المشروعات التي دشنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أول من أمس، تمثل نقلة اقتصادية كبرى، تتصدر بها المملكة الاقتصادات الدولية المتقدمة، وتجعلها قاب قوسين أو أدنى من إدارة المنظومة الاقتصادية العالمية.
كما تعبر المشروعات التي قام سمو ولي العهد بوضع حجر الأساس لها، عن توجه قوي نحو دعم الاقتصاد المحلي، وخلق فرص تشغيل على نطاق واسع، والقضاء على المشكلات التي تعاني منها أغلب اقتصادات العالم، وفي مقدمتها البطالة، وانخفاض معدلات التشغيل، وتراجع معدلات التنمية، ليأتي ذلك كله في إطار رؤية المملكة 2030، التي أطلقها سموه قبل ما يزيد على العام.
كان من بين أهم المشروعات التي دشنها سمو الأمير، مفاعل نووي، ومصنع لهياكل الطائرات، فضلا عن مشروعات أخرى في مجال الطاقة المتجددة والذرية، والطب الجيني، وذلك بتدشين المختبر المركزي للجينوم البشري السعودي، والذي بموجبه يتم التوثيق لأول خريطة للصفات الوراثية للمجتمع السعودي، كما أنه يهدف إلى الكشف عن طفرات جينية تكون مسببة للأمراض الوراثية، هذا بجانب مشروع محطة لتحلية المياه المالحة، تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تعد أول نموذج صناعي يستخدم تحلية المياه بالامتصاص.
يأتي ذلك ضمن رؤية المملكة 2030، التي أطلقها سمو ولي العهد، وتضمنت في بنودها، التأكيد على إعادة صياغة الاقتصاد السعودي، وتعزيز قطاع التقنية والاستفادة منه في خدمة قطاعات أخرى، من بينها قطاع الطاقة النظيفة، وصناعة الطائرات، وكذلك ضمن التأكيدات التي شدد عليها سمو ولي العهد، في أكثر من مناسبة، من أهمية استغلال التقنية، وتطوير الكفاءات الوطنية وتدريبهم عليها، وهي التأكيدات التي بدت واضحة خلال زيارات سموه إلى الولايات المتحدة الأميركية، ودول أوروبا المختلفة، والتي بدت خلالها شروط عقود الاستثمارات، وكذلك الشراكات التي وقعتها دول أوروبا وكذلك أميركا مع المملكة، وهي الشروط التي أكدت على ضرورة توطين ونقل المعرفة، وتحقيق التنمية المستدامة، لخلق فرص عمل لجميع أفراد المجتمع، ولضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، والذي من أجله تم وضع برنامج مميز لتحقيق رؤية 2030، تم خلاله تحديد 10 قطاعات للاستثمار فيها مع أوروبا وأميركا، تلخصت في الدفاع، والطاقة، والطيران، والتقنية، والبتروكيميائيات، والنفط والغاز، والتصنيع، والاستثمار، والصحة، والتعدين، وفي سبيل تحقيق ذلك ركزت المملكة على توطين ونقل المعرفة والتقنية، وظهر ذلك واضحا في مشروع “نيوم”، الذي يعد أحد المشروعات العملاقة، التي تعتمد على التقنية الحديثة، التي تمثل بدورها ضمانة لتطوير الاقتصاد السعودي.
ثم كان مشروع صناعة هياكل الطائرات، والذي يعد مؤشرا على توجه المملكة نحو صناعة الطائرات، بما تحتاجه من تقنية عالية، وكفاءات بشرية على مستوى عال من التدريب، وهو القطاع الذي حرصت المملكة على الدخول فيه وبقوة، رغم الصعوبات والتحديات، غير أنها نجحت فيه وحققت نتائج إيجابية، حينما أعلنت المملكة وفي نهاية العام الماضي، تدشين شركة “تقنية” وهي خاصة بالطيران، ويمتلكها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وذلك بهدف الدخول في مجال تصنيع الطائرات، ونقل التقنية، وتدريب الفرق الوطنية على تخصصات علوم وتقنية الطيران، بالعمل والتصنيع المشترك مع شركات صناعة الطائرات العالمية.
وفي سبيل نقل التقنية، حرصت المملكة أيضا، وضمن رؤية 2030، على توقيع اتفاقات مع عدد من الشركات المتخصصة في الصناعة والتقنية، بهدف تأسيس 5 شركات، متخصصة في نقل وتوطين التكنولوجيا، وإنتاج صناعات متقدمة، في مجال الطائرات، والأقمار الصناعية، والرادارات، والطاقة النظيفة، وذلك بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، لاستثمار مخرجات البحث العلمي لديها في مجالات التقنية.
كان من بين الاتفاقات أيضا، تأسيس شركة سعودية، بالشراكة بين شركة تقنية للطيران وشركة “سيكوروسكى” الأميركية، وذلك بغرض تطوير، وتصنيع، وإنتاج، طائرة عمودية، متعددة الأغراض من نوع “بلاك هوك” في المملكة، هذا بخلاف ما تم الإعلان عنه من تعاون بين روسيا والمملكة، لبحث مشروع طائرة ركاب أسرع من الصوت.
وفي مايو من العام الماضي، تم الكشف بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، عن برنامج الطائرة الاستراتيجية من دون طيار “صقر1” وهي صناعة سعودية، وهي طائرة تعتمد في صناعتها على أحدث تقنيات صناعة الطائرات في العالم.
وكان من ثمرة الجهود الاقتصادية التي يبذلها سمو ولي العهد، ورؤية المملكة 2030 التي أعلنها سموه، أن حققت المملكة نتائج إيجابية، على مستوى الاقتصاد السعودي ككل، حيث قفزت المملكة في الترتيب إلى رقم 4 في مجموعة العشرين في إصلاحات بيئة الأعمال، وهو إنجاز اقتصادي هائل، تحقق بفضل الجهود والسياسات الاقتصادية الرشيدة، وهو ما أكده تقرير “سهولة ممارسة الأعمال 2019” الصادر عن مجموعة البنك الدولي.
أشار التقرير إلى أن المملكة تقدمت هذا العام في 4 مؤشرات، مرتبطة بتقرير ممارسة الأعمال، وهي “مؤشر حماية أقلية المستثمرين، ومؤشر إنفاذ العقود، ومؤشر استخراج تراخيص البناء، ومؤشر التجارة عبر الحدود”.
وجاء تقدم المملكة، وبحسب التقرير، في تلك المؤشرات الأربعة مقارنة بالعام الماضي، حيث شهد مؤشر إنفاذ العقود التحسن الأكبر في ترتيب المملكة، محققا ارتفاعا من المرتبة 83 إلى 59، كما تحسن مؤشر حماية أقلية المستثمرين من المرتبة العاشرة إلى السابعة عالميا، ليحصد الترتيب الأول على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.
كما ارتفع مؤشر التجارة عبر الحدود من المرتبة 161 إلى المرتبة 158، ومؤشر استخراج تراخيص البناء من المرتبة 38 إلى المرتبة 36، وحافظت المملكة في تقرير هذا العام على المرتبة 92 من أصل 190 دولة تتنافس وبشكل سنوي، لتكون من أفضل الدول في سهولة ممارسة الأعمال.
وقدمت المملكة نحو 51 إصلاحا على مستوى جميع المؤشرات، وهو الأمر الذي ينعكس بالإيجاب على المملكة وترتيبها خلال الثلاث سنوات القادمة.
هكذا تظهر بوادر النتائج الإيجابية لرؤية 2030، التى أطلقها سمو ولي العهد، لتكون المشروعات التي قام سموه بوضع حجر الأساس لها، وتدشينها نقطة تحول في الاقتصاد السعودي، ونقطة انطلاقة قوية نحو الإصلاحات الاقتصادية، وتثبيت أقدام المملكة على أرضية الاقتصادات العالمية المتقدمة.
من جهته قال المحلل الاقتصادي عبدالرحمن أحمد الجبيري إن تدشين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية -حفظه الله- ووضعه حجر الأساس لسبعة مشروعات استراتيجية امتداد للازدهار الاقتصادي والتنموي الذي تعيشه المملكة واقعاً ملموساً وإضافة نوعية ستسهم في تعزيز القيم المُضافة للاقتصاد السعودي تحقيقاً لمخرجات رؤية المملكة 2030 حيث بات الاقتصاد السعودي يحقق أرقاماً عالية في مقارنات اقتصاديات دول العالم المتقدمة مما أضاف نحوه المزيد من الثقة والاهتمام العالمي في مختلف الاتجاهات الاستثمارية، وأضاف الجبيري أن من تلك المشروعات التي تبشر بالخير تدشين محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية وخطي إنتاج للألواح والخلايا الشمسية وذلك استكمالاً لمستهدفات إنتاج الطاقة الشمسية والتي ستعمل على تحقيق الاستدامة والنظرة المستقبلية للأجيال القادمة وتوظيف الموارد الطبيعية النظيفة ودعم البيئة والذي بدوره سيحقق كفاءة مثالية في تطوير المدن وجودة الحياة ورفاهية المواطنين.
وبيّن الجبيري بأن القطاع الصناعي الإنتاجي من خلال مركز تطوير هياكل الطائرات ومركز الابتكار للصناعة سيضيف إلى الاقتصاد حراكاً فاعلاً ليتم من خلاله توليد أنشطة اقتصادية نوعية تسهم في تطوير كفاءة الشباب السعودي وتنوع مجالات اختصاصاته وتدعم توجهاته وتطور من قدراته بما يحقق صقلا للمهارات الإبداعية ليقوم بدوره المأمول في برامج التنمية المختلفة وبما سيحقق المزيد من الفرص الوظيفية الواعدة في هذا القطاع، مشيرا إلى الملامح المستقبلية لقطاع الصناعة المتطورة والمتمثلة في مشروعات الأقمار الصناعية والتقنية الحيوية ومشروعات الطاقة والمياه وتقنية الاتصالات والإنترنت والمعلومات تحمل آفاقاً مستقبلية لنهضة تنموية أفقية وشاملة لكافة المجالات.
وأكد الجبيري على أن هذه المشروعات ستخلق طيفاً واسعاً من الفرص الاستثمارية تسهم في تنوع مصادر الدخل وتوفير المزيد من الفرص الوظيفية وتفتح آفاقاً جديدة لحاضنات الأعمال في المجال التقني والإداري والمحاسبي والمالي والتسويقي وستعزز من برامج ريادة الأعمال التي أصبحت من الأهمية بمكان في تعزيز الاقتصاد الإنتاجي بطريقة أفقية شاملة لكافة المناطق.