرة على ضرب أهدافها بسهولة، وهذا ما قد يؤمن للمعارضة المسلحة وضعية دفاعية جيدة تساعدها على الصمود بوجه الهجوم الذي تنفذه روسيا جواً، وإيران براً، ضد محافظة إدلب.
4- المقلق لموسكو الآن أنه يمكن للطرف الذي زود المعارضة بهذا النوع من الصواريخ، أو سمح لها باستخدامها، أن يعتبر أن ذريعة الخوف من وصول الـ«ستينغر» إلى «داعش» أو «القاعدة» قد انتهت بعد هزيمة الإرهابيين في سوريا، وأن الطيران الروسي بات يؤمن غطاءً جوياً لطرف آخر تعتبر كثير من الدول أنه يشكل خطراً إرهابياً لا يقل خطورة عن تهديد «داعش »
في الختام .. حان الوقت ان يفهم الروس ومن يؤيدهم ان سوريا ليست فقط نظام البعث فقط ، وإنما هي شعب يبحث عن السلام والاستقرار منذ اليوم الأول لثورته على نظام مصنف عالميا بانه دكتاتوري. والمجتمع الدولي ليس فقط النظام السياسي الإيراني والميليشيات الإرهابية التابعة له في سورية، وإنما هو جميع الدول الإقليمية والدولية المؤيدة للشعب السوري الباحث عن الحرية , و روسيا ليست الدولة العظمى الوحيدة التي تستطيع تحقيق نتائج إيجابية في معظم المجالات والجبهات. فإذا كانت روسيا تملك القدرات العسكرية الحديثة والمتقدمة وتستطيع مساندة حليفها التاريخي في دمشق، وتبقي مجلس الامن في شلل دايم من اجل بقاء النظام وسحق الشعب , فإن هناك قوى عظمى أخرى تتداخل معها في سورية من خلال مد أبناء الثورة السورية بالسلاح والدعم اللوجستي الذي يمكنهم من البقاء ومواجهة نظام البعث ومن يقف معه, والتاريخ لن يتغاضى مع الروس مما ارتكبوه بحق الشعب السوري , ولن يتغاضى كذلك مع المنظمات الدولية وبخاصة حقوق الانسان ومحكمة الجنايات الدولية والتي اصبحت مصداقيتها على المحك بسبب الفيتو الروسي , ولكن الظروف والمعطيات تغيرت فهل يعي الروس ذلك قبل ان تتكرر التجربة الافغانية بحقهم مرة اخر ولكن على ارض سورية الابية .
د فيصل بن معيض (الطموح)