يحسم مجلس الشورى في جلسته الخمسين المقرر عقدها في غرة محرم المقبل مصير ثماني توصيات تضمنها تقرير لجنة الحج والإسكان والخدمات بشأن دراستها للتقرير السنوي لوزارة الشؤون البلدية والقروية الذي تم مناقشته تحت القبة في الخامس من جمادى الآخرة الماضي، وتصدرت توصيات اللجنة المطالبة بالإفصاح عن حجم ونوع العقود الاستشارية التي تبرمها الأمانات لتنفيذ أعمال تخصصية في إدارتها، وحجم ومرتبات العاملين غير السعوديين في هذه العقود، وإلزام الوزارة بإعادة النظر في المضي في هذا التوجه، والاعتماد بدلاً عن ذلك على الكفاءات والقدرات السعودية المتخصصة في تنفيذ أعمالها.
وكشف التقرير 37 – 1438 عن عدد المنح السامية التي لم يتم تنفيذها وهي 65 ألفا و295 منحة وفقاً للمعلومات الواردة من الأمانات والبلديات، وقد تجاوز عدد المنح المنفذة بأوامر سامية منذ بداية المنح وحتى نهاية عام التقرير 760 ألفا و406 منح، فيما بلغ عدد المنح بنوعيها -السامية والبلدية- بموجب الأوامر السامية وتعليمات منح الأراضي التي توزعها الأمانات والبلديات في جميع أنحاء المملكة مليونين و430 ألفا و779 منحة، ونفذت الوزارة خلال عام التقرير أكثر من 14 ألف منحة سامية، وخصصت الوزارة ما يزيد على مليار و161 مليوناً و136 ألفاً و943 متراً مربعاً تنفيذاً لما تحتاجه الجهات الحكومية والمؤسسات العامة والقطاعات الخيرية من تخصيص الأراضي سواءً أكان على مستوى الوزارة أو الأمانات حسب الصلاحيات الممنوحة لكل جهة، وفيما يخص إنتاج النفايات في مدن المملكة فقد بلغت كمية النفايات البلدية المنزلية 18 مليوناً و740 ألفاً 339 طناً وتمت معالجة ما نسبته 5 % فقط..!
وعوداً على توصيات تقرير لجنة الخدمات، يصوت المجلس الثلاثاء بعد القادم على دعوة الوزارة إلى التنسيق مع الجهات التقنية ذات العلاقة للاستعانة بشركات التحصيل ووسائل التقنية لتحصيل مبالغ الاستثمار لحل مشكلة التحصيل على أن يقدم في التقارير المقبلة للوزارة الحجم السنوي لعقود الاستثمار وحجم التحصيل السنوي لها، وأشارت اللجنة إلى أن تقرير الوزارة لم يتطرق بالتفصيل لعقود وجهود تحصيل عقود الاستثمار، وأوضحت اللجنة أن معلوماتها تؤكد وجود تفريط في تحصيل مبالغ هذه العقود، كما تبين لها أن أمانات المدن باتت تستعين باستشاريين يمارسون أعمالاً كان يمارسها موظفون سعوديون خاصة في إدارة الاستثمار والنظم الجغرافية ومراقبة المباني وإدارة الرخص والمخططات العمرانية والإدارات العامة للدراسات والتصاميم، وحتى إدارة الحاسب الآلي، ويمارس هؤلاء الاستشاريون أعمالهم داخل مقار الأمانات نفسها ومكاتبها، ويوظف هؤلاء الاستشاريون وفق ما كشف تقرير اللجنة عاملين من مهندسين وفنيين وموظفين غير سعوديين، مما ولد تفريغاً للمحتوى الوظيفي السعودي من الأمانات وإحلال الأجانب بديلاً لهم، يمكن تسميته «الأجنبة الخفية»، وأوضحت اللجنة أن الأمانات تدفع لهؤلاء الاستشاريين ما يقرب من الضعفين إلى ثلاثة أضعاف ما يدفع الاستشاري للعامل لديه، وعلاوة على ذلك انفتحت مثالب فساد تمر من خلالها المخالفات البلدية عبر هؤلاء العاملين الذين يغادرون خلال سنوات إلى بلدانهم.
ومن التوصيات التي يصوت عليها أعضاء المجلس في الجلسة الخمسين إلزام وزارة الشؤون البلدية والقروية بتطوير أنظمتها لتصبح أكثر صرامة وذات غرامات وعقوبات مغلظة، مع اقتراح آليات فاعلة لتطبيقها، للحد من رمي مخلفات البناء والمخلفات الشخصية ومخالفات الذوق العام في المدن والطرق الإقليمية، وقد سبق ونشرت «الرياض» تقريراً للجنة الخدمات الشوريِّة أظهر معاناة مدن المملكة والرئيسة منها على وجه الخصوص من رمي مخلفات البناء في الأراضي الفضاء وعلى جنبات الطرق، مما يشكل تشويهاً للمدن وإضراراً كبيراً بالبيئة، ويظهر ضعفاً في النظام الذي يتصدى لهذه المخالفات وآليات تطبيقه.
وحسب خامس توصيات لجنة الخدمات يصوت الشورى على تفعيل استراتيجية الخصخصة في الأسواق ومراكز الخدمة التابعة لها، وقد كشف التقرير -محل المناقشة والتصويت- أن الوزارة لم تتطرق لاستراتيجية الخصخصة التي صدرت منذ 14 سنة وفتح المجال لتخصيص المرافق والخدمات البلدية لتعظيم الإيرادات والتخلص من المصروفات وتعزيز تطبيق التقنية ورفع كفاءة هذه المنشآت، مؤكدةً أن تقرير الوزارة أورد رقماً متواضعاً لإيرادات الأمانات والبلديات في المملكة لم تصل إلى 12 % من مصروفاتها.
ويأتي تصويت مجلس الشورى على توصيات لجنة الخدمات بعد أن ناقش في الخامس من شهر جمادى الآخرة المنصرم أداء وزارة الشؤون البلدية والقروية وتجددت المطالبة بالتقييم الشامل لإيراداتها ومصروفاتها، وأشار الأمير خالد آل سعود إلى وجود 740 منطقة عشوائية في 155 مدينة، إلا أن تقرير الوزارة خلا من أي توضيح للاستراتيجية التي تعمل خلالها على معالجة هذه المشكلات، ولاحظ تحسنا في توفير الأراضي السكنية، ورأى تأخر الوزارة والجهات المعنية فيما يخص التسجيل العيني للعقار، وطالبت سامية بخاري بإلزام أمانة جدة بتنفيذ مشروعات تصريف مياه الأمطار للحد من أخطارها، مشيرةً إلى أن مدينة جدة تعاني من «فوبيا الأمطار»، وتساءل سلطان آل فارح عن عدم توجه الوزارة إلى الخيار التقني في السداد والتحصيل لتعالج معاناتها من عملية التحصيل، وأكد أن هناك غياباً في التعاون بين الشؤون البلدية والنقل في قضية شق الطرق والحفر في الشوارع، وشدد على التأكد من جدوى المشروعات التي تنزع لأجلها ملكيات بعض الأراضي لصالح مشروعات بلدية أو مرافق عامة وما تعود به من فائدة على الحي أو عدم تأثيرها وأن لا يكون هناك نزع للأراضي للحفاظ على المبالغ المالية في أمور أخرى أو خدمات بلدية.