تنتظر وزير التعليم الجديد حمد محمد آل الشيخ عدد من الملفات المهمة وفي مقدمتها المعوقات والصعوبات التي أوردها التقرير السنوي الأخير للوزارة والمرفوع إلى خادم الحرمين الشريفين والمدروس بمجلس الشورى الذي اتخذ بشأنه عدداً من القرارات مؤخراً، في مقدمتها المطالبة بإعادة النظر باستراتيجية التعليم ودعم المعلم بإعداد برنامج وطني لرفع معنويات المعلمين والمعلمات، وتعزيز انتمائهم لرسالة التعليم، وتجويد المخرجات، ودعوة الوزارة وهيئة التقويم بتقرير دوري لحال التعليم العام والعالي المعرفية والمهارية والتوسع بالمنح الداخلية للملتحقين بالتعليم العالي الأهلي وخطة لتنمية الموهبة والتميز، ورفع المعايير الخاصة بالتعاقد مع أعضاء هيئة التدريس غير السعوديين في الجامعات الحكومية والأهلية بما لا يقل عن تلك المطلوبة من السعوديين.
ومن أبرز الملحوظات على وزارة التعليم حسب تقرير الشورى الأحدث بشأنها والتي صوت المجلس على أكثر من عشر قرارات لمعالجتها، وتكشف من خلالها عدم الرضا عن أداء الوزارة الذي يعوزه التركيز على الأولويات، وجودة البرامج والمبادرات، والعمل المنظومي الذي يأخذ في الاعتبار الانسجام بين جميع العوامل البشرية والبيئية والعلمية والتنظيمية، وقد درست اللجنة مدى تناغم ما تقوم به الوزارة مع برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة وإلى أي مدى تعمل لتحقيق رسالتها التي حددتها لنفسها والمتمثلة في توفير فرصة التعليم للجميع في بيئة تعليمية مناسبة في ضوء السياسة التعليمية للمملكة، وجودة مخرجاته، وزيادة فعالية البحث العلمي، وانتقاد تركيزها على الإجراءات على حساب الأهداف والمقاصد الكبرى، واستمرارها في تنفيذ واستحداث برامج ومبادرات متعددة دون تقويم حقيقي لمخرجاتها والتحقق من القيمة المضافة لها، كما توقفت الشورى عند أداء الوزارة فيما يخص تطوير التعليم، وطالب بتقديم دراسة علمية تفصيلية للقيمة المضافة التي قدمتها شركة تطوير التعليم القابضة والشركات التابعة لها للتعليم منذ تأسيسها، واعتبر تقرير الشورى أن نشاط الوزارة في محاربة التطرف والفكر الضال غير كافٍ ورأي أنها برامج لا تعدو أن تكون مناشط متفرقة، تظهر وتخبو نتيجة مؤثرات وأحداث وقتية، وبالتالي هي أشبه ما تكون بردود أفعال من كونها برنامج طويل المدى، لذا أكد المجلس بناء برنامج وطني بمؤشرات أداء واضحة لنشر الوعي الفكري ومحاربة الفكر الضال على مستوى التعليم العام والعالي.
ومن الملفات التي تواجه الوزير آل الشيخ ما لاحظه مجلس الشورى بأن عدداً من الجامعات تتعاقد مع أعضاء هيئة تدريس -يشكلون نسبة كبيرة من مجموع الهيئة الأكاديمية في جامعات المملكة- من جنسيات أجنبية وعربية ممن لا ترتقي إمكاناتهم العلمية إلى المستوى المأمول وذلك تحت ضغط الحاجة العاجلة والمتاح للتعاقد في الدول التي يتم البحث فيها، ولعل الميزانية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وهي الأعلى منذ تأسيس المملكة وتخصيص 193 مليار للتعليم وبمقدار 17 % من ميزانية الدولة تفتح آمالاً جديدة لمعالجة بعض قرارات مجلس الشورى الذراع التشريعي للحكومة، ومن ذلك قرار إعادة مكافآت طلبة الامتياز في التخصصات الطبية إلى ما كانت عليه والذي مضى أكثر من 12 عاماً على قرار مجلس الشورى بشأنه كما مرت نحو خمس سنوات على إقرار المجلس بالأغلبية وبـ107 أصوات لتوصية عضوه عبدالله زبن العتيبي تأكيد إعادة مكافأة طلاب الامتياز لطلبة كليات العلوم الطبية التطبيقية، لكن وزارة التعليم -التعليم العالي وقتها- لم تنفذ قرار الشورى الأمر الذي جعل لجنة الشؤون التعليمية تعيد طرحه من خلال قناعتها بتوصية العضو العتيبي الذي أكد في مبررات توصيته للمجلس أهمية سنة الامتياز لطلاب الكليات الصحية كونها تطبيق إكلينيكي وعملي لما تعلمه الطلبة خلال سنوات دراستهم النظرية.
«الرياض» تتساءل لماذا تأخرت وزارة التعليم في تنفيذ قرار مجلس الشورى المؤكد عليه قبل نحو خمس سنوات وقد خصمت المكافأة على الأطباء ثم أعادتها الوزارة لهم خلال سنة، بينما لم تنصف طلبة كليات العلوم الطبية التطبيقية ولم تعدها إليهم وهم الذين يعملون لمدة سنة امتياز وتدريب قبل تخرجهم وكأنهم موظفين ولا يحصلون إلا على 2700 ريال بدلاً من 5500 مثلهم مثل الموظف الرسمي في المستشفى ما بين 8-12 ساعة يومياً ويطلع خلالها تحت إشراف استشاريي المستشفى على الحالات المرضية كما أنه يُلزم بحضور المؤتمرات والندوات العلمية وورش العمل حتى يصقل معلوماته الطبية وجميع ذلك يكون غالباً مرتبط بالتزامات مالية مكلفة ومثقلة لكاهلهم كون كثير منهم لا يجد مستشفى للتدريب إلا خارج مكان سكنه مما يتطلب التكفل بإيجار السكن والمعيشة والتنقل من مكان لآخر وكذلك دفع رسوم لحضور المؤتمرات والندوات وورش العمل التي في كثير منهم تكون غير مجانية وشراء مستلزمات خاصة في عملهم.
وأضاف د. العتيبي بأن الجميع صدم بتخفيض مكافأة الامتياز لتصبح 6100 لطلبة كلية الطب بدلاً من 10500 ريال، و2500 ريال ابتداءً لطلبة كلية العلوم الطبية التطبيقية بعد أن كانت 5500 ريال، لافتاً إلى إعادة مكافأة طلبة الامتياز لطلبة كلية الطب فقط لتصبح 9200 ريال إلا أن مكافأة زملائهم من كلية العلوم الطبية التطبيقية لازالت كما هي بعد التخفيض رغم ما يقومون به من أعمال جليلة مع زملائهم أعضاء الفريق الطبي في تقديم الخدمات الطبية والتأهيلية للمرضى.
وأكد د. العتيبي أهمية إعادة مكافأة الامتياز لطلبة كليات العلوم الطبية التطبيقية إلى ما كانت عليه وقال بأنها ستدعم مخرجات هذه المجالات الصحية وتشجيعاً لسعودة هذا القطاع الصحي الهام الذي يعاني في كثير من تخصصاته من نقص كبير في الكادر السعودي المؤهل في المستشفيات الحكومية والأهلية كتخصص العلاج الوظيفي والعلاج التنفسي وعلاج النطق والسمع والأطراف الصناعية وغيرها، وقال د. العتيبي «إن كليات العلوم الطبية التطبيقية من الكليات المميزة والتي تزخر بالعديد من التخصصات الصحية التي لا يستغني عنها أي مستشفي حكومياً كان أو خاص، وأكد أن الكثير من تخصصاتها تعاني نقصاً كبيراً في الكادر السعودي المؤهل وتشكل نسبة السعوده في بعضها نسباً متدنيةً»، وشدد على أهمية التحفيز المعنوي والمادي لجعل الطلبة يلتحقون بهذه التخصصات المميزة ويسهمون مع أعضاء الفريق الطبي من التخصصات الأخرى في تقديم خدمة طبية مميزة، ودعا العتيبي إلى النظر في رفع هذه المكافأة وتوفير البيئة المثالية التي ستساهم وتشجع بإذن الله الطلبة لالتحاق بهذه الكليات المميزة ودعمهم لرفع نسبة السعودة في العديد من مجالاتها المختلفة.
وتختم «الرياض» تقريرها بطرح قرارات بارزة لمجلس الشورى على طاولة وزير التعليم حمد آل الشيخ والتي وافق عليها المجلس عبر توصيات لجنته التعليمية على تقارير الأداء السنوية للوزارة وفي مقدمتها إعادة مكافآت طلبة الامتياز في التخصصات الطبية إلى ما كانت عليه، وأيضاً قرار زيادة مكافآت طلاب وطالبات الجامعات بنسبة 30 %، وهي التوصية المقدمة من العضو الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي، وصدر قرار المجلس بشأنها في نهاية شهر جمادى الأولى عام 1431، وكذلك شمول أعضاء هيئة التدريس السعوديين المتقاعدين قبل صدور قرار مجلس الوزراء رقم 259 في الأول من شهر رمضان عام 1429 بمكافأة نهاية الخدمة.