دعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالله البعيجان في خطبة الجمعة إلى الاستفادة من موعظة الحج فهو مورد ومنهل للتزود من التقوى، مؤكدا أن العبادة إذا لم تقرب من الله ، وتبعد عن محارم الله ، فإنها مغشوشة أو مخالفة للدين ، وإنما يتقبل الله من المتقين.
وقال: إن من علامات قبول الطاعة الاستقامة والعكوف ، ومحاسبة النفس على التقصير والتفريط فيها ، تلك صفات المؤمنين الخاشعين المخلصين، والاستقامة هي حقيقة الاستسلام والثبات على الدين، والصدق والوفاء، والاستقامة نجاة من الخوف وأمانُ من الهلع والحزن وبشارة عظمى ، الاستقامة من درجات الكمال ولا يقدر عليها إلا ذو العزم والخصال.
وأكد أنه من الواجب على كل مسلم أن يحمد الله عز وجل على ما من به من أمن وأمان في هذه البلاد المباركة التي تستقبل هذه الأعداد الكثيرة من المسلمين من مختلف أنحاء العالم وتقوم بضيافتهم وتهيء لهم المشاعر في أحسن مستوى، وتقدم لهم الخدمات في أعلى قدر ممكن، وذلك تحت رعاية من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله، فالشكر والتقدير لولاة الأمر القائمين على خدمة الإسلام والمسلمين، شكر الله سعيهم ، وتقبل عملهم ، وكتب لهم ذلك في موازين حسناتهم.
وقال : يودع الحجاج بيت الله الحرام هذه الأيام ولسان حالهم عائدون آيبون تائبون لربنا حامدون يحدوهم الفرح إلى أوطانهم وبلدانهم قد قضوا مناسكهم، وتخففوا من أثقالهم ، ولعلهم يعودون لأوطانهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، فيرجعون بغنيمة تستوجب الحمد والشكر ، قد غفر الذنب، وستر العيب، وكفرت الخطايا.
وأضاف: إن لكل إقبال إدبارا ، ولكل جمع تفرقا وأخبارا، فبعد ما رأينا الحجاج يأتون من كل فج عميق، وبلد سحيق، ليشهدوا منافع لهم، وتجمعت الوفود الكثيرة والجموع الغفيرة في المشاعر المقدسة ، قد اختلفت لغاتهم وألوانهم وبلدانهم وأجناسهم وأعمارهم لكن الإسلام لمّ شملهم، ووحد قبلتهم ومناسكهم، محرمون بلباس واحد ويلبون بنداء واحد اجتمعوا في صعيد واحد، ، قد ألف الله بين قلوبهم ، وبعد قضاء النسك وإذ بالجموع الغفيرة والأعداد الكبيرة المشاعر فياضة،
تودع المشاعر بمشاعر فياضة ، وإن هذا الفراق بعد الاجتماع خلال وقت قليل ، ليذكر بفراق الدنيا وتعاقب الأجيال، جيلا بعد جيل ، جيل يولد ويهنأ به ويستقبل، وجيل يودع ويعزى فيه وينتقل .
وقال : أيها الحاج ما كان في ذمتك من فرض فاقضه، وما كان على وجه الأرض من خصم فأرضه، وماكان من حق فأده، وأقم فرائض الله وفيها فجاهد، والزم سنة رسول الله وعليها فعاهد، واطلب النجاة والخلاص، وجدد العهد مع الله بعزم ووفاء وإخلاص.
وأردف : إن الله على كل شيء شهيد، وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، وقد بحت حناجركم على رؤوس الأشهاد ترددون كلمة التوحيد، ورددت جبال مكة صدى تلبيتكم إلى يوم العيد : لبيك|اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، فالبراء البراء من الشرك فلا يقبل الله عملا فيه مثقال ذرة من شرك، وقد قال: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، الزموا شرعكم واحرصوا على ملتكم .