تستعد المملكة ضمن توجّه استثماري جديد لإعادة ترتيب أوراق صناعة الغاز إقليمياً، وتهيئة موارده محلياً بما يحقق الجدوى المرجوّة من ذلك في المستقبل القريب، كما أن هذا التوجّه الذي تقوده المملكة سيعمل على إيجاد موجة من الصناعات المتنوّعة بالإضافة إلى تحييد تأثير التقلبات السياسية والأمنية والاقتصادية على قطاع الغاز.
في الشأن ذاته قال أستاذ الطاقة والصناعات بجامعة الملك سعود الدكتور فهد المبدّل: تأخذ مملكة الطاقة زمام المبادرة مرة أخرى من خلال إعلانها العزم على دراسة إنشاء شبكة غاز مع دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وذلك لأن المملكة أصبحت بعد الاكتشافات الأخيرة تحوي سادس أكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم (حوالي 9 تريليون متر مكعب) وتستعد للقيام بدور ريادي في سوق تجارة الغاز الطبيعي بعد أن تسنمت قيادة سوق النفط لعقود ولا تزال، وعلى الرغم من وجود هذه الاحتياطات الكبيرة لدى المملكة من الغاز، إلا أن المملكة دولة ذات طموحات عالية تسعى للتنويع في الطاقة والصناعات لتحقيق التنمية الشاملة والرفاهية لسكانها.
وتابع الدكتور المبدّل قائلاً: جديرٌ بالذكر أن إنشاء شبكة نقل غاز طبيعي عبر أراضي السعودية سيفتح الباب أمام تحرير سعر الغاز في المملكة، ليرتفع نحو مستويات تشجع علي جذب استثمارات أجنبية لاستكشافات أكثر في الغاز الطبيعي، ويؤهل لحدوث موجة جديدة من الصناعات البتروكيميائية والتحويلية والبلاستيكية، كما ستحقق القيمة المضافة المرجوة من هذه المادة الحيوية، ومع التعمق رأسيا في الصناعات التحويلية يصبح تأثير الدعم المقدم للغاز الطبيعي أقل، وبالتالي سيمكّن المملكة من تحرير سعر الغاز الطبيعي لمقاربة الأسعار العالمية، كما أن إنشاء مثل هذه الشبكة سيعمل على التقليل من تأثير التقلبات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها على إمدادات الغاز كذلك توفر الطاقة الكهربائية، لا سيمّا أن المملكة تسعى كي يكون الغاز الطبيعي أكبرَ مصدرٍ لإنتاج الكهرباء فيها وذلك لاعتبارات تشغيلية ورأسمالية وبيئية.
وأضاف بقوله إن توفّر الغاز لهذه الدول عبر شبكة موحدة سيزيد من التكامل الصناعي لاسيمّا أن أغلب المصانع البتروكيميائية الجديدة تعتمد في الوقت الراهن على نظام المرونة في تصميمها، حيث يمكنها تغيير منتجاتها لمواد أخرى دون التغيير في تصميم المصنع، بالإضافة إلى أن توفر الغاز الطبيعي عبر شبكة موثوقة سيمكّن الشركات البتروكيميائية من زيادة و تقليل الإنتاج ليدور حول نقطة التعادل break even point ولا يسبب خسائر للمنشأة، ومع أن نقل الغاز الطبيعي عبر أنابيب لمسافات متوسطة مثل المسافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان أقل تكلفة من وسائل النقل الأخرى، إلا أن هناك صعوبات فنية وتعاقدية تجعل إنشاء هذه الشبكة تحديا للجهات ذات العلاقة.
من جهته قال نائب رئيس جمعية الصحفيين الإماراتيين سابقاً علي عبدالله أبوالريش: تأتي المباحثات القائمة مع المملكة وسلطنة عمان لمد شبكة غاز إقليمية امتداداً للعلاقات الوثيقة التي تربط المملكة العربية السعودية بالإمارات العربية المتحدة، كما أن هذه الخطوة ستكون نقطة قوة اقتصادياً للبلدين في ظل التحديات المختلفة التي تواجهنا مع أشقائنا في السعودية.
وذكر أن شبكة الغاز الإقليمية ستدعم وتعزز التلاحم بين بلدان المنطقة إقليمياً، وعلى وجه الخصوص المملكة والإمارات، وما هي إلا امتداد للعلاقة الوثيقة بين البلدين اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.
وقال معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في تصريحٍ لوسائل الإعلام أمس الثلاثاء: إن شركة أرامكو السعودية بصدد تطوير موارد الغاز في المملكة تماشياً مع الاحتياجات المحلّية، ووجود احتمال التصدير مستقبلاً بالتزامن مع الاكتشافات للكثير من الغاز بالمملكة. وأضاف الوزير الفالح أن المملكة تجري محادثات مع الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان لمدّ شبكة غاز إقليمية.