العرس العالمي الكروي ( كاس العالم ) لشعوب العالم قاطبة يتجدد كل أربع سنوات.. عرسا ينسي الشعوب الخلافات بكل اشكالها ، ويستبدل ذلك بالفرح والاستمتاع والتشارك في التحليل الإيجابي والتصفيق والتشجيع لمن يجيد مهارات العصر الكروية ، هذا الفرح التي تعيشه شعوب العالم خلال فعاليات كاس العالم لا يقارن بأجواء الكآبة والإحباط التي تسببها مكائد السياسة والاقتصاد والطرق والاساليب المكافيلية.في العرس الكروي ٢٠١٨ شاهدنا عدة تحولات منها :-
١- زيادة مهارات اللعب العالية بل ظهور مهارات جديدة وكذا فنيات اللعب الراقية آلتي ارتبطت بلمسات بعض اللاعبين خاصة ، والتناغم والانسجام في اللعب الجماعي ، مهارات لم تكن موجودة من السابق ولذلك نحن امام جيل صاعد يتفنن في لعب كرة القدم معشوقة شعوب العالم بمهارات جديدة تجعل الشعوب والمحبة للكرة تصفق لصاحبها حتى ولو كان هناك خلافات سياسية مع بلدها.
٢- شاهدنا زيادة اهتمام القيادات السياسية بحضور المباريات وتشجيع منتخباتها ، فالرياضة وبخاصة كرة القدم أصبحت فرصة لقرب القيادة من الشعب ، وفي نفس الوقت الوقوف على حل المشاكل التي تقف امام بناء منتخبات تنافس على معشوقة العالم ، فالشعوب أصبحت تستخدم تعثر منتخب بلدها في محاسبة المتسبب سواء كان لاعب او مسؤول ، أصبح طموح الشعوب في لعبة كرة القدم خاصة لا حدود لها ، خاصة اذا كانت تعرف ما صرف على الرياضة في بلدها وفي حالة الفشل تكتب وتتحدث عن الفساد ، وهذا يعني ان مشجع اليوم ليس كمشجع الامس وهكذا.
٣– العرس العالمي ( كاس العالم) يعد احد أدوات القوة الناعمة ولنضرب أمثلة :-
* وجود اربع منتخبات مسلمه ضمن كاس العالم ٢٠١٨ ( السعودية ، ومصر ، والمغرب ، وتونس ) ساهموا في إظهار الوجه الإيجابي للمسلمين مثلما زادت شعبية الإسلام في أميركا بسبب رفض / محمد علي كلاي المشاركة في حرب فيتنام كون الدين الاسلامي يحرم قتل أشخاص لم يؤذوه.. وكما يحدث على مستوى العالم اليوم مع اللاعبين المسلمين المشاركين في كأس روسيا 2018.
محمد الشناوي حارس المنتخب المصري رفض جائزة أفضل لا عب بسبب مصدرها .
اللاعبون المسلمون في المنتخبات الفرنسية والألمانية والبلجيكية ساهموا في الحد من مشاعر العنصرية وكـره الديانات الأخرى في أوطانهم.
محمد صلاح ساهم في تغيير نظرة الإنجليز للإسلام والمسلمين .
* الاعلام يعد من اهم أدوات القوة الناعمة في هذا العصر وللاسف استغلت قطر احتكارها لنقل مباريات كاس العالم للإساءة للمنتخبات العربية وشعوبها فقط وبخاصة السعودية ومصر ، وحولت التحليل الرياضي الى سياسي زارع للكراهية بين شعوب وخرجت عن أهداف كاس العالم في التقريب بين الشعوب ، وأتمنى من الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) معاقبة هذا الأسلوب الإعلامي مثل ما عاقب روسيا مستضيفة كأس العالم بغرامة مالية قدرها عشرة آلاف فرنك سويسري (حوالى عشرة آلاف دولار)، بعدما رفعت الجماهير الروسية لافتة عنصرية بعد الخسارة أمام أوروغواي.
لم تتعلم قطر من دول العالم وخلافاتها فأثناء مباريات كاس العالم يركز فقط على التحليل الرياضي ، ولكنها تعودت كل العالم تحارب القاعدة وهي تدعمها ومثل ما وقف العالم امام جماعة الاخوان وفكرها المتطرف فقط معهم وطعنت الشعوب الخليجية اولا والعرب ثانيا وتقدم الوداعه والبراءة للغرب.
٤- في الختام كاس العالم منصة لابراز ثقافة العالم ولعلني اذكر منها :-
* ظهور مشجعي المنتخب السعودي ( السعوديون ) الذين حضروا في المدرجات حرصهم على نظافة أماكن تواجدهم في الملاعب ، وكذا المظهر الراقي الذي ظهر به الشعب السعودي في شوارع روسيا وما عكسه الاعلام لنا .
*شاهدنا كيف اعتذر لاعبو البرتغال للاعبي المغرب عن هزيمتهم غير المستحقة وهذا الأسلوب له اثر في نفوس الشعوب .
* الجماهير اليابانية مثلاً مازالت تقدم دروساً في النظافة والشعور بالمسؤولية وذلك عدم المغادرة قبل تنظيف المدرجات.
*الجماهير الكولومبية توزع الورود وترفع أعلام الدول التي تلعـب ضدها.
* المكسيكيون تظاهروا بالورود أمام السفارة الكورية (في المكسيك) تعبيراً عن شكرهم لمنتخب كوريا الجنوبية الذي فاز على ألمانيا وأتاح لهم فرصة التأهل للجولة الثانية.
*الروس كذلك ظهروا لطفاء تبسم غير معهود وعدم التردد في خدمة من قدم الى روسيا.
كاس العالم والتنافس من خلاله قرب بين الشعوب والقلوب والأفكار والمعتقدات.. وفعل ذلك دون هزائم مؤذية، أو انتصارات ظالمة، أو أحقاد يعجز عن محوها التاريخ.. ويمكن المقارنه بين هذه المكاسب لهذا العرس الرياضي العالمي وبين كل من توحش القاعدة وداعش والميليشيات الطائفية التي تنشط قناة الجزيرة في بث تحدياتهم للحياة .
* لعلني اختم بهمس في اذان لا عبي كرة القدم في بلادنا بان الزمن قد تجاوز مرحلة الانانية والمهارات المتكلسة ويؤمن بمهارات جديدة وفنيات راقية ، وعلى اعلامنا التحاور في هذا المجال حيث لم يعد هناك تمجيد الفردي وإنما اللعب والتناغم الجماعي،،، والسلام
د. فيصل بن معيض