بدأت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة تخوض غمارها بشدة في أعقاب شروع الولايات المتحدة بإعلان بدء سريان فرض الرسوم الجمركية على الواردات الصينية الجمعة الماضية والتي سوف تتسبب في تأثر الصادرات والواردات لقائمة عريضة من المنتجات الكيميائية بين الصين والولايات المتحدة وبضائع وسلع أخرى مهمة تشكل 1600 منتج بقيمة 600 مليار دولار وذلك بعد أن فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على واردات الصين بقيمة 50 مليار دولار، 34 مليار دولار في المرحلة الأولى التي بدأت الجمعة و16 مليار دولار في المرحلة الثانية المنتظرة لتقابلها الصين بالمثل بفرض رسوم جمركية مماثلة على الواردات الأميركية بقيمة 50 مليار دولار 34 مليار دولار في المرحلة الأولى و16 مليار دولار على منتجات أخرى يجري الترتيب لها.
في وقت تلوح الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية قادمة بقيمة 500 مليار دولار في جولات أخرى مرتقبة، لتتحول الحرب التجارية الباردة بين البلدين إلى حيز التنفيذ وسط امتعاض وعدم ارتياح من الحكومة الصينية التي هددت برفع شكوى لمنظمة التجارة العالمية لانتهاك الولايات المتحدة قواعد المنظمة لتضطر الصين للمعاملة بالمثل رغم عدم قبولها هذا المبدأ والذي سيلحق الضرر بالجانبين وتأثر المنتجون والمستهلكون النهائيون في البلدين وإرباك سوق البتروكيميائيات في الإقليمين وأقاليم أخرى في العالم.
وبدأت الولايات المتحدة في جولتها الأولى فرض التعريفة الجمركية الأميركية على البضائع الصينية بقيمة 34 مليار دولار يوم الجمعة الماضية، على أن تتبعها في الجولة الثانية فرض تعريفة بقيمة 16 مليار دولار بإجمالي 50 مليار دولار في الجولتين، مما دفع الصين إلى الاستجابة بنفس الحجم والكثافة بفرض تعريفات بقيمة 34 مليار دولار، مما أدى بالفعل إلى اندلاع حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وتم تنفيذ التعريفة الجمركية الأميركية بنسبة 25 % على عدد 818 منتجاً صينياً منذ الساعة الواحدة صباح الجمعة 6 يوليو (منتصف نهار توقيت آسيا)، فيما تشمل الجولة الثانية 114 منتجاً. في حين تغطي التعريفات الانتقامية في الصين 545 منتجاً أميركياً في الجولة الأولى و114 في الأخرى وتشمل المنتجات الزراعية مثل الذرة وفول الصويا وغيرها.
ومن المتوقع أن تكون الخطوة الأميركية هي الأولى من سلسلة رسوم منتظرة حيث تأمل في خفض العجز التجاري الضخم مع العملاق الآسيوي، في حين تعتزم الولايات المتحدة دخول المجموعة الثانية من الرسوم الجمركية التي تشمل 16 مليار دولار من السلع الصينية خلال أسبوعين.
وتشمل المنتجات التي يجري النظر حيالها في المجموعة الثانية البولي إثيلين، والبولي فينيل كلورايد، والبولي كاربونيت، والبولي أميد، جنباً إلى جنب مع غازات البروبان، وغاز البترول المسال، والغازات الهيدروكربونية، والنافثا، والبنزين الخام، والتولوين والزيلين، والنفط الخام. في حين تتأهب الولايات المتحدة لشن رسوم وفرض مزيد من التعريفات لما يصل إلى 500 مليار دولار من السلع الصينية في الجولات اللاحقة.
وتعهدت الصين بإستراتيجية متبادلة بشأن الخطة الأميركية لوضع حواجز تجارية ضد البلاد، حيث قالت وزارة التجارة الصينية في بيان صدر بعد دقائق من بدء فرض الرسوم الأميركية “أن الصين وعدت بعدم إطلاق الرصاصة الأولى لكن لحماية المصالح الجوهرية للدولة ومصالح الشعب اضطرت إلى القيام بهجوم مضاد ضروري.” ولوحت الصين بالتشكي لمنظمة التجارة العالمية وأضافت في البيان “سنبلغ منظمة التجارة العالمية في الوقت المناسب حول الظروف ذات الصلة، والعمل مع البلدان الأخرى لحماية التجارة الحرة والمؤسسات المتعددة الأطراف”.
ومن المتوقع أن يحقق اقتصاد الصين الموجه نحو التصدير ضربة كبيرة إذا تصاعد الخلاف التجاري مع الولايات المتحدة بشكل أكبر. وأظهرت أنشطة التصنيع في الصين في يونيو الماضي علامات ضعف حيث سجلت قراءة مؤشر مديري المشتريات 51.5 نقطة من 51.9 نقطة في مايو ، حيث انخفضت طلبات التصدير إلى نمط الانكماش. وتشير قراءة مؤشر مديري المشتريات لخمسين نقطة وما فوق إلى التوسع، بينما يشير الرقم تحت 50 إلى الانكماش. كما أدت المخاوف بشأن الحرب التجارية إلى تراجع قيمة اليوان بأكثر من 3 % في يونيو. وعلى الرغم من كونها جيدة بالنسبة للصادرات، إلا أن ضعف العملة يقلل الاستهلاك المحلي.
وتأتي هذه الظروف في صالح مصانع البتروكيميائيات ومصافي التكرير السعودية والتي تهيمن عالمياً في إنتاج المواد التي خصتها الصين بالرسوم على المنتجين الأميركيين مما يهيئ أرضاً خصبة لزيادة الصادرات السعودية للصين.