بعد أن نجحت شركة “سابك” في الهيمنة وتزعم قطاع الصناعات البتروكيميائيات في العالم بطاقة 71 مليون طن وتحولها من مجرد مستورد تقنيات تصنيع إلى مبتكر ومرخص لها، وبعد أن كانت “سابك” في بدايات عهدها بالبتروكيميائيات تبذل المستحيل لاستجداء وإقناع رواد الصناعة في العالم للتحالف معها في تأسيس صناعة البتروكيميائيات في المملكة.
ويتبدل المشهد اليوم بتحول دراماتيكي مثير تمكنت خلاله “سابك” من تحويل بوصلة ريادتها البتروكيميائيات من الغرب للشرق وبالأخص للمملكة بثورتها البتروكيميائية الهائلة وتقنياتها المبتكرة والتي دفعت رواد الصناعة في العالم لاستجداء وإقناع “سابك” للتحالف معها في مشروعات مشتركة في المملكة وخارجها للاستفادة من تقنيات “سابك” للبلاستيكيات المبتكرة التي تمتلكها بأكثر من 100 منتج متخصص وخبرة الشركة الكبيرة جداً والناجحة في تنفيذ المشروعات الهندسية الكيميائية العملاقة.
وتدخل حالياً كبريات الشركات العالمية الريادية في صناعة الكيميائيات وخاصة الأميركية في تنافس كبير ومثير للظفر بصفقات تحالف ضخمة مع “سابك” وأبرزها نجاح شركة “إكسون موبيل” الأميركية رائدة صناعة النفط والغاز والطاقة والكيميائيات في العالم في جذب “سابك” للتحالف معها في بادرتها التنموية لتطوير استثمارات ساحل الخليج الأميركي بأكمله من البنية التحتية إلى تطوير المجمعات الصناعية.
وهي للمرة الأولى في تاريخ “سابك” أن يتم الاستعانة بها لتطوير أعمال البتروكيميائيات ومنشآتها في الولايات المتحدة مع حرص “إكسون موبيل” الأهم على دخول “سابك” في مشاركة ملكية وإدارة أضخم مجمع مشترك للبتروكيميائيات في مقاطعة سان باتريسيو بولاية تكساس على ساحل الخليج الأميركي بحجم استثمارات تقدر بقيمة 20 مليار دولار ويضم وحدة لتكسير الإيثان بتقنيات خاص لإنتاج طاقة 1.8 مليون طن سنوياً من الإيثيلين كأضخم مصنع من نوعه في العالم، إضافة إلى مصانع أخرى لجلايكول أحادي إيثيلين والبولي إيثيلين التي تحتل “سابك” الصدارة في إنتاجها.
ويشهد حالياً مشروع “إكسون – سابك” العملاق المرتقب والذي تنتظره أعمال إنشائية هندسية شاقة تنافس كبير من قبل الشركات الأميركية الوطنية ذات الشأن بتطوير المجمعات الصناعية وكافة خدماتها من مقاولين وموردين ومتعهدي خدمات للظفر بفرص المشاركة في الأعمال الإنشائية في مشروع تنمية ساحل الخليج الأميركي وفرص الفوز بالعقود والعطاءات التي أرسيت معظمها ومن المخطط بدء أعمال البناء العام 2019 وأن يكتمل في العام 2021.
وعندما احتاجت شركة “إكسون موبيل” وهي الرائدة عالمياً في صناعة النفط والطاقة والكيميائيات شركة “سابك” واختيارها لمشاركتها في تطوير الساحل الأميركي، تدرك الشركة ما سوف تضيفه “سابك” من قوة للمشروع استناداً على خبراتها الثرية في بناء وتشييد المجمعات البتروكيميائية وبصماتها الهندسية الفريدة والتي أهلت الجبيل الصناعية كأكبر مشروع هندسي في العالم، إضافة إلى تواجد “سابك” القوي وتوغلها باستثمارات ضخمة في قلب أميركا الشمالية وبالأخص في الولايات المتحدة بعد أن هيأ استحواذ “سابك” على قطاع الكيميائيات المتخصصة من شركة “جنرال إليكتريك” لامتلاكها عدة مصانع للكيميائيات التقليدية والمتخصصة في الأميركيتين وتملكها حصص في مجمعات الأوليفينات في عدة ولايات واستثمارات استراتيجية حيوية مهمة جداً في ثروة الغاز الصخري الأميركي والذي عقدت “سابك” أكبر التعاقدات لوفوراته لمجمعاتها في أميركا وكذلك نقله بحراً لأوروبا لخدمة مصانع “سابك” هناك ودعم توسعاتها المخطط لها للانتشار في قلب القارة الأوروبية ومواقعها الاستراتيجية.
كما تعزز مشاركة “سابك” في مشروعات “إكسون” ريادتها وهيمنتها العالمية في تزعم صناعة الإيثيلين بالمرتبة الأولى بطاقة متنامية هائلة بأكثر من 13 مليون طن متري سنوياً من مصانعها في المملكة والصين والمملكة المتحدة وهولندا وأميركا، في وقت تمتلك “سابك” تاريخا عريقا من العلاقات الاستثمارية مع “إكسون موبيل” في عدة شركات بتروكيميائية مشتركة في المملكة يفوق حجم استثماراتها 50 مليار ريال بما في ذلك شركة الجبيل للبتروكيميائيات “كيميا”، وشركة ينبع السعودية للبتروكيميائيات، والمشروع الأخير للمطاط الذي يستهدف تلبية الطلب المتزايد على المنتجات التحويلية لقطاع صناعة السيارات وقع الغيار.
في حين تقوم شركة “إكسون” أيضاً بتقييم مشروعات تصنيع المواد الكيميائية الأخرى بالتحالف مع “سابك” في آسيا للمساعدة في تلبية نمو الطلب المتوقع في المنطقة، وتتوقع “إكسون” أن تنمو قدرة تصنيع المواد الكيميائية في آسيا والمحيط الهادئ وأميركا الشمالية بنسبة 40 % وسيتم تحقيق هذا النمو جزئياً بإضافة 13 مرفقاً صناعياً جديداً ووحدتي تكسير في الولايات المتحدة التي تشكل جزءاً من مبادرة الشركة لتنمية ساحل الخليج الأميركي وستمكن هذه الاستثمارات الشركة من تلبية الطلب المتزايد في آسيا والأسواق النامية الأخرى.