تطرقنا في تحليل الأسبوع الماضي إلى نتائج البنوك وقمنا بعمل مقارنة بين البنوك من ناحية الكفاءة التشغيلية والاستفادة المثلى من الأصول وكذلك قدرة البنوك على خفض المصاريف ومن ضمنها مخصصات خسائر الائتمان وأثر ذلك على الأرباح الصافية، في هذا الأسبوع سوف أتناول القطاعات التشغيلية التي تضخ الإيرادات إلى ميزانية البنك وأي من هذه القطاعات الأكثر فاعلية، كذلك سوف نتحدث عن الموظفين أو رأس المال البشري وهل التعويضات التي تُدفع لهم تتوافق مع النمو الحقيقي في حجم الودائع والقروض والتي تنعكس بدورها على إيرادات البنك أم أن التعويضات ترتفع بدون نمو في أداء البنك.
حقق قطاع مصرفية الأفراد في عام 2018 صافي أرباح بلغ 17.6 مليار ريال بنسبة نمو 12 % وهو أعلى القطاعات البنكية ربحية ورفعت بعض البنوك حصتها السوقية في نشاط تمويل الأفراد بعد التباطؤ الذي حصل في تمويل الشركات وهو ما أثر فعلياً على محفظة مصرف الراجحي المتخصص في تمويل الأفراد التي لم تحقق أي نمو يذكر، أما قطاع مصرفية الشركات فقد حقق صافي أرباح بحدود 16 مليار ريال بنسبة نمو 15 % ومع أن محافظ التمويل إجمالاً لم تنمُ الا بنسب بسيطة الا أن نسبة النمو في أرباح قطاع الشركات تعتبر عالية جداً لعل السبب يعود إلى تراجع نسب التعثر في سداد القروض وبالتالي كان تجنيب المخصصات لها أقل من العام السابق وكذلك رفع أسعار الفائدة خلال العام المنصرم 4 مرات مما أثر على زيادة العائد على القروض وخصوصاً القروض ذات النسب المتغيرة أو الجديدة وهو ما يفسر زيادة نسبة النمو في الأرباح عن مصرفية الأفراد والتي عادة تكون القروض لديها متوسطة الأجل تصل إلى خمس سنوات وبأسعار فائدة ثابتة ولذلك لا يظهر أثر رفع سعر الفائدة الا على القروض الجديدة أو عمليات إعادة التمويل، قطاع الخزينة والاستثمار حقق نمواً في الأرباح في حدود 14 مليار ريال بنسبة نمو تقدر بـ12 % أما قطاع خدمات الاستثمار والوساطة فقد تراجعت أرباحه إلى 2.48 مليار ريال بنسبة -4 % عن العام السابق.
رأس المال البشري في البنوك لم يشهد نمواً خلال العام 2018 بل تراجع في سبعة بنوك لعل أبرزها بنك الرياض وبنك ساب اللذين خفضا عدد موظفيهم بنسبة 6 % بينما رفع بنك البلاد عدد موظفيه في حدود 14 % ومصرف الإنماء بنسبة تقدر بـ 8% وهذا يتوافق عملياً مع النمو في ودائع البنكين ومحافظ قروضهما، نأتي الآن إلى التعويضات التي دفعتها البنوك لموظفيها وهل تتوافق مع النتائج المحققة في آخر العام؟
دفعت البنوك إجمالي تعويضات خلال العام 2018 حوالي 15 مليار ريال وهذه التعويضات تشمل الرواتب الأساسية مع البدلات والتأمينات الاجتماعية والتأمين الطبي وكذلك الحوافز سواء ما يدفع نقداً أو أسهماً، متوسط التعويضات السنوية للموظف في حدود 232 ألف ريال، البنك السعودي الفرنسي هو أكثر البنوك سخاء على موظفيه بمتوسط 333 ألف ريال في السنة وبنسبة نمو 5 % عن العام السابق وهو لا يتوافق أبداً مع نتائج البنك التي تراجعت أرباحه بنسبة 6 % والودائع تراجعت 2 % ومحفظة القروض كذلك تراجعت 1 % ولكن ما يحسب للبنك أنه خفض تعويضات التنفيذيين بحدود 3 % بمتوسط 4 ملايين للتنفيذي في السنة ولا يزال هذا الرقم أعلى من متوسط تعويضات البنوك للتنفيذيين، مصرف الإنماء يأتي في المرتبة الثانية بمتوسط تعويضات في حدود 330 ألف للموظف في السنة وهو يتوافق تماماً مع نتائج البنك وهو ما يفسر نجاح المصرف خلال السنوات الماضية حيث استقطب كفاءات بشرية عالية المستوى والمهنية وصرف عليهم بسخاء وظهر الأثر على نتائج البنك ويُعد من أفضل البنوك السعودية نمواً، أما بنك الرياض فقد دفع تعويضات سنوية للموظف في حدود 185 ألف ريال وهو الأقل بين البنوك.
عدد التنفيذين الذين يتطلب تعيينهم موافقة مؤسسة النقد بلغ 232 تنفيذياً في 2018 بعد أن كانوا 235 تنفيذياً في العام السابق، أبرز من خفض عدد التنفيذيين بنك الرياض الذي خفض العدد من 37 تنفيذياً في العام 2017 إلى 32 تنفيذياً في العام 2018 ومع هذا التخفيض لايزال العدد أعلى من متوسط القطاع البنكي في حدود 19 تنفيذياً أما البنك السعودي الفرنسي فقد خفض التنفيذيين في حدود 11 % في المقابل رفع بنك الاستثمار عدد التنفيذيين بحوالي 21 % وهو لا يتوافق مع نمو البنك، يليه مصرف الإنماء في حدود 13 %، متوسط التعويضات السنوية التي تُدفع للتنفيذي الواحد في حدود 3.4 مليون ريال، بنك الرياض الأقل تعويضاً للتنفيذي حيث لا يزيد متوسط تعويضات التنفيذي لديه عن 1.7 مليون ريال في السنة لعل السبب يعود إلى زيادة عدد التنفيذيين، أما البنوك الأكثر سخاء على تنفيذييها يأتي في المقدمة البنك الأهلي حيث بلغ متوسط التعويضات السنوية التي دفعها للتنفيذي حوالي 5.9 مليون ريال يليه مصرف الراجحي في حدود خمسة ملايين ريال وهو يتوافق مع حجم البنكين من ناحية الموجودات وصافي أرباحها التي تشكل حوالي 42 % من إجمالي أرباح القطاع البنكي.