يعيش نادي الاتحاد في الفترة الحالية استقراراً كبيراً على جميع الصعد الإدارية والفنية والألعاب المختلفة، ويعد هذا الاستقرار الأفضل له على مدار الـ 10 سنوات الماضية، بعد أن كان يعاني سابقاً من كثرة الديون والمطالبات المالية والشكاوى المسجلة ضده، والتي كان لها تبعاتها بعد أن تسببت في فرض عقوبات دولية صارمة كانت أبرزها خصم ثلاث نقاط من الرصيد النقطي للفريق الكروي الأول، ومن ثم حرمان النادي من التسجيل بالعام الماضي بسبب عدم الالتزام في سداد مستحقات اللاعب الاسترالي جيمس ترويسي.
وكانت العقوبات تتوالى على “العميد” تارة تلوى الأخرى، ويعود ذلك لكثرة الشكاوى المسجلة عليه لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” بعد أن تفننت العديد من الإدارات السابقة في تكبيل النادي وتضخيمه بالديون من خلال توقيع عقود استثمارية وعقود لاعبين ومدربين بمبالغ طائلة دون الالتزام بسدادها، إلى أن وصل إلى أعلى سقف ديون ما بين الأندية السعودية، ولكن الأمر كان يحتاج إلى إدارة متكاملة بفكر إداري ومالي لكي تتمكن بفكرها الإداري ترتيب ما أفسدته الإدارات السابقة وبفكرها المالي إنهاء المعاناة والقلق الذي يعيشه النادي بسداد كافة المطالبات المالية وإغلاق جميع القضايا الداخلية والخارجية حتى لا يتعرض النادي إلى عقوبة دولية أخرى قد تصل إلى التهبيط، حيث إن الجماهير الاتحادية كانت تطالب كثيراً بإيجاد الإدارة الأنسب التي بمقدورها أن تحمل دفة النادي إلى بر الأمان بعيداً عن ما كان يزعجهم من ديون وقضايا وترقب لعقوبات أخرى.
منذ أن تولى الرئيس الحالي نواف المقيرن رئاسة النادي وفي أول ظهور له بنهائي كأس خادم الحرمين الشريفين بعد أن حقق الاتحاد اللقب رفض أن يطيل الحديث عن مستقبل الاتحاد وما سيقدمه برفقة أعضاء إدارته للجماهير، واختصر حديثه بمطالبة الجماهير متابعة الحسابات والقنوات الرسمية للنادي والتي ستبث كل ما هو جديد على أن تبتعد الجماهير عن ما يتم تناقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك رغبة منه للحد من الشائعات التي طالته منذ إعلان توليه لرئاسة الاتحاد، وقدم وعده للجماهير أن الأيام المقبلة ستحمل الأخبار المفرحة، ومنذ ذلك الحين رفض أن يظهر عبر المنصات الإعلامية واستمر خلالها في العمل بصمت ليتوج ذلك العمل بالعديد من المكتسبات والتي استطاع من خلالها إعادة هيبة الاتحاد التي فُقدت منذ سنوات ماضية، فكان الدافع الأول لإنجاح العمل الإداري والمالي المكرمة الملكية التي تلقاها الاتحاد من ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بعد أن تكفل بسداد كافة الديون الخارجية المسجلة على النادي الأمر الذي أزاح عبئاً كبيراً على إدارة الاتحاد وجعلها تعمل على ملف الديون الداخلية واستطاع المقيرن أن يفتت جبال الديون الداخلية وأن يغلغل تلك الظروف التي كانت تحاصر النادي بعد عدة اجتماعات متواصلة برفقة أعضاء مجلس إدارته ليتمكن حينها من ترتيب أوضاع النادي وإزاحة كل من لا يستحق أن يكون له علاقة بالنادي بعد أن كان عدد من الإدارت لا تستطيع عمل ما قام به ومن أهم تلك الخطوات فسخ الاتفاقيه المبرمة بين الاتحاد وشركة “صلة الرياضية” بعد أن كانت تتحكم بشكل كبير في مداخيل النادي، وإسناد المهمة إلى إدارة الاستثمار بالنادي لكي تكون الاستفادة بالكامل للنادي بعكس السنوات الماضية.
واستطاع المقيرن خلال فترة وجيزة من ترتيب الأوضاع ورفع شعار التحدي أمام كافة الظروف التي كانت تنهش أركان النادي ليبدأ مسيرة التصحيح بقوتي الفكر الإداري والمالي وسجل نتائج عمل مبهرة خلال الثلاثة أشهر الأولى منذ توليه المهمة، إذ تمكن على صعيد التطوير الاستثماري من توقيع عقد رعاية ضخم مع إحدى الشركات، وإطلاق العضويات الجديدة التي أعلن عنها بعد تعديل كافة المميزات والاشتراطات، بالإضافة إلى تفعيل متجر النادي وتطوير الهوية الجديدة بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، وعلى صعيد الشؤون المالية فقد تمكن المقيرن من إنهاء المعاناة ومحو القلق لدى الجماهير بعد أن نجح في تسوية كافة المستحقات المالية لدى اللاعبين وإغلاق ملف القضايا الداخلية، بينما شهد التطوير الإداري بالنادي هوية جديدة مختلفة كلياً حيث استطاع أن يطور استراتيجية النادي بما يتناسب مع 2020، ورفع مستوى التوطين داخل أروقة النادي بعد أن أنهى علاقة عدد من العاملين غير السعوديين وتكريمهم على ما قدموه خلال تواجدهم، بالإضافة إلى التحول الإلكتروني للمعاملات الإدارية والمالية واستحداث الأرشفة الإلكترونية، وفيما يخص البنية التحتية ومرافق النادي قام المقيرن بإسناد المهمة إلى شركة مختصة حيث قامت بتجديد الملعب الرئيسي وإصلاح المضمار والمدرجات وتجديد الصالات المغلقة وتجديد أنظمة التكييف، بالإضافة إلى تأهيل المكاتب وغرف الاجتماعات والموافق.
أما على صعيد الفريق الأول والجانب الفني فقد استطاع المقيرن جلب المدرب المميز الأرجنتيني رامون دياز والذي يحمل في سجله التدريبي العديد من الإنجازات وكان له بصمة مع نادي الهلال في تحقيق الإنجازات حيث تمكن المقيرن من إقناعه في تدريب الفريق، واستطاع أن يجلب عدداً من اللاعبين المحليين والتوقيع مع ستة محترفين غير سعوديين من أبرز اللاعبين الذين حققوا جوائز شخصية بالموسم الماضي مع أنديتهم.
ومع كل ما قدمه المقيرن خلال الفترة الحالية لا تزال الجماهير الاتحادية تنتظر نتائج العمل الكبير وما سيقدمه الجهاز الفني واللاعبين الجدد حيث تعول الجماهير على المدرب دياز في أن يتمكن من صناعة فريق قوي كان قد غاب منذ سنوات عن تحقيق بطولة الدوري وعن المشاركة في كأس دوري أبطال آسيا، ولدى الفريق العديد من الاستحقاقات التي ستكون أمام نصب عين المدرب دياز، لذلك فإن الإدارة تسعى جاهدة إلى توفير البيئة والأجواء الأفضل للجهاز الفني وللاعبيين حيث يتواجد الفريق حالياً بالنمسا خلال المعسكر الخارجي الذي سيشهد ثلاث مباريات ودية للتحضير بشكل جيد قبل خوض غمار المنافسات على الاستحقاقات التي سيخوضها الاتحاد.