تأثرت عشرات المصافي النفطية والمصانع البتروكيميائية في أوروبا الواقعة على طول نهر الراين الاستراتيجي والقلب النابض لصادرات وواردات المجمعات الصناعية الأوروبية وشريان التجارة العالمية وذلك بسبب الانخفاض التاريخي لمنسوب مياه النهر والذي تسبب في تعرقل أنشطة الشحن وشلها وخفض الإنتاج وتكدس الحمولات وانحسار منافذ التسويق ومشكلات لوجستية على امتداد النهر بطول 870كم والمتدفق من جبال الألب في سويسرا مروراً بألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وانتهاء في هولندا.
وتابعت «الرياض» التطورات في ظل تعثر الحلول العاجلة للأزمة والعزلة التي أحاطت الأجواء حيث لحق الضرر بمصافي التكرير في ألمانيا في مناطق «جودورف» و»ويسيلينج» و»خيلسنكيرشن» والموقع الأخير يحتضن مصانع لشركة «سابك»، حيث تتمحور أضرار المصافي الألمانية حول عدم وصول المواد الخام لها أو قدرتها على تسويق منتجاتها مما اضطرها لخفض معدلات الإنتاج تحرزاً للفائض فيما لو استمر خفض منسوب النهر لعدة أيام أخرى أو أسابيع والذي سيقود حتماً إلى إطفاء المصانع ووقف الإنتاج لتعثر القدرات التسويقية.
في حين لم تتأثر مصانع «سابك» في «جلسينكرشن» من تبعات نقص المنسوب في ظل إمدادات المواد الخام التي تحصل عليها المصانع مباشرة عبر شبكة الأنابيب من المجمع الصناعي المتاخم لها والتي تضمن إمدادات وافرة دون انقطاع تجنبها مشكلات النقل ومختلف الأزمات وطول المسافات.
وتنتج مصانع «سابك» في موقع «جلسينكرشن» البولي أوليفينات بطاقة أكثر من مليون طن متري سنوياً تشمل البولي بروبلين والبولي إيثيلين ويتم شحنها وتسويقها عبر مجمع الخدمات اللوجستية التابع للشركة والذي يضم عدد 110 خزانات لتخزين حبيبات البولي إيثيلين والبولي بروبيلين التي يتم نقلها من مصانع الشركة بواسطة الضغط عبر خطوط الأنابيب بطاقة تخزين تبلغ 47,000 طن حيث يبلغ متوسط سعة التخزين لكل خزان 430 طنًا ويتم تفريغها وإعادة تعبئتها كل 3 أسابيع. ويتم تعبئة نصف الحبيبات المنتجة في أكياس يقدر عددها بنحو 15 مليون كيس سنوياً.
وفي المقابل خضعت وحدات تكسير البخار الأوروبية لمعترك خفض معدلات التشغيل وسط عدم القدرة على إنتاج كمية كافية من النافثا وغاز البترول المسال في ظل تكدس شحنات مواد كيميائية سائلة في مخازن على ضفاف النهر، وبالإضافة إلى القوة القاهرة على عدد من منتجات شركة باسف الألمانية إحدى أكبر شركات الكيماويات في العالم، تراقب شركات عالمية ريادية منافسة منها «كوفيسترو» و»أوكسيا» و»شل» مستويات الإنتاج في المصانع الألمانية بشكل يومي والذي تبني عليه سياستها التسعيرية وزيادة الإنتاجية لكسب الحصص المفقودة من شحنات الشركات الألمانية.
ويبلغ منسوب المياه في نهر الراين حاليًا حوالي 50 سم ومن المتوقع أن يظل حول هذا المستوى لعدة أيام وفق «هيئة الممرات المائية» والتي حذرت من مخاطر تجارة السفن والبواخر في ظل المنسوب المنخفض، في حين لم يتم التوصل لأي حلول لتعثر عمليات الشحن والتي أدت إلى تطاير أسعاره والتي تم تقييمها من روتردام الهولندية إلى بازل الألمانية عند 159.90 دولاراً للطن مطلع الأسبوع مقابل 102.45 دولاراً للطن في 28 سبتمبر مقارنة بسعر 26.60 دولاراً للطن قبل عام في 30 أكتوبر، وفق بيانات «قلوبل بلاتس»، وقد أدى ارتفاع أسعار الشحن مع القيود على أنشطة البوارج إلى تعطل الإنتاج الصناعي للمنشآت الواقعة على طول النهر.
وتابعت «الرياض» تعليقات المنتجون والتجار وقالت مصفاة «راينلاند» التي تدير موقعين في «جودورف» و»فيسيلينج» لم يعد من الممكن وصول البوارج إلى مرافئها بسبب انخفاض منسوب المياه، في حين قالت إنها في طور استخدام طرق بديلة.
وأشار منتجون للكيماويات الأساسية إلى الآثار السلبية التي خلها انخفاض منسوب النهر على سلسلة إمداداتهم فيما لا تزال وسائل الشحن البحري تتأثر سلبًا بمستويات نهر الراين التي بلغت أدنى مستوى لها على مدار أسبوع، وتتوقع بعض المصادر عدم تحسن أوضاع النهر حتى ربيع 2019 وهو المحرك الرئيسي لاتجاه سوق الكيميائيات والمنتجات العطرية.