طالب أكاديمي متخصص في الشأن السياحي بضرورة سد الفجوة في تخطيط الوجهات السياحية في المملكة عبر استراتيجية التمدد الرأسي.
وقال د. علي أحمد القاسم رئيس قسم السياحة والفنادق بجامعة أم القرى “إننا بحاجة إلى تطوير وجهات سياحية عبر هذه الاستراتيجية تلبي حاجات السياح وتفي برغباتهم على مختلف فئاتهم العمرية والثقافية والاجتماعية، فقد اعتدنا عندما نسافر لأي دولة سياحية نكتب قائمة طويلة بالوجهات السياحية التي سنزورها أو الفعاليات التي سنحضرها أو الأنشطة التي سنقوم بها أثناء رحلتنا وفي كثير من الرحلات نعود إلى أرض الوطن قبل أن تنتهي القائمة لكثرة الأماكن المتاحة وتنوعها والفعاليات الموجودة فيها، هذا التنوع لم يأتِ من فراغ بل جاء نتيجة تخطيط واستغلال لكل الموارد الموجودة وغير الموجودة في تلك الوجهات”.
وأضاف “أغلب الدول المتطورة سياحياً اتبعت هذه الاستراتيجية بعد استكمال البنى التحتية السياحية فتجدها ركزت أنشطتها على وجهات محددة قابلة للتطوير لوجود وفرة في المقومات السياحية سواء كانت طبيعية أو صناعية أو بشرية أو جميعها وعملت على تطوير هذه الوجهات بتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها كل سائح مثل الطرقات، والفنادق، والمطاعم، والأسواق وقبل كل ذلك تطوير وابتكار برامج سياحية وفعاليات جاذبة تتناسب مع طبيعة المنطقة والموارد المتاحة فيها ومن ثم الترويج لها محلياً ودولياً وهو ما يساعد على زيادة عدد الليالي السياحية التي يقضيها السائح في الوجهة التي يزورها وبالتالي زيادة الإنفاق ونتيجته المردود والدخل السياحي”.
واستطرد قائلاً “تخيل نفسك سائحاً أجنبياً قررت السفر إلى المملكة لقضاء إجازة لمدة أسبوعين، قل لي ما هي القائمة التي ستكتبها للوجهات التي ستزورها أثناء رحلتك أو الفعاليات التي ستحضرها، بالتأكيد هناك الكثير من الوجهات ولكن ستواجه صعوبة في إيجاد الوجهات المناسبة التي تشبع رغباتك إما لعدم توفر فعاليات كافية فيها للمدة المذكورة، أو لتباعد الوجهات عن بعضها مما يكلف السائح الكثير من المال والجهد، أو لعدم توفر خدمات سياحية ومعلومات كافية عن الوجهات التي ستتم زيارتها”.
وأعطى القاسم مثالاً توضيحياً لواحدة من الوجهات الفريدة العالمية الأكثر استقبالاً للسياح، وهي مرتفعات “جنتينج هايلند” أو “المدينة الترفيهية” في ماليزيا التي يقصدها مئات الآلاف من السياح وهي وجهة العطلات الصيفية المثالية للماليزيين والسياح الأجانب للهروب من الطقس الحار والرطب في العاصمة كوالالمبور، حيث تم تطوير هذه الوجهة بالكثير من وسائل الترفيه الجاذبة منها ثلاث مدن ترفيهية ومتنزه في الهواء الطلق، الحديقة المائية، بالإضافة إلى المتنزهات الرئيسية هناك أيضاً عوامل الجذب الترفيهية مثل مراكز الترفيه كالسنوكر والبولينج والرماية وتسلق الجدار ونفق الرياح للقفز بالمظلات وأخيراً فنادق للاستمتاع وقضاء أطول وقت في ذلك الجبل البارد، الأمثلة المشابهة في تطوير الوجهات والفعاليات والبرامج الفريدة في الدول السياحية كثيرة ومتنوعة” .
ونوه إلى أن المملكة أيضاً لديها الكثير من الوجهات الجميلة ذات التنوع الكبير في الموارد الطبيعية والتي يمكن أن نجعل منها وجهات سياحية فريدة من نوعها والتي ربما لا يمكن للسائح أن يجدها إلا في المملكة، ولكننا بحاجة إلى تطوير تلك الوجهات بشكل يساعد على جذب وتشويق السياح، في مدينة الطائف مثلاً وهي واحدة من أجمل المناطق في المملكة توجد موارد طبيعية وفعاليات كثيرة جداً يمكن تطويرها وتقديمها في قالب يختلف عن ما هو موجود عليه الآن حتى نجذب من خلاله أكبر عدد من زوار المملكة والمواطنين والمقيمين، في هذه المدينة الجميلة ذات الأجواء الرائعة توجد مزارات إسلامية وتاريخية كثيرة جداً مثل “سوق عكاظ”، والآلاف من مزارع الورد الطائفي الذي لا تجد له مثيلاً في دول العالم، ومزارع الفواكه النادرة مثل “البرشومي” وهي فاكهة لا توجد إلا في عدد قليل من دول العالم، والخضروات النادرة مثل “الحبق الطائفي”، كل هذه يمكن استغلالها والاستفادة منها والترويج لها في جذب السياح مع المحافظة عليها من خلال تطوير برامج “السياحة المستدامة”، هذا مثال واحد لمدينة الطائف ولا شك ان الأمثلة كثيرة في أرجاء وطننا الكبير ومنها مدرجات جبال تهامة وجزر فرسان وطبيعة أبها.
وبين القاسم أن هذه الموارد والثروات الطبيعية الثمينة غير مستغلة بشكل جيد ولم يتم تطويرها لتكون منتج سياحي بامتياز، لذلك لكي نحقق أحد أهداف برنامج التحول الوطني “السعودية وجهة للمسلمين” ورؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى أن تكون “السعودية وجهة سياحية عالمية” علينا أن نتبنى استراتيجية التمدد الرأسي بالتركيز وبتطوير وجهات محددة رئيسية وأخرى مساندة مع تطوير وابتكار منتجات وخدمات سياحية جاذبة تعطي للسائح المحلي والأجنبي الفرصة للاختيار وكتابة قائمة طويلة للأماكن التي سيزورها تماماً كما نفعل عندما نسافر للخارج لعله يعود إلى وطنه قبل أن يكمل قائمته المستهدفة للأماكن والفعاليات التي كتبها لنضمن عودته مرات ومرات للمملكة.