على بعد 200 كم من حدود أفغانستان، وفي أعماق تاريخ طريق الحرير القديم أتمّ الصندوق السعودي للتنمية أعمال تمويل مشروع خط الغاز “تابي” في الأراضي التركمانستانية، ليبدأ تدشين خط الغاز بداخل الأراضي الأفغانية خلال الحفل المقام أمس الأول في “سيرحت آباد” المتاخمة لحدود أفغانسان بمشاركة رؤساء الدول المشاركة في المشروع “تابي”.
بيدَ أن نهاية أعمال تمويل المشروع في الأراضي التركمانية كان بداية للكثير من الآمال في مجال العمل المشترك بين المملكة العربية السعودية وتركمانستان بحسب ما أوضحه سفير المملكة لدى تركمانستان خالد بن فيصل السحلي بقوله قامت المملكة وتركمانستان بتوقيع اتفاقيات مذكرات للتفاهم المشترك في مجالات مختلفة منها الاقتصادية، كما أننا نطمح إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال المستقبل القريب بحول الله وذلك وفقاً لما تطمح إليه حكومتا البلدين.
وتابع بقوله فيما يخصّ مشروع أنابيب الغاز “تابي” نحن سعداء لقيام الصندوق السعودي للتنمية بتمويل هذا المشروع الضخم الذي تقدّر كلفته بـ 40 مليون دولار، بالإضافة إلى الدور المهم الذي تقوم به “سابك” في المبيعات الخاصّة بالمواد البتروكيماوية كالبولي ايثيلين حيث وصلت مبيعاتها هذا العام 11 مليون دولار كمبيعات في السوق التركمانستانية، بدعم من السفارة كتقديم التسهيلات اللازمة للدخول إلى السوق التركمانية وتعزيز العلاقات مع رجال الأعمال في تركمانستان.
من جانبه قال نائب مدير عام الصندوق السعودي للتنمية مدير عام الصادرات السعودية بالصندوق أحمد بن محمد الغنّام: أتمّ الصندوق السعودي للتنمية تمويل المشروع بداخل أراضي تركمانستان عبر تسهيل تقديم الصادرات السعودية بمبلغ 40 مليون دولار، انطلاقاً من العلاقات الوثيقة التي تربط بين المملكة العربية السعودية وتركمانستان.
وأكد الغنّام جاهزية الصندوق للعمل والتعاون مع حكومة تركمانستان سواء في مشروعات التنمية أو تقديم التسهيلات فيما يخص الصادرات السعودية.
بدوره قال نائب المدير العام بالشركة العالمية للأنابيب فهد بن سليمان الخنيني قامت الشركة بتصنيع وتوريد خط الأنابيب لشركة تركمان غاز التركمانستانية بتمويل سعودي من قبل الصندوق السعودي للتنمية وهو الجزء الأول من مشروع “تابي” الذي بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند ويبلغ الطول الإجمالي للخط 1800 كيلو وربحت الشركة توريد أنابيب بطول 45 كيلو وبقطر 56 بوصة وسماكة 22 ملم حيث يعدّ الجزء هو الأول من المشروع.
ويعد مشروع “تابي” لأنابيب الغاز من أهم المشروعات القائمة والذي يحظى بالدعم المالي لجميع تكاليفه بداخل الأراضي التركمانية من قبل الصندوق السعودي للتنمية، ويبلغ طول خط المشروع (1840 كم) موزعة على عددٍ من الدول تركمانستان 214 كم، أفغانستان 735 كم، باكستان 800 كم، الهند 90 كم، وتعد تركمانستان ضمن الدول العشر الغنية باحتياطات الغاز في العالم، وتحتل المركز الرابع حيث يزيد حجم احتياطاتها بمرتين أو أكثر عن حجم احتياطات الدول التي تأتي بعدها في القائمة، وتقدر حجم احتياطات الغاز المؤكدة في تركمانستان أكثر من 20 تريليون متر مكعب.
وستبلغ كلفة المشروع حوالي 10 مليارات دولار أميركي؛ حيث يخطط أن يتم تصدير ما يقارب 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً وذلك في غضون الـ 30 عاماً بعد التشغيل الكامل لخط أنابيب الغاز “تابي” بحلول نهاية العام 2019م.
وتنتهج تركمانستان التي تنتج كمية كبيرة من الطاقة سياسة تنويع تصدير الطاقة إلى الأسواق العالمية؛ حيث يحتل الغاز الطبيعي المركز الأول بين صادرات تركمانستان حيث يتم تصديره بالأساس إلى الصين، حيث توجد 3 خطوط أنابيب للغاز (تركمانستان – أوزبكستان – كازاخستان – الصين) بقدرة التمرير الإجمالية 55 مليار متر مكعب سنوياً، كما يتم التخطيط لزيادة قدرة التمرير الإجمالية إلى 85 مليار متر مكعب من الغاز بعد بناء خط رابع لأنابيب الغاز (آسيا الوسطى – الصين) والذي سيمر بأراضي جميع الدول الخمس في المنطقة بما فيها دولة قيرغيزستان.
وتعد تركمانستان ضمن الدول العشر الغنية باحتياطات الغاز في العالم وتحتل المركز الرابع حيث يزيد حجم احتياطها بمرتين أو أكثر من حجم احتياطيات الدول التي تأتي بعدها في القائمة، وتقدر احتياطات الغاز المؤكدة في تركمانستان أكثر من 20 تريليون م2، ويقوم اتحاد “تركمان غاز” الحكومي وحده بتطوير أكثر من 30 حقلا للغاز والغاز المكثف كما توجد هنالك احتياطات النفط الضخمة في البلاد حيث تصل حسب التقديرات لحوالي 20 مليار طن، منها ما يربو على 12 مليار طن من النفط في القطاع التركماني ببحر قزوين وأكثر من 6 مليارات طن من النفط في البر، فمع امتلاك هذه الكمية الضخمة من الموارد الهيدروكربونية والتي تفوق بعدة مرّات الاحتياجات المحلية التي تشمل جميع قطاعات الاقتصاد والمجال الاجتماعي، لذلك فإن تركمانستان تدرك دورها في قطاع الطاقة العالمي، حيث إنها على استعداد لتسخير موارد الطاقة الموجودة لديها من أجل التنمية المستدامة للاقتصاد العالمي ورفع مستوى رفاهية جميع سكان الكرة الأرضية وهذا هو حجر الزاوية في الإستراتيجية الاقتصادية الخارجية للحكومة التركمانستانية.
ويهدف برنامج تطوير قطاعي النفط والغاز في تركمانستان حتى 2030م إلى زيادة الإنتاج السنوي للغاز إلى 250 مليار م2 والنفط إلى 110 ملايين طن، فمن المخطط له زيادة إنتاج الغاز لأكثر من 3 مرات وزيادة صادراتها بأربعة أضعاف من 45 حتى 180 مليار م2 سنوياً.
ويأتي مشروع بناء الخط “تابي” من حقل “غالقينيش” في تركمانستان ويمر عبر مدينة هيرات وقندهار الأفغانية إلى منطقة فازيلكا الواقعة على الحدود بين الهند وباكستان، ففي العام 2013م قامت حكومات تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند بتعيين شركاتها للغاز من أجل العمل والاستثمار في مشروع “تابي” وهي “اتحاد تركمان غاز” الحكومي وشركة الغاز الأفغانية وشركة systems Inter state Gas Limited “”private وشركة GAIL LIMITED الهند، ويشمل المشروع أعمالاً شاملة بشأن تصميم وبناء وتشغيل الخط وتقديم خدمات تقنية وعملية شراء الغاز، ويمكن أن يعتبر هذا المشروع ضمن المشروعات الدولية لما سيكون له من أثر محفز على التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي والاجتماعي لدول المنطقة وسيكفل أمنها في مجال الطاقة، وهذه العوامل تعد “أعمدة” تقوم عليها هندسة معمارية حديثة في ساحة الطاقة، علماً أنه جرت مراسم إطلاق بناء “تابي” في شهر ديسمبر من العام 2015م في ولاية ماري؛ حيث شارك فيها رئيسا تركمانستان وأفغانستان، ووفد رفيع المستوى من باكستان والهند، وفي شهر أكتوبر من العام 2016م تم توقيع اتفاقية بين حكومة تركمانستان والبنك الإسلامي للتنمية بشأن تمويل مشروع بناء الجزء التركماني من خط “تابي” حيث تنصّ الاتفاقية على تخصيص قرض بمبلغ 700 مليون دولار أميركي، وقد تم إحراز تقدم كبير في تنفيذ مشروع “تابي” خلال فترة قصيرة لا سيمّا بشأن الاتفاقيات الرئيسة مثل إبرام اتفاقية مع حكومات الدول المشاركة واتفاقية نقل الغاز الطبيعي، كما أن إنشاء اتحاد الشركات “كونسورسيوم” واختيار اتحاد “تركمان غاز” الحكومي بصفة زعيم لهذا الكونسور سيوم أعطى دافعاً قوياً لتقدم هذا المشروع، وكما هو معروف أن أكبر حقل ” غالقينيش ” سيكون مصدرا أساسياً لخط “تابي” في المرحلة الأولى حيث يقوم “اتحاد تركمان غاز” الحكومي حالياً بتطوير هذا الحقل بالاشتراك مع شركائه الأجانب من أجل توفير خط “تابي” بـ “الوقود الأزرق” على المستوى العالي، وتدعم كافة الحكومات الدول المشاركة بشكل كامل مشروع خط أنابيب الغاز “تابي” وتساعد لأنشطة شركة TAPI PIPELINE COMPANY LIMITED سواء على مستوى المساهمين الذين هم شركات الغاز الحكومية وعلى مستوى الجهات الحكومية ذات العلاقة، وستحصل الدول المشاركة في المشروع على مصدر رخيص للطاقة وهو أكثر اقتصاداً كما أنه صديق للبيئة بالإضافة إلى عائداته الإضافية من عبور الغاز؛ حيث من المتوقع أن تحصل الميزانية الأفغانية على مبلغ قدره 500 مليون دولار سنوياً من المشروع كرسوم للعبور، كما أن مشروع “تابي” سيسهم في تنمية المنطقة اقتصادياً وسيحل القضايا الاجتماعية المهمة والحيوية وتعزيز السلام والاستقرار، بالإضافة إلى شراكة البنك الآسيوي المهمة في هذا المشروع (كشريك طويل الأجل)؛ حيث إن شراكته منذ البادية في هذا المشروع ويواصل دعمه الشامل للمشروع من خلال تقديم القروض الميسرة بما ساعد في الوصول إلى اتفاق بين حكومة أفغانستان والبنك الآسيوي للتنمية بشأن تمويل الجزء الأفغاني من رأس المال.
سكة الحديد (سرحت آباد – تورغوندي )
وفي المقابل مشروع خط سكة الحديد بين (سرحت آباد) و(تورغوندي) في أفغانستان فقد جرى توقيع اتفاقية في مدينة عشق آباد خلال العام 2017م للتفاهم بين وزارة السكك الحديدية بتركمانستان وإدارة السكك الحديدية في أفغانستان وبموجب هذه الوثيقة ستقوم الأولى بإعادة تأهيل سكة الحديد من محطة سرحت أباد التركمانية إلى تورغوندي الأفغانية لبناء 13 كم من السكك الحديدية وتجهيزها بالبنية التحتية الحديثة، حيث إن هذا الجزء من سكة الحديد كان الخط الوحيد الذي يربط أفغانستان ببقية العالم قبل افتتاح سكة حديد ” إمام نزار ( تركمانستان ) – أكينا ( أفغانستان ) في العام الماضي.
اتفاقية خط الكهرباء
كما شملت المراسم خلال الحفل مشروع خط الكهرباء، لا سيمّا أن تركمانستان على استعداد لزيادة حجم إمدادات الكهرباء إلى البلد المجاور كما أنها تعمل على تنفيذ خطط جديدة لتصدير الطاقة الكهربائية في إطار مشروع (تركمانستان – أوزبكستان – طاجيكستان – أفغانستان – باكستان ) TUTAP.